لا تتوقف تسريبات الإعلام الإسرائيلي وبعض الصحف الأجنبية، بشأن صفقة الأسرى، عن بث الأكاذيب ونشر الرعب، ليفتوا في عضد الشعب الفلسطيني من جهة والمقاومة الباسلة من جهة أخرى، وللأسف فإن الإعلام العربي يركن إليها ويتعامل معها.

وما يفعله الإعلام الصهيوني حتى الآن أشبه ما يكون بطبخ الحصى؛ على حد وصف الكاتب والمحلل الفلسطيني ياسر الزعاترة،  الذي يرى أن أكثر التسريبات مقصودة؛ طبعًا لإسكات أهالي الأسرى، ولصرف الأنظار عن المجازر، بخاصة جديدها في “رفح”.

وتتلقى دولة الاحتلال كل يوم ضربات موجعة، وتتنوع ما بين القانونية والسياسية والدبلوماسية والحقوقية، ولكن مضامينها توحدت حول حرب الإبادة الإسرائيلية ضدّ قطاع غزة، وسجلت انتكاسات نوعية، كما ترددت مفاعيلها في عقر مؤسسات الحكومة الإسرائيلية ذاتها.

 

الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي يجسد جريمة الأبارتايد

 

 

ففي لاهاي تواصل محكمة العدل الدولية الاستماع إلى إحاطات شفهية وأخرى مكتوبة تقدمت بها عشرات الدول من مختلف أنحاء العالم بالإضافة إلى الاتحاد الإفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، في سياق الطلب الذي تقدمت به الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى المحكمة لإصدار فتوى حول شرعية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين منذ حرب 1967، والإجابة عن سؤالين. الأول يخص التبعات القانونية الناجمة عن الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واستمرار احتلال الأراضي وإقامة المستوطنات، والسؤال الثاني يتعلق بكيفية تأثير الانتهاكات الإسرائيلية على التوصيف القانوني للاحتلال.

وبين الأكثر إيلامًا للاحتلال كانت إحاطة مندوب جنوب إفريقيا، الذي اعتبر أن دولة الاحتلال تمارس ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية نسخة أشد تطرفًا من تلك التي طبقتها جنوب إفريقيا ضد السود قبل 1994، وأن الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي يجسد جريمة الأبارتايد ذاتها، وأنه يقع على عاتق دولة جنوب إفريقيا «واجب خاص» لفضح الأبارتايد أينما وقع، و«العمل على إنهائه فورًا»، وفقًا لصحيفة "القدس".

 

سحب صفة «العضو المراقب» من الاتحاد الإفريقي

وفي أديس أبابا شهدت أروقة الجمعية العامة للاتحاد الأفريقي سحب صفة «العضو المراقب» الذي كانت دولة الاحتلال تتمتع به، استكمالًا لما شهدته القمة ذاتها السنة الماضية من طرد المندوبة الإسرائيلية خارج قاعة الاجتماعات.

وفي المقابل، استقبلت القمة رئيس الوزراء الفلسطيني واستمعت منه إلى خطاب أكد فيه أن الفلسطينيين «يدافعون عن أنفسهم مثلما دافعتم في إفريقيا عن أرضكم ضد الاستعمار» كما أدان الاتحاد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة واعتبره رئيس مفوضية الاتحاد الانتهاك «الأكثر فظاظة» للقانون الإنساني الدولي، متهمًا الاحتلال بالعزم على إبادة سكان غزة.

 

مطالبة معظم أعضاء الاتحاد الأوروبي بـ«هدنة إنسانية فورية"

وفي بروكسل طالبت 26 من أصل 27 دولة أعضاء في الاتحاد الأوروبي بـ«هدنة إنسانية فورية تؤدي إلى وقف مستدام لإطلاق النار» حسب بيان صدر عن اجتماع وزراء خارجية الاتحاد، كما بادرت بلجيكا الرئيسة الحالية للاتحاد إلى توجيه نداء إلى دولة الاحتلال بالامتناع عن مهاجمة مدينة رفح المكتظة بالنازحين. وإذا كان بيان الـ26 لم يصدر بالإجماع فلأن الدولة التي صوّتت ضده لم تكن سوى المجر وحكومة فكتور أوربان المتهمة بالعنصرية واليمين المتطرف، وفي هذا ضربة أخلاقية إلى الكيان الصهيوني.

