قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، "يتفاوض الآن ويناور على عدة جبهات في وقت واحد"، بما في ذلك من خلال العملية العسكرية المحدودة في رفح، من أجل "ضمان بقائه في السلطة"، وخوفًا من محاكمته وذهابه إلى السجن.

وحسب الصحيفة، فإن "تحذيرات إسرائيل الأخيرة للفلسطينيين في أجزاء من رفح بالانتقال إلى المناطق التي صنفتها على أنها آمنة، وما أعقبها من سيطرة الجيش على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، كان بمثابة إشارة إلى ائتلافه الحكومي اليميني، وإلى حماس، وإلى الإدارة الأمريكية، أنه سيستمر في إعطاء الأولوية لمصالح إسرائيل الأمنية".

ويهدد شركاء نتانياهو في الائتلاف اليميني بتفكيك الحكومة، إذا وافق على وقف إطلاق النار و"عدم القضاء على حماس" في رفح جنوبي غزة.

ومن جهة أخرى، يضغط حلفاء إسرائيل، خاصة الولايات المتحدة، للموافقة على هدنة، وتجاوز الخسائر المحتملة في صفوف المدنيين التي قد تتسبب فيها عملية واسعة النطاق في رفح، وفق الصحيفة.

 

4 قضايا فساد مصيرها السجن

وقال الدكتور مصطفى البرغوثي، أمين المبادرة الوطنية الفلسطينية، إن نتنياهو متهم في 4 قضايا فساد، وهذا سيؤدي على الأغلب إلى سجنه، لهذا يسعى لتصعيد الحرب في الشمال ومناطق أخرى.

وأشار خلال مداخلة لقناة القاهرة الإخبارية، إلى تآكل الموقف الإسرائيلي الداخلي لأنهم فشلوا في التطهير العرقي واسترداد المحتجزين، فشلوا في بسط سيطرتهم على الأماكن التي دخلوها في غزة فشلًا ذريعًا، وإسرائيل تواجه أزمة كبيرة، ولن تستطيع أن تستمر مع هذه الخسائر البشرية والحرب طويلة جدًا، كما أن اقتصادها على وشك الانهيار، وتواجه عزلة دولية، وفقًا لـ"الأهرام".

وأردف: "المقاومة أرسلت نتنياهو لنهايته السياسية ولا يستطيع الهروب من ذلك"، وتوقع البرغوثي حدوث تغيرات كثيرة، لعدة أسباب هي: فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها، صمود المقاومة الباسلة، وعدم قدرة إسرائيل على احتمال الخسائر البشرية الكبيرة، خطر انهيار الاقتصاد، العزلة الدولية التي تتصاعد،  موضحًا: "كل هذه عوامل ستلجم إسرائيل".

 

"البقاء السياسي"

ونقلت "نيويورك تايمز" عن سفير الولايات المتحدة السابق لدى إسرائيل، دانييل سي كيرتزر، قوله: "يتم سحب نتانياهو في اتجاهات مختلفة.. ويواجه ضغوطًا متزايدة للرد".

و"يسعى نتانياهو في المقام الأول إلى تجنب إجراء انتخابات جديدة، مما قد يعني فقدان السلطة، وإعادة إحياء القضايا المختلفة ضده"، وفق كيرتزر، الذي أضاف: "البقاء السياسي يحتل دائمًا المرتبة الأولى في حسابات نتانياهو"، وفقًا لموقع "الحرة".

وإلى جانب الضغوط من "المتطرفين في ائتلافه الذين يريدون مواصلة الحرب"، حسب كيرتزر، فإن نتانياهو يواجه أيضًا ضغوطًا من عائلات الأسرى، الذين يريدون من الحكومة إعطاء الأولوية لوقف إطلاق النار والإفراج عن المزيد من الأسرى المحتجزين في غزة.

وأشار سفير الولايات المتحدة السابق لدى إسرائيل، إلى أن "الضغوط الخارجية تأتي من مسؤولي إدارة (الرئيس الأميركي جو) بايدن والبعض في الكونغرس، الذين بدأ صبرهم ينفد بشأن الوضع الإنساني.. إنهم يريدون وقف إطلاق النار ويعارضون الهجوم الكبير على رفح، هذا إلى جانب التهديد الحقيقي والمستمر بالتصعيد، خاصة من حزب الله".

