أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن كافة الوثائق التي قدمتها أنقرة لمحكمة العدل الدولية لها وقع كبير في دعوى "الإبادة الجماعية" التي بدأت ضد إسرائيل.

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها للصحفيين عقب صلاة الجمعة في إسطنبول، تعليقًا على بدء جلسات محاكمة إسرائيل في محكمة العدل الدولية بناء على دعوى رفعتها جنوب إفريقيا.

وأشار الرئيس أردوغان إلى انطلاق جلسات المحاكمة ضد إسرائيل (الخميس)، مؤكدًا أن "كافة الوثائق التي قدمناها لها وقع كبير في لاهاي".

وقال إن تركيا ستواصل تقديم الوثائق والأدلة، معربًا عن ثقته بأن "هذه الوثائق، وبينها مرئية كثيرة، ستسهم في إدانة إسرائيل (بقضية الإبادة الجماعية)، لأننا نثق بعدالة محكمة العدل الدولية".

 

كتاب "الدليل"

وقدم "مركز العدالة الدولي للفلسطينيين" صورًا التقطتها عدسات مراسلي وكالة الأناضول في فلسطين وكتابها "الدليل" إلى وحدة جرائم الحرب التابعة للشرطة البريطانية "سكوتلاند يارد" والتي تعمل على جمع الأدلة المتعلقة بالانتهاكات والجرائم التي ترتكبها إسرائيل.

و"مركز العدالة الدولي للفلسطينيين" هو منظمة مستقلة مقرها المملكة المتحدة، تقوم بإنشاء قناة رسمية للتواصل مع الشرطة البريطانية، ودعم جهود الشرطة في جمع الأدلة المتعلقة بجرائم الحرب الإسرائيلية.

وتثبت تلك الصور استخدام إسرائيل الفسفور الأبيض خلال حربها المدمرة المستمرة على غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، كما يتضمن كتاب "الدليل" الذي أعدته الأناضول صورًا التقطها مصوروها في غزة، وصورًا قدمها أطباء من قطاع غزّة"، لافتًا إلى أن تلك الأدلة "أوضحت استخدام إسرائيل لقنابل الفسفور الأبيض في غزة"؛ لاستخدامه دليلًا أمام القانون الدولي على "جرائم الحرب" الإسرائيلية في القطاع.

ويهدف المركز من تقديم تلك الصور والوثائق لاستخدامها في التحقيقات البريطانية الخاصة بجرائم الحرب الإسرائيلية، والقضايا المستقلة المرفوعة ضد "الجرائم الإسرائيلية" من مختلف أنحاء العالم.

وتقوم وحدة جرائم الحرب التابعة للشرطة البريطانية "سكوتلاند يارد" والتي تتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، بفحص الأدلة المقدمة والمتعلقة بارتكاب إسرائيل جرائم حرب في غزة، وإحالة تلك الأدلة والمعلومات ذات الصلة بالتحقيقات الجارية إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وقام مراسل الأناضول في العاصمة البريطانية لندن، بتسليم مدير مركز "العدالة الدولي للفلسطينيين" المحامي طيب علي، صورًا التقطتها عدسات مراسلي وكالة الأناضول، تثبت استخدام إسرائيل للفسفور الأبيض في غزة.

كما سلمه نسخًا من كتاب "الدليل" الذي يتضمن صورًا توثق جرائم الحرب الإسرائيلية، بالإضافة إلى صور للمصوّر الصحفي مصطفى خاروف أثناء تعرضه لاعتداء من قبل القوات الإسرائيلية خلال فترة عمله في القدس الشرقية المحتلة.

وقال المحامي طيب علي: "الأدلة التي جرى تقديمها لنا مهمة جدًا جدًا وسوف نقدم بدورنا هذه الصور والأدلة إلى الشرطة البريطانية وإدراجها ضمن الأدلة في التحقيقات التي نجريها، من أجل استخدامها من قبل المحكمة الجنائية الدولية".

وأردف: "كما سنعمل على تزويد وكالات إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم يتلك الصور والوثائق حتى يتمكنوا من إجراء التحقيقات اللازمة وربما الملاحقة القضائية (لإسرائيل)".

 

أدلة في غاية الأهمية

وأشار علي إلى أن "التحقيق الذي يجريه المركز حول جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة له بعد مهم آخر"، وأضاف: "سواء كان البعض يعتقدون أن تلك الممارسات هي جريمة حرب أم لا، إلا أن من الواضح الآن تمامًا أن إسرائيل ارتكبت عملًا ينطوي على خطر كبير يرتقي إلى مستوى جريمة حرب".

وتابع: "لذلك، فإن على مصنعي وموردي الأسلحة، وكذلك الدول التي تزود إسرائيل بالسلاح، الاضطلاع بالتزاماتهم تجاه القانون الدولي، والذي أكّد ضرورة عدم تزويد هذه الأسلحة إلى دولة من المحتمل أن تستخدمها في أعمال إجرامية".

وردًا على سؤال "هل تفكرون في إدراج هذه الأدلة في تحقيقات الشرطة البريطانية كخطوة أولى؟"، قال طيب علي: "نعم بالتأكيد. هذه أدلة قيمة وغاية في الأهمية".

