وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" ليست اسمًا يمكن أن يمر على مخيلتك من دون أن تتعمق في فهم قدرات هذه الوكالة التي كان لها جهود كبيرة في بسط خدماتها على نحو مليوني فلسطيني في قطاع غزة، إضافة إلى الفلسطينيين في الضفة والمهاجرون في لبنان والأردن.

ويردد الكثير من الفلسطينيين في قطاع غزة أن "المدرسة هي الأونروا، والعيادة هي الأونروا، والدواء هو الأونروا، والمياه العذبة هي الأونروا، واللقاح الإلزامي هو الأونروا، والمساعدة المالية هي الأونروا.. والأهم من كل هذا وذاك، الأونروا هي الشاهد على نكبتنا".

وفعليًا، فإن الشعار الأزرق للأونروا يلازم اللاجئين الفلسطينيين في مدرستهم وعيادتهم وبطاقتهم العائلية وغيرها من فصول حياتهم، بمقدار ما يُلازمهم العلم الفلسطيني. الأول هو رمز للجوئهم والثاني هو رمز الوطن الذي يرنون للعودة إليه، فلا يعودون لاجئين.

عائلة فلسطينية نازحة في قطاع غزة

490 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان

تقول نور صبحية، ابنة الثامنة عشرة، والتي تعيش في مخيم برج البراجنة في بيروت، إن الوكالة هي جزء أساسي من وعي كل فلسطيني لاجئ.

وتخطط نور لتدرس إدارة الأعمال بعد المدرسة، إذ أنها واحدة من 38 ألف طالب فلسطيني في مدارس الأونروا في لبنان.

وتؤكد أن الأونروا هي الوحيدة التي تقدم خدمة رعاية صحية مجانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، الذين لا يستفيدون على الإطلاق من أي خدمات رعاية في البلاد.

وما يزيد الوضع هشاشة، هو أن لبنان هو بلد اللجوء الوحيد الذي يمنع اللاجئين الفلسطينيين من ممارسة نحو 39 مهنة، ما يجعل عددًا كبيرًا منهم يعتمد على مساعدات مالية رمزية يحصل عليها دوريًا من الأونروا.

بالتالي قد لا يكون مبالغًا به وصف لاجئين فلسطينيين في لبنان لقرار تجميد التمويل بأنه "حكم بالإعدام".

عمليًا هناك نحو 490.000 لاجئ فلسطيني مسجل مع الأونروا في لبنان، وإن كانت التقديرات تشير إلى أن العدد الفعلي الموجود في البلاد لا يتعدى المئتين وخمسين ألفًا، وفقًا لموقع "إيلاف".

بالإضافة إلى هؤلاء، هناك نحو 30.000 لاجئ فلسطيني تهجروا من سوريا إلى لبنان خلال الحرب السورية وهم مسجلون أيضًا مع الأونروا.

 

مليونا فلسطيني مسجلون مع الأونروا في الأردن

وفي الأردن أكبر نسبة من اللاجئين الفلسطينيين. أكثر من مليونين مسجلون مع الأونروا، معظمهم حاصل على الجنسية الأردنية ولا يواجه عمليًا أي تمييز أو قيود.

إلّا أن هذا الاندماج الكبير مع المجتمع الأردني لا يحسب على اللاجئين الفلسطينيين الذين لا يملكون رقمًا وطنيًا أردنيًا ومعظمهم من غزة. هؤلاء يعيشون في مخيمات الأونروا العشرة الرسمية والثلاثة الأخرى غير الرسمية.

فعليًا هناك 120.000 طالب يدرسون في مدارس الأونروا في هذه المخيمات، كما أن عياداتها تستقبل سنويًا نحو مليون ونصف المليون زيارة طبية.

وعلى الرغم من أن عددا كبيرا من اللاجئين الفلسطينيين في الأردن لا يستفيدون من خدمات الأونروا - وهؤلاء هم الأردنيون من أصول فلسطينية - فإن وجودهم على لوائحها يفترض أن يشكل ضمانة لحقّهم في العودة إلى وطنهم الأم.

 

الضفة الغربية المحتلة

الأونروا

وإذا كانت الأردن تضمّ أكبر عدد لاجئين فلسطينيين، فالضفة الغربية المحتلة تحوي على أكبر عدد من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.

