شهد مكاتب استخراج تصاريح الإقامة عبر مكاتب الجوازات المصرية ومفوضية اللاجئين في العاصمة المصرية القاهرة ازدحاماً كثيفاً للمهاجرين واللاجئين في مصر الذين يخشون اتخاذ إجراءات أمنية بحقهم.

وأعطت حكومة الانقلاب أجلاً  بنهاية يونيو 2024 للوافدين والمقيمين واللاجئين لتسجيل بياناتهم بالجهات الرسمية واستخراج "بطاقة التسجيل"، التي تسمح بتقديم الخدمات، وذلك ضمن خطة الدولة لحصر جميع الأجانب المقيمين داخل البلاد.

وحسب ما رصد فإن هذه المكاتب تعرف حالة من الفوضى، كما أن هناك غياباً لأي إجراءات تنظيمية تضمن الاستجابة لاحتياجات اللاجئين الذين فر أغلبهم من الصراعات الدائرة بالسودان واليمن وقطاع غزة.


زحام كثيف ونصابون ينتشرون حول مكاتب المفوضية
تقول إيمان عثمان، اسم مستعار لربة منزل سودانية، إنها فقدت الأمل في الحصول على الإقامة في مصر، وإنها كانت من بين مئات الآلاف الذين دخلوا الأراضي المصرية بطرق غير شرعية شهر أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وقالت المتحدثة: "دخلت مصر بعدما اتخذت الحكومة المصرية قراراً مفاجئاً في مطلع شهر يونيو 2023 بإلزام الفئات التي لا تحتاج إلى تأشيرة للدخول إلى البلاد وفقاً لاتفاقية الحريات الأربع باستصدار تأشيرة دخول إلى مصر اعتباراً من يوم 10 من الشهر نفس.

وأضافت أنها تقطن في إحدى المناطق الشعبية لكنها تخشى كل يوم أن يتم ترحيلها هي وأبنائها الأربعة بعدما وصلها إليها ترحيل العشرات ممن جرى ضبطهم دون أوراق ثبوتية.

وقالت المتحدثة "أنا بحاجة إلى إصدار "الكارت الأصفر" من مفوضية اللاجئين حتى استخراج الإقامة المصرية، وفي البداية حاولت الوصول إلى المفوضية عبر الأرقام التي أعلنتها لكن دون أي ردود على مدار شهر ونصف تقريباً".

وأشارت المتحدثة إلى أنها اتخذت قراراً بالذهاب إلى أحد مكاتبهم في منطقة الزمالك بالقاهرة، لكنها وجدت زحاماَ كثيفاَ واستمرت في التردد عليها لما يقرب من أسبوع.

وتضيف قائلة: "في كل مرة كنت أذهب إلى هناك عقب صلاة الفجر، وأجد المئات يفترشون الأرض، وقبل أن يأتي دوري تكون المفوضية قد اكتفت بالعدد المطلوب، خاصة أن هناك أشخاصاً يكون لديهم مواعيد مقابلات.

وعلى مدار أسبوع حاولت فقط أن أسجل اسمي لكي يتم تحديد موعد يتم بعده استخراج الكارت الأصفر؛ لكني وقعت أسيرة لمجموعة من النصابين وعدوني بتسهيل مهمة تحديد موعد اللقاء في مقابل 500 جنيه.

وقال لي أحد الأشخاص وهو سوداني الجنسية إنه يعمل بالمفوضية، وإن بيده تسهيل إجراء اللقاء خلال شهر واحد إذا دفعت مبلغ 2000 جنيه، لكن ظروفي الصعبة وعدم الثقة به جعلتني أكتفي بدفع 500 جنيه فقط.

وأشارت إلى أنها "فوجئت بتحديد موعد في مطلع يونيو المقبل، وطوال الأشهر الماضية لم أستطع أن أعيش حياتي بشكل طبيعي ولم أتمكن من التقديم للأولاد بالمدرسة، وفات عليهم العام الدراسي، وأخشى ترحيلي في حال لم أتمكن من استخراج الإقامة في التوقيت الذي حددته الحكومة المصرية.

