دى اختراق شاشة إعلانات أمام أحد المراكز التجارية في شارع فيصل في العاصمة المصرية القاهرة، وعرض فيديو ينتقد ويتهكم على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى توقف كثير من المارة أمامها لتوثيق ما يحدث أمامهم لأول مرة.
وبدا الحادث نوعا من المعارضة للسيسي، في وقت تمنع فيه السلطات المصرية أي شكل من أشكال التظاهر والاحتجاج. 
وانتشر الفيديو الذي وصف السيسي بأنه "قاتل" بشكل مباشر على نطاق واسع، بعد يومين من الدعوات للتظاهر تحت ما سمي بـ"ثورة الكرامة" بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد. 
ذكرت تقارير أن سلطات الأمن انتشرت بشكل كثيف وسارعت لإغلاق الشارع وقطع الكهرباء عنه واعتقال عدد من المارة بشكل عشوائي، بحسب ما أفادت "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان". 
ويأتي هذا الفيديو ضمن سلسلة فيديوهات من مصريين يعبرون فيها تارة عن استيائهم من قطع الكهرباء في إطار خطة الحكومة لتخفيف الأحمال المستمرة منذ العام الماضي، وغلاء الأسعار تارة أخرى. 
ويرى الحقوقي المصري، معتز الفجيري، أن فكرة اختراق شاشة عرض في أحد المراكز التجارية "فريدة من نوعها"، لكنه يؤكد أن "الاحتجاج الاجتماعي في مصر دائما متجدد ولم يقف، حتى أنه تحول إلى خروج تظاهرات عندما كانت السلطة قد تمكنت من السيطرة تماما على مقاليد الأمور في سبتمبر 2019، حين دعا المقاول المصري محمد علي إليها ما أدى إلى اعتقال آلاف الأشخاص، وفي 2020 بسبب قانون المباني حينها". 
وقال إن "التعبير عن الغضب من خلال فيديوهات تهكم على شخص السيسي أو الأوضاع الاقتصادية أو الاجتماعية أمر متوقع في دولة بتعدادها السكاني الكبير وما تشهده من تفاوت اجتماعي مهول وعدد كبير ممن هم تحت خط الفقر وسياسات النظام الاقتصادية والاجتماعية مع وجود التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي التي لم تخل من الاحتجاج في ظل سطوة القمع". 
من جانبه يرى رئيس تحرير صحيفة روزا اليوسف الحكومية السابق أحمد باشا في حديثه مع موقع "الحرة" أن الفيديو الذي تم عرضه على شاشة في شارع فيصل بالقاهرة "ما هو إلا عبارة عن محاولة بائسة من جماعة الإخوان الإرهابية بعد أن فشلت في دعوات التظاهر يوم الجمعة الماضي بحثا عن لقطة سياسية تثبت تواجدها غير الحقيقي في الشارع لإثارة البلبلة والفوضى في البلاد". 
لكن الفجيري يرد بأن "الدولة من خلال مؤيديها ولجانها الإلكترونية تحاول من جانبها دائما جعل أي محاولة للاحتجاج ترتدي ثوب الإخوان المسلمين". 
وقال: "اتهام جماعة الإخوان كان يمكن أن يكون له صدى في السنوات التي تلت إزالة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي وحتى 207 أو حتى 2019، لكن الآن هناك أجيال جديدة لا تشعر بالراحة في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الحالية وأصبحت تتذمر وستجد طرقا مختلفة للتعبير عن غضبها". 
ويبق التساؤل عما إذا كانت الفيديوهات التي توجه غضبها نحو السيسي تعبر عن تحرك ما في الشارع المصري أو مقدمة لشيء ما. 
ويرى باشا أنه "لا توجد دولة في العالم تخلو من المشاكل وشعبها راض عن حكومتها مئة في المئة. بالتأكيد هناك مساحات من القصور ومساحات من أشكال التعبير عن الغضب والاحتجاج وهذا أمر صحي وطبيعي في كل المجتمعات لكن فكرة استغلاله سياسيا لإثارة الفوضى والقلاقل أمر مرفوض، والشارع المصري لم يستجب لكل هذه الدعوات على مدار 12 سنة، وكلها تفشل مهما كانت التحديات التي تواجه الدولة المصرية". 
ويعتقد الفجيري أن "هذه الفيديوهات ما هي إلا عبارة عن تعبير فردي عن غضب وإحباط من السياسات العامة في ظل تصحر وفقر سياسي كبير في الحالة المصرية، لكن لا أثر لهذه الاحتجاجات الفردية في المجمل العام بمعنى أنها لا تتحول إلى حركة سياسية أو احتجاج جماعي". 
وقال إن "هدف الأحزاب الموجودة هو تأمين عدد من مقاعد البرلمان، لكن ما هو موقفها من السلطة الحالية والحكومة الجديدة والإصلاحات الاقتصادية التي تتفاوض عليها مع صندوق النقد الدولي. كل هذا غائب بدليل أن واحدا مثل النائب السابق أحمد الطنطاوي حاول أن يرشح نفسه للرئاسة أمام السيسي وجذب الكثير من الناس حوله لم يتحول هذا الفعل إلى حركة سياسية تستطيع أن تواجه النظام فتكون السلطة في حالة رد الفعل". 
وأضاف أن السلطة هي اللاعب الوحيد واستطاعت أن تخلق هياكلها التي تلعب أدوارا وظيفية لخدمتها"، مشددا على أن تفاقم الغضب وحده لا يصنع تغييرا سياسيا". 
وأوضح أن "هناك مجتمعات كثيرة انهارت وتحللت وتفككت والسلطة المستبدة لا تزال قائمة، لكن قد تساعد الاحتجاجات الفردية على نمو الحركات السياسية".