أثار مشروع قانون جديد في مصر غضب المحامين بشدة، وهو أحدث جولة من الصراع المستمر بين المحامين والسلطات.

يأتي هذا الصدام بعد قانون "الضريبة الإلكترونية"، ليتوجه الآن نحو مشروع قانون "الإجراءات الجنائية" الجديد.

المحامون يرون أن التعديلات المقترحة على القانون، التي جرت دون مشاركة نقابتهم، تمثل انتهاكًا للقواعد القانونية والدستورية.

وأثار قرار رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، الأسبوع الماضي، بإحالة توصيات "الحوار الوطني" حول تعديلات قوانين الحبس الاحتياطي بمشروع قانون "الإجراءات الجنائية" إلى الحكومة لاتخاذ ما يلزم نحوه، تساؤلات جموع المحامين عن دورهم في مناقشة مشروع القانون.

"غضب متصاعد ودعوات لاجتماع عاجل"
أثار ظهور مسودة مشروع القانون الجديد غضبًا واسعًا بين المحامين، حيث اعتبروا أن النصوص المقترحة تهدف إلى تقليص دور الدفاع ومنح مزيد من السلطات للجهتين التنفيذية والقضائية. هذا الغضب دفع بعض المحامين إلى المطالبة بالتصعيد ضد تجاهل الدولة لدورهم ودور نقابتهم، حتى وصل الأمر إلى التهديد باستقالة مجلس نقابة المحامين والنقابات الفرعية، في محاولة لوقف ما وصفوه بـ"الاعتداء على مهنة المحاماة" وضمان العدالة في مشروع قانون الإجراءات الجنائية.
مع تصاعد الغضب، دعا نقيب المحامين عبدالحليم علام إلى اجتماع عاجل لمجلس النقابة العامة والنقابات الفرعية، لبحث التداعيات المرتبطة بمشروع القانون.
في هذا السياق، عبر البرلماني السابق والمحامي عاطف عواد عبر صفحته على "فيسبوك" عن رفضه لتعديلات قانون الإجراءات الجنائية التي تمت دون مشاركة نقابة المحامين، واعتبر ذلك انتهاكًا للقواعد والأعراف والدستور. ودعا إلى تشكيل لجنة من كبار محامي الجنائي في مصر، مثل الدكتور محمد سليم العوا، ومحمد بهاء أبوشقة، ومحمد الجندي، ومنتصر الزيات، وجميل الصغير، والنقيب السابق سامح عاشور، والبرلماني ضياء الدين داود، مشيرًا إلى ضرورة عدم تكرار "خطيئة الفاتورة الإلكترونية".
قدم المحامي محمود الداخلي، عضو مجلس نقابة المحامين وممثلها في جلسات مناقشة مشروع القانون الجديد بمجلس النواب، مذكرة إلى اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أعرب فيها عن تحفظه على بعض المواد الواردة في مسودة مشروع القانون. وأوضح الداخلي، كما نقل موقع "المصري اليوم"، أنه خلال نقاشات اللجنة اعترض على مواد محددة في مشروع القانون وهي: (15- 2/17 - 73 -74- 82- 99- 189 – 242)، لكنه فوجئ بأن مشروع القانون استمر بنفس النصوص التي اعترض عليها.
وأشار الداخلي في مذكرته إلى أن هذه المواد لا تلبي طموحات المحامين، بل تقيد حق الدفاع، وتكمم الأفواه، وتعرض المحامين للتحقيق معهم بل وربما القبض عليهم، وهو ما اعتبره انتهاكًا لنصوص الدستور في المواد (54- 94- 99) وأيضًا لنصوص القانون 17 لسنة 1983.
وأكد أن هذه التعديلات تقلص من دور مهنة المحاماة في ممارسة حقوقها القانونية، وتخلق صراعات بين السلطات القضائية والنيابية والمحامين، بالإضافة إلى أنها تمثل اعتداءً على الحريات وتقييدًا لحقوق الدفاع أمام القضاء والنيابات.
وفي مارس الماضي، أسفرت انتخابات نقابة المحامين عن إزاحة سامح عاشور، الذي كان محسوبًا على السلطة، وانتخاب عبدالحليم علام بدلاً منه، في واقعة لاقت ترحيبًا واسعًا بين المحامين واعتبرها البعض رسالة قوية من المحامين إلى النظام الحالي.
تعد نقابة المحامين، التي تأسست عام 1912، من أقدم النقابات المهنية في العالم العربي، وخرج منها العديد من الشخصيات العامة والمثقفين وقادة العمل السياسي في مصر.
وفي الفترة من نوفمبر 2022 وحتى أبريل 2023، انتفض المحامون ضد قرارات وزارة المالية ومصلحة الضرائب بفرض التسجيل في منظومة الفاتورة الإلكترونية، التي شملت عشرات المهن الحرة مثل الطب والهندسة والمحاماة والفن والمحاسبة القانونية والاستشارات.
نظم المحامون العديد من الوقفات الاحتجاجية في النقابة العامة وفروعها، كما أقاموا طعونًا على القانون أمام المحكمة الإدارية العليا.