وفي الوقت ذاته، تقول المتحدثة: ليس لدي القدرة على دفع ثمن مخالفة الدخول إلى الأراضي المصرية لتسريع استخراج الإقامة بعيداً عن المفوضية؛ لأنه سيكون علي دفع مبلغ 1000 دولار للفرد الواحد، أي أنني بحاجة لدفع 5000 دولار، وهو مبلغ غير منطقي ولا يمكن دفعه.

وألزم رئيس وزراء العسكر، مصطفى مدبولي الأجانب المتقدمين الذين يريدون الحصول على إقامة للسياحة وغير السياحة بدفع رسوم الإقامة أو غرامات التخلف أو تكاليف إصدار بطاقة الإقامة بالدولار أو ما يعادله من العملات الأجنبية.

وتضمن القرار إلزام الأجانب المقيمين بالبلاد بصورة غير شرعية بتوفيق أوضاعهم وتقنين إقامتهم، شريطة وجود مستضيف مصري مقابل إيداع مصروفات إدارية تعادل 1000 دولار بالحساب المخصص بالبنوك المصرية.

تراجع أدوار السفارات لدول تشهد صراعات
ويجد اللاجئون أنفسهم في مأزق ولا يعرفون كيف يتصرفون في ظل تراجع أدوار السفارات المرتبطة بدول تشهد صراعات ليس لديها أساليب الضغط التي تساعد في تسهيل الإجراءات.

وقال منصور عامر، وهو اسم مستعار للاجئ يمني جاء إلى القاهرة قبل عامين تقريباً، إنه يجد صعوبة بالغة في تجديد إقامته بسبب التكدس على مكاتب الجوازات المصرية في العاصمة القاهرة.

وأضاف المتحدث  أنه لم يجد صعوبة في تجديد الإقامة، لكن مع اقتراب موعد التجديد ذهبت إلى أكثر من مكتب وكانت المفاجأة بوجود أعداد هائلة من جنسيات مختلفة تريد تقنين أوضاعها.

وأكد المتحدث أنه لا يعلم ماذا سيفعل في حال لم يجدد إقامته، وفي كل يوم يذهب إلى مكاتب الجوازات يكون بحاجة للبقاء ساعات طويلة، وفي النهاية يطلب الموظفون الانصراف لانتهاء مواعيد العمل.

وأشار المتحدث إلى أن الإجازات ساهمت في تكدس أعداد أكبر، والجميع لديه تساؤل واحد ومشروع لماذا لا يكون هناك مكاتب ومقرات عديدة لاستيعاب كل هذه الأعداد طالما أن الدولة المصرية قررت تشديد إجراءاتها لترحيل المخالفين؟
وأكد أن عملية تجديد الإقامة أو استخراجها تبقى من أصعب الإجراءات التي يتضرر منها الأجانب في مصر، وهناك حالة من الروتين الحكومي القاتل الذي يتسبب في كثير من الأحيان بترحيل أفراد دون تقصير منهم.

وحسب المتحدث، فإن أي تأخير في تجديد الإقامة يترتب عليه دفع غرامات مالية يتحملها اللاجئون رغم أنها مسؤولية الجهات التي تؤخر عملها وكأن هناك تعمداً في تأخيرها لإجبارنا على دفع الغرامة.

وأشار إلى أن مفوضية اللاجئين هي الأخرى لا تقوم بعملها على أكمل وجه، وهناك خلل في نظام عملها يؤدي إلى طول فترة الانتظار الخاص بإجراء مقابلة مع موظفي المفوضية، التي قد تتراوح بين 4 إلى 6 أشهر.

وتمتد هذه العملية إلى إصدار رقم مرجعي الذي يمهد للحصول على تصريح إقامة، وتبلغ مدة هذه العملية قرابة عام كامل للحصول على إقامة سارية تمتد صلاحيتها إلى ستة أشهر بحد أقصى.