بعد تصريحات حكومية في تل ابيب تهاجم الوساطة القطرية، أثار ذهاب مكتب حركة حماس إلى مقابلة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مكتبه الرئاسي بتركيا هوسا عند المحللين الصهاينة فالكاتب "الاسرائيلي" يوسي مليمان قال: " بعد أن صرح نتنياهو وغلانت بأنهم سيصفون قيادة حماس بقطر، وبعد أن صعدوا مع قادة قطر، ذهلوا ويترجون ألا يتم نقل هنية ومشعل وأبو مرزوق إلى تركيا.".
 

وأوضح أنه ".. لأنه مع أردوغان كل شيء غير متوقع، وسوف نشتاق إلى قطر لأننا بحاجة إلى وسطاء لإعادة الأسرى.".


ونقل موقع الخليج أون لاين عن الإعلام العبري أن "قطر الرسمية لا تصريحات إشكالية لديها تجاه إسرائيل مثل القيادة التركية".


وأضاف الإعلام العبري أن "الهجوم الإسرائيلي على قطر جاء رغم أن "إسرائيل" هي من طلبت من الدوحة عبر الولايات المتحدة استضافة قيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في أراضيها، وأن الجيش الإسرائيلي هو من زود قطر بأسماء العائلات المحتاجة في غزة"..


وحذرت صحيفة "هآرتس" العبرية، من خسارة دور قطر كوسيط بين "إسرائيل" وحركة حماس، على ضوء إعلان الدوحة أنها بصدد إعادة تقييم دورها في الوساطة. 


ونقلت قناة كان عن مصادر: "إسرائيل قلقة من انتقال محتمل لقيادات حركة حماس من قطر إلى تركيا.."، مضيفين أنه "لا دولة في العالم قادرة على التوصّل إلى اتفاق غير قطر".


السبب في صرخات الإعلام والمحللين الصهاينة ربما يقف وراءه تلويح حماس بدور تركي في هذا الصدد، سبق أن رفضته أمريكا كما رفضت الضامن الروسي أيضا، وأوضح الكاتب والمحلل الفلسطيني أحمد الحيلة ل"قدس برس" عن اعتقاده أنه يمكن لتركيا أن تتحرك بمسارين، "الأول سياسي، مستخدمة علاقاتها في (ناتو)، لوقف العدوان على غزة، واستعادة زمام المبادرة تحت عنوان الدولة الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في الاستقلال وتقرير المصير".
 
أما المسار الثاني بحسب "الحيلة"، فهو: "إنساني بتكثيف تركيا ضغوطها لإدخال المزيد من المساعدات لقطاع غزة، ولعل لقاء وزير خارجية تركيا هاكان فيدان بوزير خارجية مصر سامح شكري في أنقرة في ذات اليوم الذي استقبل فيه الرئيس أردوغان وفد حركة حماس، يشير إلى أهمية توظيف العلاقات التركية المصرية لممارسة الضغط على الاحتلال، وعلى واشنطن".
 
رسالة تضامن مؤثر

ونقلت "قدس برس" عن المحلل السياسي التركي حمزة تكين، أن لقاء أردوغان هنية الأخير في إسطنبول "يتميز بأنه معلن ومن هنا تأتي الرسالة أن اللقاءات بين الجانب التركي وقادة حماس لم تنقطع يوما، ومن ثم الجديد هو أن هذا اللقاء أمام الكاميرات" وفق قوله.
 
واعتبر "تكين" أن "هدف اللقاء وهدف إعلانه هو إرسال رسالة واضحة إقليميا ودوليا، إن تركيا حاضرة، وبقوة في الملف الفلسطيني، وفي ملف غزة بالتحديد، وفي ملف الاعتراف بالمقاومة الفلسطينية، رغم قيام قوة غربية كبرى بتصنيف هذه المقاومة ضمن لائحتها الإرهاب، ومن ثم هذا تحد تركي لتلك القوى".

وحذر من أن "رفض الاحتلال الإسرائيلي أن تكون تركيا الضامنة في أي اتفاق في غزة، سيؤثر سلبا بكل تأكيد على مسار المفاوضات، لأنه كما هو واضح، فإن المقاومة متمسكة أن تكون تركيا وكذلك روسيا دول ضامنة في أي اتفاق مقبل".
 
