قال الباحث والإخصائي النفسي والناشط المبعد الإماراتي أحمد الشيبة النعيمي إنه "لا يمكن أن يستوعب عاقل التحضير الجاري للاحتفالات الترفيهية في بعض المدن العربية ومنها أبوظبي و دبي وجدة".


واستثنى النعيمي موقف إمارة الشارقة (جزء من تكوين دولة الإمارات العربية المتحدة) الرافض لاقامة الاحتفالات بظل ما يجري لأشقائنا في غزة وأعتبر أن ما "أعلنته شرطة إمارة الشارقة الثلاثاء الماضي بمنع كافة الاحتفالات وعروض الألعاب النارية ليلة رأس السنة تضامناً مع الأوضاع التي تشهدها غزة، مع تأكيدها أن التضامن الإنساني ثقافة مترسخة تنتهجها إمارة الشارقة" يدخل ضمن هذا الاستثناء. 

 

وحذر "النعيمي" المقيم بلندن في مقال له بعنوان "سنة جديدة من  مسلسل جرائم الإبادة في فلسطين.. بماذا يحتفل العرب والمسلمون؟" نشره عبر منصة (اكس) من "أن استمرار هذه الأنظمة العربية بتجاهل حقيقة ما يحصل في أرض فلسطين بحفلات اللهو والمجون هو أمر مخزٍ أولاً، ثم إنه يذهب بهذه البلدان أبعد من كونها تنأى بعيدا عن عمقها العربي و الإسلامي، بل تجتاحها اللاإنسانية و التي ستكون وبالا عليها يوما ما".


وعبر @Ahmad_Alshaibah عن اسنكاره من التحضيرات الجارية للاحتفالات الترفيهية برأس السنة في هذه المدن العربية السالفة وتساءل "ألسنا جزءً من الأمة العربية والإسلامية؟"!


وأضاف ".. ولنفترض أن الهوية العربية والإسلامية أصبحت محل نبذ وازدراء عند بعض المستلبين فكرياً من قيادات الأنظمة فإنهم في الأخير جزء من الأسرة الإنسانية، ومن واجبهم التضامن مع بشر يتعرضون لجرائم الإبادة الجماعية اليومية والتهجير القسري".


وأردف ".. إذا كانوا غير مأهلين لواجب الدفاع عن إخوانهم العرب والمسلمين في فلسطين ، فهل هم عاجزون عن التضامن الإنساني في مناسبة الرأس السنة الميلادية والاستجابة إلى دعوة أحرار العالم إلى تحويل الاحتفال برأس السنة إلى نداء عالمي لوقف الحرب؟"

 

أدوار الشعوب

 

وعن دور الشعوب المفتقد في هذه اللحظات، أوضح النعيمي (شقيقه معتقل في سجون محمد بن زايد بأبوظبي) أنه ".. إذا كانت هذه الأنظمة تشعر أنها غريبة عن الشعوب العربية وقضاياها وهويتها، فإن على الشعوب العربية والإسلامية وجميع أحرار العالم القيام بواجبهم باستثمار كل المناسبات لتوجيه الرسائل التضامنية مع ضحايا العدوان الصهيوني وجرائم الإبادة الجماعية في فلسطين وإدانة جميع من يؤيد هذه الحرب الظالمة التي فرضها الاحتلال الغاشم، والتصدي للأطروحات السخيفة التي يروجها الإعلام الصهيوني وبعض المتصهينين العرب في تحميل المقاومة الفلسطينية للاحتلال مسؤولية جرائم الاحتلال، لأن هذا الخطاب الإجرامي يحمل رسالة مفادها "استسلموا للعدوان الصهيوني واحتلال الأرض وتدنيس المقدسات أو اقبلوا الموت والإبادة الجماعية" ومثل هذا الخطاب الأبله يستحي حتى أعداء الأمة العربية والإسلامية من ترديده". 

 

فنادق الأسكندرية

 

وفي ثنايا مقاله لفت الإخصائي التربوي والنفسي إلى أنه "من المواقف الشعبية التضامنية المتميزة إعلان الكثير من الفنادق في الاسكندرية توقيف الاحتفالات رغم الخسائر المادية المترتبة على ذلك." 

