على نحو مفاجئ وغير متوقع وبعد جدالات علنية كثيرة خلال الشهرين الأخيرين الماضيين، أُعلن في الصين أمس الثلاثاء عن التوصل إلى اتفاق بين 14 فصيلاً فلسطينياً، على رأسها حركتا حماس وفتح، على المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام وترتيب البيت الفلسطيني، لكن الشارع الفلسطيني قابل اتفاق المصالحة الفلسطينية الجديد، بفتور شديد وعدم تعويل، في ظلّ تكرار الاتفاقات وعدم تطبيقها، من اتفاق القاهرة إلى مكّة والدوحة وصنعاء، وصولاً إلى موسكو ومن ثم بكين.
اتفاق المصالحة الفلسطينية
وعلى الرغم من أهمية ما جرى، إلا أن التعويل على تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية يبقى منوطاً بالسلطة الفلسطينية بشكل أساسي في ظل مطالبات كثيرة، قديمة وجديدة، لم يكتب لها النجاح، بضرورة إصلاح الوضع الفلسطيني الداخلي وإصلاح منظمة التحرير، ركيزة أساسية للمضي بالحالة الفلسطينية نحو النهوض والخروج من حالة الانقسام السياسي والجغرافي.
والفصائل المشاركة في اللقاء والتي توصلت إلى اتفاق المصالحة الفلسطينية هي: فتح، حماس، الجهاد الإسلامي، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، حزب الشعب الفلسطيني، وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، وحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية. وشارك في اللقاء أيضاً: الجبهة الشعبية القيادة العامة، الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا"، جبهة التحرير الفلسطينية، جبهة التحرير العربية، الجبهة العربية الفلسطينية، وطلائع حرب التحرير الشعبية (قوات الصاعقة)، بحسب وكالة الأناضول.
وأعلن عضو المكتب السياسي لحركة حماس، موسى أبو مرزوق، أمس، أن الحركة وقّعت مع الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة فتح، اتفاقية "للوحدة الوطنية" خلال اجتماع في الصين. وقال أبو مرزوق: "اليوم (أمس) نوقّع اتفاقية للوحدة الوطنية، نقول إن الطريق من أجل استكمال هذا المشوار هو الوحدة الوطنية. نحن نتمسك بالوحدة الوطنية وندعو لها". وأوضح في تصريح آخر لوكالة الأناضول، أن الجديد الذي خرج به الاجتماع هو "اتفاق الفصائل على آلية جماعية لتنفيذ بنود إعلان بكين من كافة جوانبه، باعتبار الأمناء العامين نقطة انطلاق الفصائل الفلسطينية، وقد تقرر وضع أجندة زمنية لتطبيق الاتفاق".
كما أوضح عضو المكتب السياسي لـ"حماس" حسام بدران، أن "أهم نقاط الاتفاق كانت على تشكيل حكومة توافق وطني فلسطيني تدير شؤون شعبنا في غزة والضفة، وتشرف على إعادة الإعمار، وتهيئ الظروف للانتخابات، وهذا كان موقف حماس الذي دعت إليه وعرضته منذ الأسابيع الأولى للمعركة".
قال الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون : "إننا اليوم أمام فرصة لإنهاء الانقسام، خصوصاً في ظل دور الصين الثقيل ودفعها للمصالحة، وهذا يعتبر فرصة ذهبية للفصائل الفلسطينية لإنهاء الانقسام، لاسيما من خلال الاستعانة بقوى مثل الصين وروسيا في ظل فشل الاحتلال في حرب الإبادة في غزة والحالة الأميركية الراهنة".
وأشار المدهون إلى أن "الجميع أمام فرصة"، لكنه أعرب عن خشيته من ألا تستطيع السلطة الفلسطينية مواكبة هذا التطور وتبقى لها حساباتها سواء مع الاحتلال أو مع الإدارة الأميركية ويتعطل الأمر كما كل مرة، موضحاً أن الولايات المتحدة ممكن أن تعرقل الاتفاق، خصوصاً أنها تضع فيتو أمام المصالحة الفلسطينية. وتساءل عن قدرة الصين مع الفصائل على تجاوز هذا الفيتو الأميركي، مبيناً أن "هذا يحتاج إلى عمل كبير سواء من السلطة أو الفصائل ولدعم إقليمي عربي لهذه المصالحة، وحتى اللحظة ليست هناك حاضنة عربية حقيقية لإنهاء الانقسام ودعم المصالحة الفلسطينية". كذلك أوضح أن السلطة الفلسطينية غير قادة على تجاوز القيود التي تحيطها من كل جانب، لاسيما أن التزاماتها مع إسرائيل ومع غيرها "مقيدة جداً لأي تحرك سياسي حقيقي ينهي معاناة الشعب الفلسطيني ويوصله إلى الوحدة وإنهاء الانقسام".