"نحن نعيش تحت الاحتلال، ولا تعترف بنا السلطة الفلسطينية - بالتالي ليس لنا غير الوكالة. هي والدنا وهي التي تتبنانا"- يقول محمود الطوخي، وهو من مواليد السبعينيات ومن سكان مخيم الأمعري - وهو أحد المخيمات التسعة عشر في الضفة الغربية.

بالرغم من اعتراضاته على تراجع الخدمات - الا أنه يعتبر أن القطاع الصحي في الأونروا "جيد" وكذلك قطاع ذوي الاحتياجات الخاصة.

هو لا يزال يلجأ الى عيادات الوكالة للطبابة، كما يشير إلى أهمية ما تقدمه لكبار السن وللذين يعانون أمراضا مزمنة كالسكري والضغط. "كل هؤلاء يعتمدون على الأونروا".

محمود يتحدث عن مخاوف حقيقية لديه في حال توقف عمل الوكالة. "لن يستطيع أولادنا أن يستمروا، كيف سيكملون دراستهم؟ أين يذهبون؟".

 

القضاء على الأونروا أهم أهداف إسرائيل

مساعدات مقدمة من الأونروا في غزة

وسلَّطت صحف عالمية - في إطار متابعتها لحرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة – الضوء على استهداف "إسرائيل" وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ومساعي الاحتلال لإنشاء منطقة عازلة داخل القطاع المحاصر، وفرضه تعتيمًا كبيرًا على المعلومات بشأن الأوضاع هناك.

ونقلت صحيفة فايننشال تايمز - عن المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني - قوله إن القضاء على الوكالة أصبح أحد أهداف الحرب الإسرائيلية، مؤكدًا استمراره في منصبه ما دامت الوكالة قادرةً على دعم الناس وإيصال صوت اللاجئين الفلسطينيين، وفقًا لـ"الجزيرة".

وقال لازاريني إن الأونروا مع أخذها على محمل الجد المزاعم بشأن تورط موظفين لديها في هجوم السابع من أكتوبر الماضي (طوفان الأقصى) فإن إسرائيل لم تقدم دليلًا على تلك المزاعم حتى الآن، مضيفًا "ربما ندفع ثمن ارتفاع صوتنا في لفت الانتباه إلى محنة سكان غزة، والكارثة الإنسانية التي تتكشف أمام أعيننا".

ومن ناحية أخرى، قال تحليل لصحيفة ليبراسيون إنه بحرمان الصحافة الأجنبية من الوصول إلى غزة، وإجبار الصحافة المحلية على العمل في ظروف مروعة، فرضت إسرائيل تعتيمًا هائلًا على المعلومات في هذا القطاع المحاصر.

 

منطقة عازلة

أما صحيفة تليجراف، فأظهر تحليل - أجرته لصور فضائية - تدمير "إسرائيل" أكثر من ألف مبنى في المناطق الحدودية لقطاع غزة منذ السابع من أكتوبر، موضحة أن الصور تظهر خطًا واضحًا في بعض المناطق التي دمرت بعرض كيلومتر على الأقل خلف السياج الأمني الفاصل بين إسرائيل والقطاع.

وتتهم "إسرائيل" بالسعي لإنشاء منطقة عازلة داخل قطاع غزة بطول الحدود بما يؤدي إلى تآكل مساحة هذا القطاع، وذلك رغم المعارضة الواضحة من حلفاء إسرائيل في الغرب لذلك.

وفي سياق متصل، قالت صحيفة نيويورك تايمز إن وجود المتظاهرين الغاضبين من حرب إسرائيل على غزة أمام مقر إقامة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، شمال فرجينيا، بات منتظمًا، إذ اعتصم بعضهم عدة أيام في الشوارع ونصبوا الخيام.

وتحدثت صحيفة لوفيجارو عن تأخر انتقام الرئيس الأمريكي جو بايدن لمقتل جنوده في الأردن، وقالت إن أحد التفسيرات لموقف الانتظار والترقب ربما يكمن في المفاوضات الحساسة الجارية حاليًا بين "إسرائيل" وحركة حماس، ولن يؤدي تصعيد العنف إلا لزيادة صعوبة اختتام المحادثات بذلك الشأن.