قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن عدم اجتياح محافظة رفح جنوب قطاع غزة هو بمثابة "خسارة للحرب"، متوعدًا بتنفيذ ذلك رغم التحذيرات الدولية.

وأضاف في كلمة خلال حفل تخريج دورة ضباط، أمس الخميس، أن "الجيش الإسرائيلي سيعمل في كامل القطاع، بما في ذلك رفح، آخر معقل لحماس"، وفق هيئة البث الرسمية.

وتابع نتنياهو: "من يطلب منا أن لا نتحرك هناك، يقول لنا أن نخسر الحرب، وهذا لن يحدث".

وتصاعدت أخيرًا التحذيرات الإقليمية والدولية بشأن القصف الإسرائيلي على مدينة رفح مع الاستعداد لاجتياحها بريًا، وخطورة ذلك على مئات آلاف النازحين الذين لجأوا إليها باعتبارها آخر ملاذ لهم أقصى جنوب القطاع.

فيما تشير تقديرات دولية إلى وجود ما بين 1.2 إلى 1.4 مليون فلسطيني في رفح بعد أن أجبر الجيش الإسرائيلي منذ بداية توغّله البري بالقطاع في 27 أكتوبر الماضي، مئات آلاف الفلسطينيين شمالًا على النزوح إلى الجنوب، مدّعيًا أنه "منطقة آمنة"، وهو ما ثبت عدم صحته مع سقوط آلاف القتلى والجرحى في الجنوب، بينهم نازحون.

ومؤخرًا، بحثت حكومة الحرب الإسرائيلية خطة "إجلاء" الفلسطينيين من رفح في إطار الاستعداد لاجتياحها، رغم التحذيرات الدولية من أن خطوة كهذه قد تؤدي إلى مجازر بحق مئات آلاف النازحين الذين لا مكان آخر يذهبون إليه بعدما أجبروا على النزوح من كافة مناطق القطاع، تحت وطأة الحرب.

 

نتنياهو يريد إفشال وقف إطلاق النار

وبعد مفاوضات مكوكية من الدوحة إلى باريس فالقاهرة، قالت واشنطن إن الاتفاق صار جاهزًا وأن الأمر يتعلّق بموافقة «حماس».

حركة المقاومة الفلسطينية ردّت على ذلك بالقول إن الإدارة الأمريكية لا تضغط على إسرائيل، وغادر وفدها القاهرة، وهو ما يعني أنها قدّمت ردّها الأخير، رغم حديث وسائل إعلام عن استمرار المفاوضات.

ظهر خلال اللقاءات أن «حماس» طلبت وقف القتال لمدة 135 يومًا على ثلاث مراحل من 45 يومًا متعهدة بإطلاق سراح 100 من المحتجزين الأحياء ونحو 30 جثة، مقابل إطلاق إسرائيل جزءًا من الثمانية آلاف أسير فلسطيني في سجونها وانسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق المأهولة في المرحلة الأولى من الهدنة، ثم الانسحاب الكامل من القطاع بأكمله في المرحلة الثالثة.

رفض نتنياهو هذه المقترحات مهددًا باجتياح باقي القطاع، كما رفض أي اتفاق لوقف النار يجبر القوات الإسرائيلية على الانسحاب من غزة قبل "النصر النهائي"، حسب زعمه.

شاركت في مفاوضات القاهرة وفود عربية بهدف دفع المفاوضات نحو صفقة سلام إقليمية، وهو ما واجهه نتنياهو بإعلان رفض «أي ضغوط خارجية تمنع من شن الهجوم البري على رفح» فانحسرت المفاوضات، مجددًا، نحو الشروط الدنيا لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين.

خلال فترة المفاوضات قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بخطوات يكفي كل واحد منهما لإفشال الصفقة.

تمثلت الخطوة الأولى بإعلان نتنياهو خطّته لما سماه بـ«اليوم التالي» والتي تتضمن نزع سلاح قطاع غزة بالكامل، والسيطرة على الحدود مع مصر، وتسليم إدارة القطاع لعناصر من العشائر، و«اجتثاث التطرف» في كافة المؤسسات، وإغلاق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ورفض الدولة الفلسطينية.

الخطوة الثانية كانت اعتقال إسرائيل 13 من الأسرى الذين أطلقتهم في اتفاق وقف إطلاق النار السابق.

والخطوة الثالثة كانت إعلان تل أبيب، الأربعاء الماضي، المصادقة على بناء 3500 وحدة استيطانية في الضفة الغربية.

 

مجمل المسار السياسي لنتنياهو

ما تظهره هذه الوقائع، بداية، كذب حديث الإدارة الأمريكية عن أن القرار متعلّق بـ«حماس» فهو أمر يكشف عدم مصداقيته قيام نتنياهو بكل ما في وسعه لإفشال المفاوضات من الداخل والخارج، وفقًا لصحيفة "القدس".

تكشف هذه الشواهد، في الحقيقة، عن مجمل المسار السياسي لنتنياهو، والذي بنى مجده على معارضة السلام، والاتفاقات الدولية التي جرت على خلفيته، وفي صلب ذلك رفضه التام لنشوء دولة فلسطينية، وتأييده لخطط الاستيطان الإسرائيلي والتطهير العرقي للفلسطينيين.

يتجاهل نتنياهو، بكل صلافة وغطرسة مطالب حلفائه الأمريكيين والأوروبيين (والعرب) وسنده في ذلك أن اتفاقيات ابراهام قدمت له التطبيع العربي مجانًا ومن دون أي تنازلات للفلسطينيين، فلماذا يقبل الآن، وبعد أن سنحت له الفرصة التاريخية لإطلاق جنوده ومستوطنيه على الفلسطينيين؟

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بقطاع غزة،أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب خلال الـ24 ساعة الماضية 8 مجازر ضد العائلات في القطاع راح ضحيتها 78 شهيداً و104 مصابين، مشيرة إلى أن عدد من الضحايا لا يزال تحت الركام وفي الطرقات بسبب منع الاحتلال وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني إليهم.

وأضافت الوزارة أن حصيلة العدوان الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر الماضي ارتفعت إلى 30878 شهيداً ونحو 72 ألف و500 مصاب، لافتة إلى أن %72 من الضحايا هم نساء وأطفال.

وشددت الوزارة على أنه "لا زال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات يمنع الاحتلال طواقم الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إليهم".

وتواصل إسرائيل حربها المدمرة ضد قطاع غزة رغم مثولها للمرة الأولى منذ قيامها عام 1948 أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة؛ بتهمة ارتكاب جرائم "إبادة جماعية" بحق الفلسطينيين.

وبالإضافة إلى الخسائر البشرية تسببت الحرب الإسرائيلية بكارثة إنسانية غير مسبوقة وبدمار هائل في البنى التحتية والممتلكات، ونزوح نحو مليوني فلسطيني من أصل حوالي 2.3 مليون في غزة، بحسب بيانات فلسطينية وأممية.