ويسعى نتانياهو إلى الحفاظ على تماسك ائتلافه الحاكم، الذي يضم 64 مقعدًا في الكنيست (البرلمان) المؤلف من 120 مقعدًا، وهو أغلبية ضئيلة.

 

"ليس في عجلة من أمره"

وقال دانييل ليفي، المفاوض الإسرائيلي السابق الذي يقود الآن "مشروع الولايات المتحدة/ الشرق الأوسط"، وهو معهد سياسي غير ربحي: "نتانياهو ليس في عجلة من أمره لإنهاء الحرب".

وأضاف للصحيفة الأمريكية: "إنه لا يريد اتفاق وقف إطلاق نار يهدد ائتلافه أو قدرته على مواصلة الحرب بعد التوقف (الهدنة). فهو يريد أن يطيل أمد كل شيء، لأنه بمجرد انتهاء الحرب، ما هو العذر لعدم إجراء انتخابات جديدة؟".

ووفقا لـ"نيويورك تايمز"، فإن الموافقة على شكل من أشكال وقف إطلاق النار المؤقت على مراحل، كما هو مقترح في المفاوضات الحالية، "يمكن أن يسمح لإسرائيل بالتعامل مع ما تقول إنها كتائب حماس الأربع الموجودة في رفح، بوتيرة أبطأ بكثير، على مدى أسابيع عديدة، خاصة بعد السيطرة على حدود قطاع غزة مع مصر".

وقالت: "من شأن ذلك أيًضا أن يعيد المزيد من الأسرى إلى إسرائيل، ليس جميعهم، مما قد يساعد في تقليص المسيرات المناهضة للحكومة التي تقودها في كثير من الأحيان أقارب الأسرى".

 

دعوات للاستقالة

وجه وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق أفيغدور ليبرمان، اليوم الخميس، انتقادات حادة لنتنياهو، ودعاه للاستقالة من منصبه.

وقال ليبرمان وهو زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المعارض، لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية: "أقول: نتنياهو، كيف لا تخجل من الاستمرار كرئيس للوزراء؟.. تحمل المسؤولية بالفعل وعد إلى منزلك"، وفقًا لـ"الأناضول".

وبشأن العلاقة مع الولايات المتحدة، أضاف: "نحن نعيش بفضل الكرم الأمريكي، ولو لم تستخدم الولايات المتحدة حق الفيتو في مجلس الأمن (في فبراير ضد وقف إطلاق النار في غزة) لكان العالم كله قد أنهى العلاقات معنا منذ زمن طويل".

وأضاف: "وما تدهور العلاقة معهم (الأمريكيين) إلا لأن نتنياهو يريد البقاء بأي ثمن، فهو لا يهمه أمر الوطن، ولا اعتبار له سوى البقاء السياسي".

وأشار إلى أن "نتنياهو يفضل التوصل إلى اتفاق مع السعوديين، وإعلان الدولة الفلسطينية، والذهاب إلى الانتخابات".

وعن ذلك، قال ليبرمان إن "السعوديين يريدون السلام مع إسرائيل، ليس بسببنا، بل لدفع البرنامج النووي غير السلمي إلى الأمام في الكونجرس الأمريكي".

ولم يصدر على الفور تعقيب سعودي رسمي على ما قاله ليبرمان.

وبشأن الانتخابات، أضاف: "يجب أن أعمل بكل قوتي لإقناع السياسيين بتقديم موعد الانتخابات، ويجب أن يفهموا أيضًا أن هذه ليست لعبة أطفال، ويجب علينا أن نرتفع فوق أي اعتبار آخر، وأن نذهب إلى الانتخابات".

وحذر من أن "أكثر من يعاني حاليًا هي الشركات الناشئة، وسوف نفقد الشباب الذين يأخذون أجهزة الكمبيوتر المحمولة ويغادرون إسرائيل".

 

حكومة لا تستحق البقاء

ومن جهتها، اعتبرت وزيرة الاستيطان الإسرائيلية أوريت ستروك، أن مقترح صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس "فظيع"، وادعت أن الحكومة التي تضحي بكل شيء من أجل استعادة 22 أسيرًا إسرائيليًا "لا تستحق البقاء".

جاء ذلك وفق تصريحات ستروك لإذاعة الجيش الإسرائيلي، وهي من حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف الذي يتزعمه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.

