يعتبر المشير عبدالحكيم وزير الحربية في عهد الرئيس جمال عبد الناصر أكثر قيادات الجيش إثارة للجدل على مر التاريخ فهو الرفيق الأول في تحركات 23 يوليو عام 1952، وهو المتورط الأول مع جمال عبد الناصر في نكسة 1967 والتي تسببت في انهيار الجيش المصري في سيناء أمام قوات الاحتلال وفقد العالم العربي على إثرها القدس وغزة والجولان وسيناء . عُرف “عامر” بالرجل الأوفى والصديق الأقرب لعبد الناصر حيث نشط في حركة الضباط الأحرار خلال الانقلاب على الملك وحصل على ترقيات ومناصب كبرى رغم فشله ميدانيا واستخدمه عبد الناصر في التخلص من خصومه كما عرف عنه فساده الأخلاقي ومغامراته النسائية واستغلاله لمنصبه. النشأة والميلاد: ولد عبد الحكيم علي عامر في 11 ديسمبر 1919، في قرية أسطال بمحافظة المنيا، إحدى محافظات صعيد مصر. نشأ في أسرة ريفية بسيطة، كان والده يعمل مدرسًا. تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في المنيا ثم انتقل إلى القاهرة حيث التحق بالكلية الحربية وتخرج فيها عام 1939. البدايات العسكرية: بدأ عبد الحكيم عامر حياته المهنية كضابط في الجيش المصري، ومع الوقت طور علاقات وثيقة مع زملائه الضباط الذين شكلوا فيما بعد تنظيم الضباط الأحرار، ومن أبرز هؤلاء الضباط جمال عبد الناصر الذي أصبح لاحقًا شريكًا وصديقًا مقربًا له. وعام 1952، كان عبد الحكيم عامر جزءًا أساسيًا من تنظيم الضباط الأحرار الذي خطط لانقلاب 23 يوليو، والتي أنهت الحكم الملكي في مصر وأسست لجمهورية جديدة. في البداية، كان عبد الحكيم عامر يُعتبر من المقربين لعبد الناصر، والذي عيّنه في مناصب عسكرية مهمة. الصعود السياسي والعسكري: بعد نجاح الانقلاب، تدرج عبد الحكيم عامر في المناصب العسكرية والسياسية حتى أصبح القائد العام للقوات المسلحة المصرية عام 1954، وحصل على رتبة مشير. كما تولى منصب نائب رئيس الجمهورية. كان تأثيره على السياسة الداخلية والخارجية المصرية ملحوظًا في تلك الفترة. عامر كان مؤيدًا قويًا لوحدة مصر وسوريا في عام 1958، والتي نتج عنها تأسيس الجمهورية العربية المتحدة. وقد تم تعيينه قائدًا للقوات المشتركة في تلك الجمهورية، إلا أن الوحدة انهارت عام 1961. حرب اليمن (1962-1967) والفشل الذريع: لعب عامر دورًا بارزًا في إرسال القوات المصرية إلى اليمن لدعم الجمهوريين في حربهم ضد النظام الملكي. هذه الحرب، التي استمرت لعدة سنوات، استنزفت الكثير من قدرات الجيش المصري، وهو ما يُعتبر لاحقًا أحد أسباب ضعف الجيش خلال حرب 1967 حيث فشل عامر فشلا ذريعا فيها مما مهد للنكسة. نكسة 1967 وانهيار سلطته: تعتبر نكسة يونيو 1967 هي المحطة الفاصلة في حياة عبد الحكيم عامر. بصفته القائد العام للقوات المسلحة، وُجّهت له الانتقادات الرئيسية لفشل القيادة العسكرية المصرية في التصدي للعدوان الإسرائيلي، حيث تكبدت مصر خسائر فادحة في الحرب. تعرض عامر لضغوط هائلة من الرأي العام والقيادة السياسية، وتفككت علاقته تدريجيًا مع عبد الناصر. بعد الهزيمة، أُجبر عامر على الاستقالة من منصبه وتم اعتقاله لفترة قصيرة. اتهمه الكثيرون بالإهمال وعدم الكفاءة، بينما كان يرى نفسه كبش فداء لحماية النظام السياسي. الوفاة الغامضة: في 14 سبتمبر 1967، توفي عبد الحكيم عامر في ظروف مثيرة للجدل. الرواية الرسمية تشير إلى انتحاره بالسم أثناء وجوده تحت الإقامة الجبرية في منزله. ومع ذلك، تظل الملابسات الحقيقية لوفاته موضع تساؤل وشك من قبل العديد من الباحثين والمؤرخين، حيث يعتقد البعض أنه تعرض للاغتيال بسبب دوره البارز في الجيش وتداعيات نكسة 1967. وجاء في بيان الوفاة: “وقع أمس حادث يدعو إلى الأسف والألم، إذ أقدم المشير عبد الحكيم عامر على الانتحار بابتلاع كمية كبيرة من مواد مخدرة وسامة، ورغم كل الإسعافات الطبية العاجلة، فإنه أصيب أمس بانهيار مفاجئ نتج عنه وفاته”. كان هذا جزءا من البيان المقتضب الذي أذاعه راديو صوت العرب في التاسعة من مساء يوم 15 سبتمبر/1967، وكتبه الصحفي الأقرب إلى السلطة آنذاك، محمد حسنين هيكل، معلنا وفاة الصديق الأقرب للرئيس جمال عبد الناصر والمتهم بالمسؤولية عن نكسة يونيو/1967، بعد 3 أشهر من وقوعها. وفي العاشر من أكتوبر 1967، صدر بيان النائب العام مؤكدا أن المشير “قد تناول بنفسه، عن بينة وإرادة، مادة سامة بقصد الانتحار، وهو في منزله وبين أهله يوم 13 سبتمبر/1967، قضى بسببها نحبه في اليوم التالي، وهو ما لا جريمة فيه قانونا”. وفي حوار سابق مع جريدة اليوم السابع، قال عمرو عبد الحكيم عامر نجل المشير إن هناك 3 تقارير صادرة عن الطب الشرعي الرسمي، وهي جهة قضائية، أي صادرة عن الدولة المصرية في عصور مختلفة، تؤكد أن والده تم قتله، وأن من قتله هم من اعتقلوه.
وحدد عمرو عامر الأشخاص المتهمين بقتل والده وهم “سامي شرف وشعراوي جمعة وأمين هويدي”، علما بأن الأول عمل وزيرا ومديرا لمكتب عبد الناصر، بينما كان الثاني وزيرا للداخلية، والثالث رئيسا للمخابرات. وعن علم عبد الناصر بقتل والده، أوضح عمرو أنه لا يستطيع أن “يفتي فيها” أو يتحقق منها، وأن عبد الناصر مسؤول عن ذلك بحكم أنه رئيس الجمهورية، وبحكم أن المشير كانت إقامته محددة وكونه في قبضة الدولة، وهذا هو القانون والعرف، على حد وصفه. عبد الحكيم عامر، الشخصية المثيرة للجدل، كان أحد أعمدة الحكم في مصر بعد ثورة يوليو 1952. تميز بدوره الكبير في الثورة والوحدة العربية، لكن نكسة 1967 أضرت بسمعته وأدت إلى تدهور علاقته مع رفيق دربه جمال عبد الناصر. وفاته الغامضة أضافت بعدًا مأساويًا لحياته المثيرة، ليظل واحدًا من أكثر الشخصيات التي أثارت جدلاً في تاريخ مصر الحديث.