 

العمليات العسكرية إنجازاتها تكتيكية وليست إستراتيجية

وأما في تل أبيب ذاتها فإن رسالة غادي آيزنكوت إلى مجلس الحرب في الحكومة الإسرائيلية فضحت مستويات جديدة من أكاذيب الائتلاف الحاكم ورئيسه بنيامين نتنياهو شخصيًا حول مجريات العدوان على القطاع، خاصة لجهة تأكيد جنرال متقاعد ورئيس أركان أسبق وعضو حالي في مجلس الحرب بأن العمليات العسكرية تقتفي «إنجازات تكتيكية فقط» من دون «تحركات كبيرة لتحقيق إنجازات استراتيجية».

 

95 % من مصابي إسرائيل إصاباتهم خطيرة

 

 

أكدت مصادر عبرية، أن "معظم جرحى جيش الاحتلال الذين أصيبوا في المعارك في قطاع غزة يعانون من إصابات خطيرة لها أثر كبير على حالتهم النفسية، واستمرار علاجهم،  وتذكير دائم بالحدث الدرامي الذي مروا به".

وقالت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية: "قبل نحو شهرين وصل إلى قسم إعادة التأهيل في مستشفى بيلينسون جندي أصيب في تجويف البطن وخضع لعدة عمليات جراحية كان من المفترض أن يبدأ بعدها عملية إعادة التأهيل. ومع ذلك، لعدة أسابيع لم يتمكن القسم من إحراز تقدم في العلاج واستمر الجندي في الشكوى من الألم.

ونقلت الصحيفة عن الدكتور مايكل باشر، مدير قسم إعادة التأهيل في مستشفى بيلنسون قوله: إن هناك ثلاث شظايا في جسد الجندي تقرر عدم إزالتها، لأن خطورة إزالتها كبيرة.

وأضاف أن من سمات جرحى حرب السيوف الحديدية (الاسم الذي أطلقه الاحتلال على عدوانه الأخير على قطاع غزة)  كثرة الإصابات بشظايا،  الناتجة عن عبوات ناسفة أو إطلاق نار أو صواريخ. مشيرًا إلى أن  95% من جرحى الحرب الحالية يعانون من مثل هذه الإصابات الخطيرة.

وقال البروفيسور عميد عادل، مدير قسم الجراحة التجميلية: "في الحروب السابقة، لم يكن هناك الكثير من الإصابات بالشظايا. ربما لأنه في  حرب لبنان الثانية كان هناك قتال مختلف، وبكثافة أقل من الصراع الحالي".

وأضاف: "في الوقت الحاضر، الممارسة المقبولة هي إزالة الشظايا عندما تتداخل وتسبب الألم، أو إذا كانت كبيرة جدًا أو قريبة من وعاء دموي أو عصب يخشى تلفه. أحيانًا تتم إزالة الشظايا السطحية عند علاج الجرح، وتبقى بقية الشظايا في الجسم، لأنه عند إزالة شظية صغيرة، يمكن أن يكون الضرر أثناء الجراحة أكبر من الضرر الذي تسببه الشظية نفسها".

وقال "باشر": إنه إلى جانب الأضرار الجسدية، لاحظ الأطباء أن الشظايا الموجودة في أجساد الجرحى تحمل أيضًا معاني عاطفية وتسبب ندبات عقلية.

وأضاف، أنه "بالنسبة للعديد من الجنود، تعد الشظايا نوعًا من التذكير المستمر بالحدث الدرامي الذي مروا به، وتجعل من الصعب عليهم التغلب على الإصابة والمضي قدمًا. لقد أصبحت مشكلة خطيرة من الناحية العقلية، الأمر الذي لا تسمح لهم بنسيان الإصابة التي تعرضوا لها.

وحتى اليوم اعترف الجيش الإسرائيلي بشكل رسمي بمقتل (576) ضابطًا وجنديًا إسرائيليًا منذ السابع من أكتوبر الماضي، من بينهم (237) قتيلًا في المعارك البرية داخل غزة، إضافة إلى آلاف الجرحى.

وأعلنت وزارة الصحة في غزة، أمس الثلاثاء، ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 29 ألفًا و313 شهيدًا، و69 ألفًا و333 مصابًا منذ السابع من أكتوبر الماضي.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشن سلطات الاحتلال الإسرائيلي حربًا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلًا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة “الإبادة الجماعية”.