وأشار إلى أن "صور وكالة الأناضول مهمة للغاية وسيتم تحليلها من قبل خبراء"، مضيفًا: "تحقيقنا يركز على جرائم الحرب، هذه مواد غاية في الأهمية وتبرز أيضًا أهمية قيام الصحفيين بعملهم بشكل مستقل وصحيح، هذه الصور والوثائق تشكل جزءًا لا يقدر بثمن من تحقيقنا".

 

المحكمة الجنائية الدولية

وردًا على سؤال حول ما سيعنيه عدم قيام المحكمة الجنائية الدولية بمسائلة إسرائيل على جرائم الحرب التي ارتكبتها في غزة قال علي: "بالنسبة لي هذا يعني أن وظيفة المحكمة الجنائية الدولية سوف تصبح مختلة تمامًا".

وأضاف: "إذا لم تفعل (المحكمة) ما يلزم تجاه إسرائيل، فإنها ستصبح فعليًا أداة إمبريالية بيد الدول الغربية، ووقتئذ سيكون من الواضح تمامًا أن الدعم الذي توفره الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأوروبا لإسرائيل هو غير مشروط وداعم للممارسات الإسرائيلية".

 

كتاب "الدليل" مهم للغاية

وخلال اللقاء اطلع علي على كتاب وكالة الأناضول "الدليل"، والذي يكشف بوضوح الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في غزة من خلال صور تكتسب صفة أدلة رئيسة.

وقال علي: إن "النقطة الأكثر أهمية في هذه الصور (في كتاب الدليل) احتوائها على معلومات رئيسة مثل اسم المصور الصحفي الذي التقط الصورة وتاريخ التصوير".

وتابع: "هذه أدلة مهمة حقًا، هذا العمل (الكتاب) مهم جدًا لأنه سيساعدنا على إنشاء صورة واضحة ضمن ترتيب زمني للأحداث كذلك على تحديد مكان وقوع أحداث معينة، إنه مهم جدًا".

وعلق علي على صورة مخبز في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة الذي تعرض لقصف إسرائيلي قائلًا: "هذه الصورة تضيء على أبرز أحد القضايا التي نبحث فيها".

وأضاف: "الأمر الواضح هو أن إسرائيل لا تستهدف الأفراد العسكريين فحسب، بل تستهدف أيضًا البنية التحتية والغذائية".

وأردف علي: "في هذه الصورة يظهر فرن النصيرات الذي تعرض للقصف، هذه الصورة مهمة للغاية وتظهر قيام إسرائيل باستهداف أماكن مدنية حيوية، ما يعتبر جريمة حرب في القانون الدولي".

تنمر وهجوم شنيع

كما علق علي على صور تظهر تعرض المصور الصحفي في وكالة الأناضول مصطفى هاروف للضرب والاعتداء من قبل القوات الإسرائيلية في القدس.

وقال: "ما شاهدته في الصور هو صحفي يتعرض للضرب بسبب قيامه بعمله، دون أن يتم حتى اعتقاله أو احتجازه من قبل قوات الجيش لقد تعرض للضرب على يد الجنود".

وأضاف علي: "ما رأيته من الواضح جدًا التنمر وهجومًا شنيعًا، وبرأيي أن هذا يشكل دليلًا واضحًا على وجود حالة اعتداء".

وفي 15 ديسمبر الماضي اعتدت قوات إسرائيلية، على مصور الأناضول مصطفى الخاروف بالضرب المبرح خلال تجمع فلسطينيين لأداء الصلاة بمنطقة وادي الجوز بالقدس.

قال صحفيون فلسطينيون تواجدوا في المكان، إن الشرطة الإسرائيلية "اعتدت بالضرب المبرح على خاروف، عندما كان يحاول التقاط صور لمصلين اضطروا لأداء الصلاة في الشارع بمنطقة وادي الجوز في القدس بعد أن منعتهم الشرطة من الوصول إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة".

 

جنوب إفريقيا: "دليل الأناضول سيكون مفيدًا" في محاكمة إسرائيل

ومن جهته، أعلن الفريق القانوني الممثل لجنوب إفريقيا في الدعوى المرفوعة ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، أن كتاب "الدليل" الذي أعدته وكالة الأناضول "سيكون مفيدًا جدا" في المحاكمة.

وكان جنيد يوكسل، رئيس لجنة العدل في البرلمان التركي والموجود في لاهاي لمتابعة جلسات المحكمة، قد قدم كتاب "الدليل" لرئيس الفريق القانوني لجنوب إفريقيا، جون دوجارد.

وأعرب رئيس الفريق القانوني عن امتنانه جراء الحصول على الكتاب، واصفًا الصور الموجودة فيه بـ"المرعبة".

وأضاف أن كتاب الأناضول سيكون مفيدًا جدًا خلال مراحل الدعوى.

بدوره، شدد البرلماني التركي على أهمية كتاب الدليل، لافتًا إلى أن فريق جنوب إفريقيا عرض صورة منه في الصفحة الـ24، خلال جلسات المحكمة.