وشدد تكين على أن "أي تعنت من قبل الاحتلال تجاه تركيا سيقابل بمزيد من العقوبات التركية تجاه الاحتلال، ورأينا العقوبات الاقتصادية التركية ضده ورأينا التدهور الدبلوماسي بين تركيا والاحتلال، وكل التحركات التركية على مختلف الأصعدة الداعمة لفلسطين" على حد قوله.


وأتت الزيارة بعد خطاب جديد لأردوغان وحزب العدالة والتنمية بخصوص حماس (التشبيه بالقوى الوطنية لحرب الاستقلال التركي)، وقرار مستجد بخصوص التجارة مع الاحتلال، ولقاء رسمي وعلني أول منذ بدء الحرب.


وأتت الزيارة بعد قرار الحكومة التركية تقييد تصدير 54 منتجا لدولة الاحتلال في التاسع من نيسان الجاري "حتى تعلن إسرائيل وقفا فوريا لإطلاق النار بغزة وتسمح بتقديم مساعدات كافية ومتواصلة للفلسطينيين".


إلا أن نائب رئيس حزب العدالة والتنمية ووزير الاقتصاد الأسبق، نهاد زيبكجي، دعا في تصريحات له قبل أيام لإعادة النظر في القرار واعتماد "عملية فلترة أكثر حساسية" للتجارة مع دولة الاحتلال، مدافعا عن "أقسام في التجارة لا تضر أحدا" مع "إسرائيل" التي "تجمعنا معها اتفاقية تجارة حرة"، ما أوحى باحتمال العودة عن القرار أو تعديله.


الكاتب سعيد الحاج في تحليل له عبر (عربي 21) رأى أن المتغير في تحولات تركيا لا يبدو -مجددا- أن الرفض "الإسرائيلي" لمشاركة أنقرة في إلقاء المساعدات من الجو سبب كاف لتفسير كل ما سبق، ما يدعو للبحث عن أسباب ودوافع أخرى أكثر تأثيرا.


متغيرات أربعة

وقال إن المتغير الأول المنطقي هو نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة في تركيا التي تراجع فيها العدالة والتنمية أمام الشعب الجمهوري للمرة الأولى، واعترف أردوغان نفسه أن موقف حزبه وحكومته من العدوان "الإسرائيلي" على غزة كان أحد أسبابه، حيث قال إنهم "فعلوا كل ما بوسعهم من أجل غزة، إلا أنهم فشلوا في إقناع البعض بذلك"، مشيرا لاستغلال بعض الأحزاب المنافسة لذلك.


وأضاف أنه مما يدعم هذه الفرضية أن الخطوات المذكورة، وخصوصا القرار المتعلق بالتجارة مع الاحتلال، كانت ممكنة قبل اليوم وعلى مدى شهور العدوان على غزة إلا أنها لم تبصر النور إلا بعد الانتخابات المحلية، رغم أن شيئا جوهريا في الحرب على غزة لم يتغير مؤخرا.


ورأى أن العامل الثاني هو ولا شك صمود شعب غزة ومقاومتها رغم كل جرائم الحرب التي اقترفها الاحتلال والدعم الدولي الذي حصل وما زال يحصل عليه ولا سيما من الولايات المتحدة الأمريكية. اليوم، يتزايد الحديث إقليميا ودوليا عن فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه من العدوان على القطاع ويزداد زخم الاحتجاجات عليه وعلى الحكومات الغربية الداعمة له وكذلك الدعوات لوقف العدوان وإدخال المساعدات، بل والدعوات لوقف الحرب من داخل دولة الاحتلال نفسها.


وعن عامل ثالث أوضح أنه لا ينبغي إغفال متغيرات إقليمية ودولية على جانب كبير من الأهمية والتأثير في السياق. في مقدمة ذلك ارتفاع حدة نبرة الإدارة الأمريكية تجاه حكومة نتنياهو بخصوص خططه لعملية برية في رفح، مما قد يكون شجع الحكومة التركية على مواقف أكثر حدة منها، إذ أن أحد تخوفات الأخيرة أن تؤدي مواقفها من العدوان لتوتير العلاقات مع واشنطن والرئيس على وشك زيارة البيت الأبيض.


واعتبر سعيد الحاج أن التوتر الأخير بين إيران ودولة الاحتلال، بما يشمل إنعاش احتمالات توسع الحرب في المنطقة، يبدو ماثلا أمام صانع القرار التركي ودافعا له للعب أدوار أكثر مركزية، لا سيما إذا ما وضعنا في الحسبان حالة التنافس الضمنية بين أنقرة وطهران في الملف الفلسطيني مؤخرا.