تزامنا مع مشاركة الوفد الاسرائيلى المكون من مسؤولين دبلوماسيين، يرأسهم  رئيس جهاز المخابرات "الموساد" دافيد برنياع، في محادثات وقف إطلاق النار بغزة، والتي تُجرى في القاهرة، الأحد هل يكون الوضع الاقتصادى داخل الكيان المحتل عاملا رئيسيا فى اتمام الهدنة .
وتأتي مشاركة الوفد الإسرائيلي في تلك المحادثات، بعد تقارير تحدثت عن إمكانية عدم ذهابه بعد التصعيد الكبير بين إسرائيل ولبنان، الأحد.
التصنيف الائتمانى
خفض تصنيف الاقتصاد الإسرائيلي الائتماني وصل إلى مرحلة طاردة للاستثمارات. هبوط قياسي في نمو الناتج المحلي الإجمالي. ارتفاع مستويات التضخم بما يفوق التوقعات. صعود عجز الموازنة. جمود سياحي وهروب استثماري. تحذيرات من ركود عميق قد يضرب اقتصاد الاحتلال، هجرة واسعة النطاق، تسريح من قطاع التكنولوجيا الفائقة... إذ لم تعد أزمة الاقتصاد الإسرائيلي تخفى على أحد في الداخل أو الخارج، باستثناء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وفريقه، حيث يدأب على إنكار الأرقام التي تشير إلى فوضى مالية عارمة لن تتوقف مع انتهاء الحرب على غزة.
وسخرت هآرتس من "مسارعة نتنياهو لإلقاء اللوم على الحرب رداً على خفض فيتش التصنيف الائتماني". وعلى حد تعبيره "إن الاقتصاد الإسرائيلي قوي ويعمل بشكل جيد"، وإن خفض وكالة فيتش التصنيف الائتماني "هو نتيجة لاضطرار إسرائيل إلى التعامل مع حرب متعددة الجبهات فرضت عليها".
وكانت الحكومة الإسرائيلية تتباهى في السابق بتقارير وكالة فيتش دليلاً على تبرير سياساتها الاقتصادية، فيما سقطت هذه القلعة الأسبوع الماضي. في المقابل، يسعى نتنياهو إلى تأمين استمرارية حكومته حتى الانتخابات في عام 2026، عبر استخدام موازنة 2025 التي لم تقرّ حتى اللحظة. حيث يدرس إمكانية تقديم ميزانية لفترة سنتين 2025-2026. وستسمح له هذه الخطوة بتجنب حلّ الكنيست تلقائياً في 31 مارس/ آذار المقبل إذا لم يجر تمرير الميزانية بحلول ذلك الوقت، وكذلك الحفاظ على ائتلافه.
ويتزايد السخط ضد حكومة نتنياهو، ما يضع الاقتصاد الإسرائيلي أمام حَدّي نفقات العدوان على غزة وتداعياتها من جهة والأزمات الداخلية من جهة أخرى.
العجز الاقتصادى
ويواجه الاقتصاد الإسرائيلي سلسلة من الأزمات، حيث أشارت وكالة فيتش إلى أن العجز المالي المتوقع ونسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي هما السبب وراء هذا القرار. وتعتقد الوكالة أن العجز المالي سيبلغ 7.8% في نهاية عام 2024.
وبحسب وزارة الخزانة، بلغ العجز الحكومي في يونيو/ حزيران 8.1% من الناتج المحلي الإجمالي، أو نحو 155 مليار شيكل (41.8 مليار دولار)، وهو أحد أعلى المعدلات في تاريخ إسرائيل، وهو بعيد كل البعد عن سقف 6.6% المسموح به قانوناً، فيما بدأت إسرائيل عام 2023 من دون عجز الذي شرع في التراكم ما بعد بدء الحرب على غزة.
وقد انكمش الاقتصاد الإسرائيلي في الربع الثاني من عام 2024، وفقاً للبيانات الصادرة الاثنين عن المكتب المركزي للإحصاء، ونشرها موقع "غلوبس". حيث نما الاقتصاد بنسبة 1.2% في الربع الثاني في الفترة من إبريل/ نيسان وحتى يونيو/ حزيران، على أساس سنوي، مما يعكس نمواً سلبياً في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.4% على أساس سنوي، عند تعديله وفقاً للنمو السكاني.
 وبيان خطورة الأزمة الاقتصادية في إسرائيل جاء على لسان تسفي إيكشتاين، في مقابلة مع الصحيفة الاقتصادية كالكاليست الأربعاء الماضي. وقد شغل إيكشتاين سابقاً منصب نائب محافظ المصرف المركزي الإسرائيلي، وهو مؤسس "معهد أهارون للاقتصاد" في جامعة رايخمان. شدد إيكشتاين على خطورة الحالة الاقتصادية الراهنة، واحتمالات التدهور والانهيار الاقتصادي في حال توسعت الحرب إلى جبهات أخرى، مؤدية إلى كارثة اقتصادية. وفقاً لإيكشتاين، فإن الوضع الاقتصادي الراهن سيئ للغاية، ومن المحتمل تدهوره في حال توسعت الحرب مع حزب الله، دافعاً إلى انخفاض الناتج المحلي بـ2.5%، وارتفاع نسبة الدين العام من الناتج المحلي وصولاً إلى 75%، مع تسجيل انخفاض إضافي كبير في التصنيف الائتماني لإسرائيل. أما سيناريو الرعب الذي حذّر منه إيكشتاين فهو الحرب متعددة الجبهات، لأن "مثل هذا السيناريو سيؤدي إلى تدهور اقتصادي كبير، ويمكن أن يؤدي إلى انخفاض كبير في الناتج المحلي الإجمالي يصل إلى نسبة 5% أو أكثر، وإلى ارتفاع نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي إلى قرابة 80%، وارتفاع العجز المالي للحكومة بشكل كبير"، وفقاً له.
على ما يبدو لن تؤدي المفاوضات الحالية إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل، بسبب تعنت الجانب الإسرائيلي، تحديداً نتنياهو، وإصراره على استمرار الحرب عبر إضافة بنود وشروط على كل الاقتراحات لوقفها. بخلاف أساسيات العقيدة العسكرية الإسرائيلية، لم يظهر تصرف متخذي القرار والمؤسسات العسكرية والأمنية، على الأقل لغاية الآن، أنهم ساعون إلى تقليص مدة ومدى الحرب، أو العمل على إنهائها، ولم يعيروا اهتماماً كافياً للأثمان الاقتصادية، على الرغم من الإجماع القائم بأن أي توسيع للحرب سيكون كارثياً للاقتصاد الإسرائيلي، وأن أثمان الحرب البشرية والمادية ستكون كبيرة.