في ظل الظروف الحالية التي تتسم بالتطبيع والخيانة، تبادلت إسرائيل ومصر الاتهامات حول المسؤولية عن منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر رفح. هذا الجدل نشأ بعد أن ادعت إسرائيل في محكمة العدل الدولية أن مصر هي المسؤولة عن منع المساعدات من الوصول إلى القطاع المحاصر، وهو ما نفته مصر بشدة ووصفت هذه الادعاءات بأنها "مزاعم وأكاذيب".
ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، أكد أن الادعاءات الإسرائيلية تفتقر للمصداقية، مشيرًا إلى أن العديد من المسؤولين الإسرائيليين أكدوا علنًا منذ بدء العدوان على غزة أنهم يمنعون دخول المساعدات، خاصة الوقود، كجزء من استراتيجيتهم الحربية ضد القطاع.
الأزمة تتعمق بعد أن رفعت جنوب أفريقيا دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية في ديسمبر الماضي، متهمة إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة. هذه الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أشهر تسببت في دمار هائل وأسفرت عن عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، مما أدى إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة.
خلال مرافعات المحامي الإسرائيلي كريستوفر ستاكر أمام المحكمة، ادعى أن مصر هي التي تسيطر على معبر رفح وليس لإسرائيل أي التزام قانوني فيما يتعلق بإدخال المساعدات عبره. ومع ذلك، رد رشوان على هذه الادعاءات بأن إسرائيل تحاول التهرب من إدانتها المرجحة بجرائم ضد الإنسانية عبر إلقاء اللوم على مصر.
رشوان أوضح أن سيادة مصر تقتصر على الجانب المصري من معبر رفح، بينما يخضع الجانب الآخر لسيطرة فعلية من الاحتلال الإسرائيلي. وأشار إلى أن المساعدات التي تدخل من مصر إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم تخضع للتفتيش من قبل الجيش الإسرائيلي قبل السماح لها بالدخول.
وأكد رشوان أن مصر فتحت معبر رفح من جانبها بشكل مستمر، لكنها تواجه عراقيل من الجانب الإسرائيلي الذي يتعمد تعطيل أو تأخير دخول المساعدات بحجة التفتيش. وأشار إلى أن العديد من المسؤولين الدوليين، بمن فيهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، زاروا معبر رفح لكنهم لم يتمكنوا من عبور الحدود إلى غزة بسبب منع الجيش الإسرائيلي لهم أو خوفهم على حياتهم بسبب القصف المستمر.
رشوان أشار أيضًا إلى أن المفاوضات التي جرت حول الهدنة الإنسانية في غزة، والتي كانت مصر وقطر والولايات المتحدة أطرافًا فيها، شهدت تعنتًا كبيرًا من الجانب الإسرائيلي في تحديد كمية المساعدات المسموح بدخولها إلى القطاع. في نهاية المطاف، تم إدخال كميات محدودة فقط من المساعدات نتيجة لهذا التعنت.
ختامًا، شدد رشوان على أن سيطرة الجيش الإسرائيلي على دخول المساعدات إلى غزة تتضح من مطالبة الرئيس الأميركي جو بايدن بفتح معبر كرم أبو سالم لتسهيل دخولها، وهو ما أعلنه مستشاره للأمن القومي جيك سوليفان. إذا كانت إسرائيل جادة في السماح بدخول المساعدات، فإن لديها ستة معابر مع غزة يمكنها فتحها فورًا للتجارة وليس فقط للمساعدات، خاصة أن التجارة بين غزة وإسرائيل بلغت عام 2022 أكثر من 4.7 مليارات دولار.