 

وعن أدور شعبية متميزة، قال: "وبالتزامن مع هذه المواقف خرجت مظاهرات في بعض الدول الغربية تطالب بإيقاف الاحتفالات وتحويلها إلى فعالية عالمية للدعوة إلى وقف الحرب وإدانة جرائم الإبادة الجماعية في فلسطين، وكان بابا الفاتيكان قد أدان في رسالة الميلاد الوضع الإنساني اليائس للفلسطينيين في غزة، داعياً لوقف العمليات العسكرية في الحرب بين إسرائيل وحماس وتبعاتها المرعبة من سقوط للضحايا المدنيين الأبرياء، وغياب المساعدات،  وطالب بتوقيف تأجيج العنف والكراهية، والتوجه إلى حل القضية الفلسطينية."

 

أدوار متضادة

وكان الكاتب لفت في مقاله إلى أنه "رغم هذه المواقف الإيجابية إلا أن بعض الدول والمدن العربية والإسلامية تبدو وكأنها من كوكب آخر وغير عابئة بالمأساة المستمرة بل وربما مرحبة إن صدقت التسريبات المخزية عن تأييد بعض الأنظمة العربية لاستمرار الحرب". 

 

وبالمقابل، أشار إلى امتناع "دولتان عربيتان فقط عن الاحتفال برأس السنة الميلادية تضامناً مع إخواننا في غزة، وهي فلسطين والأردن، ويضاف إلى ذلك المواقف الخاصة ببعض المدن العربية..".


وأضاف لذلك، مواقف الدول الإسلامية المشرفة حيث "إعلان رئيس الوزراء الباكستاني نور الحق تعليق الاحتفالات الباكستانية بمناسبة رأس السنة، وجاء في الإعلان إن "الأمة الباكستانية بأكملها والأمة الإسلامية تشعر بحزن عميق بسبب الإبادة الجماعية للفلسطينيين المضطهدين، وخاصة المذبحة التي يتعرض لها الأطفال الأبرياء في غزة والضفة الغربية". 

 

وأردف "النعيمي"، "وبالتزامن مع هذه المواقف الرسمية  أعلن مجلس رؤساء الكنائس في الأردن و بعض الكنائس المسيحية في لبنان وسوريا ومصر تعليق الاحتفالات احتراماً لأرواح أبناء قطاع غزة، وكانت البطريركية ورؤساء كنائس مدينة القدس قد أعلنوا إلغاء كافة الاحتفالات هذا العام مع إقامة الصلوات والشعائر الدينية فقط". 

 

ومن جهة موازية، منعت الجزائر الإحتفال برأس السنة الميلادية تضامنا مع اخواننا في غزة وتداول ولاة المناطق برقيات تؤكد أن القرار صادر عن السلطات العليا للبلاد.

 

وفي العراق أغلقت مولات ومحال تجارية أبوابها وامتنعت عن الاحتفال بأعياد “رأس السنة” تضامناً مع غزة، كما نصب متضامنون شجرة عيد الميلاد في ساحة التحرير ضمن العاصمة بغداد من السعف وعليها دمى أطفان وجثامين أطفال صغار رمزية، واكفان ملطخة بالدماء، تضامنا مع غزة المحاصرة.

 

ودأبت إمارة دبي وتبعتها عاصمة الإمارات أبوظبي والعاصمة السياحية للسعودية جدة على تنظيم فعاليات ألعاب نارية في ليلة رأس السنة تكلف المليارات وتدخل في باب الفعاليات الترفيهية وعوامل الجذب السياحي غير اللائق مع الأحداث في فلسطين عامة وغزة خاصة.

 

ومنذ 7 أكتوبر الماضي، يشن جيش الاحتلال الصهيوني حربا مدمرة على غزة، خلّفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة.

 

ويشكل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، حيث يعرّض حياة المدنيين وممتلكاتهم للخطر الشديد، ويسبب لهم معاناة جسيمة، مما يستوجب التدخل العاجل والحازم من المجتمع الدولي لإيقاف العدوان وحماية المدنيين في القطاع.