وقالت ستروك: "الصفقة فظيعة، والحكومة التي ترمي كل شيء في سلة المهملات لإعادة 22 أو 33 شخصًا (الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة) ليس لها الحق في البقاء".

وفي تعقيبه على تصريحات الوزيرة، قال زعيم المعارضة يائير لابيد في منشور عبر منصة إكس: "إن حكومة تضم 22 أو 33 عضوًا متطرفًا ليس لها الحق في البقاء".

وبينما أيد لابيد في أكثر من مناسبة أي صيغة اتفاق تعيد الأسرى الإسرائيليين لدى "حماس"، أعلن بن غفير ووزير المالية زعيم حزب "الصهيونية الدينية" معارضتهما للتوصل إلى اتفاق.

 

لابيد يطالب بتنحي نتنياهو

كما دعا زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، في 22 من إبريل الماضي، بنيامين نتنياهو إلى التنحي، اقتداء برئيس الاستخبارات العسكرية في تقديم استقالته؛ على خلفية الفشل منذ هجمات حركة "حماس" 7 أكتوبر.

وفي وقت سابق، أعلن الجيش أن رئيس الأركان هرتسي هاليفي قبِل استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية أهارون حاليفا؛ لفشله في التنبؤ بهجوم 7 أكتوبر الماضي، على أن يتم تنفيذ الاستقالة خلال أسابيع قليلة.

وقال لابيد، في منشور مقتضب عبر حسابه بمنصة "إكس": إن استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية "أمر مشرف ومبرر، وكان من المناسب أن يحذو نتنياهو حذوه".

وتتهم المعارضة نتنياهو (74 عامًا)، أكثر رئيس وزراء بقاءً في منصبه، بالفشل في التعامل مع هجمات 7 أكتوبر والعجز عن تحقيق أهداف الحرب على غزة، ولاسيما القضاء على "حماس" وإعادة الأسرى الإسرائيليين.

 

58 % من الإسرائيليين يؤيدون استقالة نتنياهو

أظهر استطلاع للرأي العام، أن 58 بالمئة من الإسرائيليين يؤيدون استقالة نتنياهو من منصبه فورًا.

جاء ذلك وفق نتائج استطلاع أجرته القناة 12 الإسرائيلية، نشرت نتائجه مساء الثلاثاء 30 من إبريل الماضي، وشمل عينة عشوائية تضم 500 شخص.

وكشف الاستطلاع أن 58 بالمئة من الإسرائيليين يعتقدون بأن على نتنياهو الاستقالة من منصبه فورًا، بينما رأى 48 بالمئة من المشاركين أن على وزير الدفاع يوآف غالانت الاستقالة، فيما أيد 56 بالمئة منهم استقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار.

وأشارت القناة أن "نصف الجمهور أيد الاستقالة الفورية لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي".

وعن الانتخابات، أيد 54 بالمئة من المشاركين إجراء انتخابات مبكرة، وفق نتائج الاستطلاع. وأيد 37 بالمئة استقالة كل من زعيم حزب "الوحدة الوطنية" الوزير بحكومة الحرب بيني غانتس، والوزير في حكومة الحرب غادي آيزنكوت.

واعتبر 36 بالمئة من المشاركين أن غانتس هو الأنسب لرئاسة الحكومة، مقابل 30 بالمئة قالوا إن نتنياهو هو الأنسب للمنصب.

وأشارت نتائج الاستطلاع إلى أنه لو جرت انتخابات اليوم، فإن حزب غانتس سيحصل على 31 من مقاعد الكنيست الـ 120.

فيما يحصل "الليكود" برئاسة نتنياهو على 18 مقعدًا، أما حزب "هناك مستقبل" برئاسة زعيم المعارضة يائير لابيد فيحصل على 15 مقعدًا.

ومن أجل تشكيل الحكومة، يلزم الحصول على ثقة 61 عضوًا على الأقل.

ولا تلوح بالأفق انتخابات قريبة في ظل إصرار نتنياهو على عدم إجرائها في وقت الحرب على قطاع غزة.

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، الخميس، ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى "34 ألفًا و904 شهداء و78 ألفًا و514 جريحًا" منذ 7 أكتوبر 2023.

وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فورًا، وكذلك رغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.