كشف البنك الدولي في تقرير حديث، حجم الخسائر التي ستتعرض لها قناة السويس خلال العام الجاري، إذا استمرت هجمات الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران، ضد سفن الشحن في مضيق باب المندب والبحر الأحمر.

وقال البنك الدولي في تقرير بعنوان "الصراع والديون في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، إن استمرار الأزمة وانخفاض حركة عبور قناة السويس بنسبة 40 بالمئة خلال عام 2024، "يعني خسائر بقيمة 3.5 مليار دولار، والتي تمثل نسبة 10 بالمئة من صافي الاحتياطيات الدولية في البلاد"، وفقًا لـ"الحرة".

ولدى مصر معدل تضخم سيئ يزيد عن 30%، وبالتالي فإن الانخفاض بنسبة 40% في حركة المرور يعني 3 مليارات دولار، وهذا هو قدر الأموال التي كانت تتحدث عنها حكومة الانقلاب بشدة مع صندوق النقد الدولي في البداية، قبل أن يزيد القرض إلى 8 مليارات دولار بعد الدور المصري الكبير في تحجيم إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وتُعد قناة السويس مصدرًا رئيسًا للعملات الأجنبية لمصر، حيث بلغت إيراداتها 8.8 مليار دولار (25 بالمئة من صافي الاحتياطيات الدولية) في السنة المالية الماضية، كما كانت مسؤولة عن حوالي ثمن تجارة الشحن العالمية، بما في ذلك حوالي 30 بالمئة من حركة الحاويات في العالم، وفق التقرير.

ومنذ نوفمبر الماضي، صعّد الحوثيون هجماتهم ضد سفن الشحن في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، مما أدى إلى انخفاض حركة المرور في قناة السويس بنسبة 42 بالمئة بين نهاية ديسمبر 2023 وأوائل فبراير 2024، حسب البنك الدولي.

وفي تقرير لوكالة بلومبيرج الأمريكية، يناير الماضي، أشار إلى أن بيانات صندوق النقد الدولي وجامعة أكسفورد كشفت أن المتوسط ​​المتحرك لمدة 7 أيام لمعابر السويس اليومية انخفض إلى 49، وهذا أقل من الذروة اليومية لعام 2023، والتي بلغت 83 حالة عبور في أواخر يونيو، وأقل من متوسط 7 أيام في العام السابق البالغ 70 حالة عبور.

 

خسائر قناة السويس تفاقم أزمة مصر المالية

وحسب البنك الدولي، فإن مصر تعاني أكثر من غيرها ماليًا بسبب تأثيرات أزمة قناة السويس والصراع في الشرق الأوسط، مما قد يؤدي إلى انخفاض الإيرادات وعائدات السياحة.

وأوقفت شركات الشحن العالمية الكبرى منذ العام الماضي عملياتها في قناة السويس، واضطرت إلى تحويل مسار السفن حول رأس الرجاء الصالح في إفريقيا، مما يضيف ما بين 7 إلى 10 أيام للرحلات، حسب ما جاء في التقرير.

ونقلت وكالة «رويترز»، الثلاثاء، عن الرئيس التنفيذي لشركة الشحن الألمانية «هاباغ لويد»، قوله إن «الأزمة في البحر الأحمر ستستمر لبعض الوقت، وتحويل مسار السفن سيتواصل». و«هاباغ لويد» واحدة من شركات شحن علقت عملياتها في قناة السويس، وحوّلت مسار السفن التابعة لها إلى رأس الرجاء الصالح.

ويؤكد التقرير الدولي ما تشكو منه مصر منذ بداية الحرب في غزة، وفق الخبير الاقتصادي، وأستاذ التمويل والاستثمار الدكتور مصطفى بدرة، الذي قال إن «الحديث عن تراجع عائدات قناة السويس المصرية بنسب تتجاوز 40 في المئة مستمر منذ بداية الأزمة، تزامناً مع تأكيدات بتراجع إيرادات السياحة؛ بسبب الحرب في غزة»، ولفت إلى أن «الصراع في الشرق الأوسط يفاقم من أزمات مصر الاقتصادية، ويؤثر في تدفقات العملة الصعبة في البلاد»، وفقًا لـ«الشرق الأوسط».

وقال: «في ظل الوضع الحالي واستمرار التوتر في البحر الأحمر لا يمكن لمصر إجبار السفن على المرور بقناة السويس، أو دفع السياح إلى زيارة سيناء مثلاً، مما يعني تراجع عائدات أهم الموارد الدولارية في البلاد»، مطالباً الهيئات والمؤسسات الدولية بـ«تقديم حلول لدعم الاقتصاد المصري الذي يتعرض لهزات لا ذنب له فيها».

وبينما، يؤكد الخبير الاقتصادي، الدكتور عز الدين حسانين، أن ما «تعانيه مصر ناتج عن تطورات جيوسياسية لا ذنب للبلاد فيها»، يرى أن «الحل لن يكون بمزيد من القروض والمساعدات». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن قناة السويس والسياحة وتحويلات المصريين في الخارج موارد معرضة للتأثر بعوامل خارجية».

واقترح حسانين لتجاوز الأزمة تغيير نوعية الموارد الدولارية بالتحول نحو الصناعة، بدلاً من الاعتماد على الخدمات، مقترحاً أن «تتجه مصر لزيادة الاستثمارات الخارجية المباشرة من دول أفريقية، جنباً إلى جنب مع دعم القطاع الخاص، والاعتماد على المنتج المحلي أسوة بما حدث خلال فترة الجائحة التي نجحت خلالها البلاد في تحقيق معدل نمو اقتصادي جيد رغم الإغلاق».

 

التأثير الاقتصادي يطال الكثير من الدول

وقال البنك الدولي إن "التأثير الاقتصادي للصراع في غزة ظل محدودًا نسبيًا على باقي دول المنطقة، لكن عدم اليقين قد ازداد"، مشيرًا إلى أن استمرار الاضطرابات لفترة طويلة الأمد لحركة المرور عبر قناة السويس "يمكن أن يزيد من أسعار السلع الأساسية إقليميًا وعالميًا".

وأكد التقرير أن النمو الضعيف لاقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المتوقع خلال عام 2024، وارتفاع المديونية وتزايد حالة عدم اليقين بسبب الصراع، كلها عوامل تؤثر على الاقتصادات في جميع أنحاء المنطقة.

وانخفضت نسبة العبور من مضيق باب المندب، وهو بوابة البحر الأحمر إلى المحيط، بأكثر من النصف في يناير مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وانخفض العبور إلى أدنى مستوى لها منذ 30 مارس 2021. ويتعلق هذا الوضع بشكل وثيق بدول مثل المملكة السعودية واليمن والأردن ودولة الاحتلال الصهيوني، التي لها سواحل على البحر الأحمر. وانخفضت حركة السفن اليومية في المنطقة بنسبة 67% وانخفض حجم التجارة بنسبة 66%. وهذه الصورة تزيد من القلق، فهي تؤثر على أسعار الطاقة لأنها تعطل شحنات النفط والغاز الطبيعي.