يقول الكاتب، إيتان نيشين، إن الخدمة العسكرية تحدد من أنت في المجتمع الإسرائيلي، لكن هناك طرق للمعارضة رغم الصعوبات.

ويشير الكاتب في صحيفة "الجارديان" إلى قصة "تل ميتنيك" البالغ من العمر 18 عامًا، والذي سجن الأسبوع الماضي لمدة 30 يومًا، بعد رفضه التجنيد في الجيش الإسرائيلي، ليصبح بذلك أول معارض يُسجن منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس. إذ قال إنه يرفض الاعتقاد بأن المزيد من العنف سيجلب الأمن، وكتب في بيان "أرفض المشاركة في حرب انتقامية".

وفي المقال يقول الكاتب الإسرائيلي إن التجنيد العسكري يعتبر بمثابة حجر الزاوية الذي يوحد المجتمع الإسرائيلي.

وبحسب نيشين فإنه "من الصعب الوثوق تماما بأرقام الجيش الإسرائيلي؛ بسبب الافتقار إلى الشفافية، لكن الأرقام الرسمية تظهر أن 69% من الرجال و56% من النساء يجندون للخدمة في سن 18. وهذا يجعل الزي العسكري شعارًا للهوية الوطنية الجماعية، وربما أكثر أهمية من العلم".

 

رفض الخدمة في الجيش الإسرائيلي

ومع ذلك، يقول نيشين إنه حتى مع انتشار الجيش في كل مكان، يوجد تيار خفي من المعارضة، وإنه فعل مثل ميتنيك، إذ رفض أيضًا الخدمة في الجيش الإسرائيلي.

يضيف الكاتب أن "أمثلة الرفض نادرة ولكنها حدثت طوال تاريخ إسرائيل. هناك 3000 جندي احتياطي احتجوا على حرب لبنان الأولى عام 1983، منهم 160 سجنوا لرفضهم الخدمة. وأيضًا شخصيات مثل عضو الكنيست عوفر كاسيف، الذي اعترض على الخدمة في الضفة الغربية، وكذلك الطيارين الذين يرفضون المهام التي يعتبرونها غير قانونية، وحفنة من المراهقين يواجهون السجن سنويًا لمعارضتهم الخدمة في الأراضي المحتلة".

ويشرح نيشين أن "الجيش الإسرائيلي متأصل في نسيج المجتمع، والخدمة العسكرية ظاهرة اجتماعية بقدر ما هي واجب أيديولوجي. وفي كثير من الأحيان يؤدي الجنود مهامًا أخرى غير قتالية، فمنهم الطاهي، ومنسق الموسيقى، والمعلم".

وبينما قد تعتبر الخدمة العسكرية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مخرجًا من الفقر أو الطبقة الاجتماعية الدنيا، إلا أنها في إسرائيل عكس ذلك، إنها طريقة للانخراط في المجتمع، حيث يقاس النفوذ الاجتماعي من خلال إنجازاتك في الجيش، وتنجرف المحادثات بين الأفراد دائمًا إلى سؤال "أين خدمت؟".

يلفت الكاتب أيضًا إلى أنه "على عكس غالبية المعترضين على أداء الخدمة العسكرية بدافع الضمير، والذين يشكلون شريحة ضئيلة من سكان إسرائيل غالبًا ما تنحدر من مستويات عليا، فقد جئت من قرية صغيرة، حيث اختيار الانسحاب من الخدمة ليس بالأمر السهل، فرفضها يعد أمرًا نادرًا؛ لأن الجيش لا يترك مجالًا كبيرًا للمعارضة".

وبموجب محكمة العدل العليا الإسرائيلية لا يستثنى أحد من الخدمة سوى قلة يعلنون أنهم يتبعون السلام المطلق، لكن هذا الاستثناء أيضا يمنعهم من مناقشة الاحتلال أو السياسة الإسرائيلية على نطاق أوسع.

 

المعارضة في إسرائيل تساوي الجنون

ويقول الكاتب إن تعامل الجيش الإسرائيلي مع الرافضين للخدمة أمر مختلف، حيث يواجه البعض منهم محاكمات تفضي إلى السجن المتكرر، قبل أن يتم تسريحهم من قبل مجلس الطب النفسي العسكري.

ويضيف الكاتب أن "آخرين مثلي، يرسلون مباشرة إلى هذا المجلس، حيث توجب عليّ وأنا بعمر السابعة عشر أن أشرح معتقداتي أمام محكمة من الضباط. والطريقة التي يستخدمها الجيش لإطلاق سراح الرافضين هي بإعلان أنهم غير مؤهلين عقليًا للخدمة، ما يعني أن المعارضة في إسرائيل تساوي الجنون".

وعن تجربته يقول الكاتب إنها "تجربة مربكة، في حالتي، بعد التخرج من المدرسة وبدون مهارات، انتهى بي المطاف في أعمال البناء، وهذا حقل يتقاسمه الفلسطينيون والعمال المهاجرون والفئات المهمشة. الخيارات ضئيلة بالنسبة لأولئك الذين اتخذوا القرار الأخلاقي برفض التجنيد، مع الكثير من التداعيات الشخصية والاجتماعية".

ويشرح الكاتب أن خياره برفض الخدمة "لم يكن بمثابة بادرة للحصول على دعم خارجي، أو حتى الحصول على اعتراف من الفلسطينيين المفصولين عنهم باللغة والأسوار، لكنه خيار يتعلق باتخاذ موقف ضد الانحلال الأخلاقي في الداخل، لنظهر للآخرين ولأنفسنا أن هناك طريقًا آخر".

ويضيف نيشين "لكن الرافضين ليسوا أبطالًا، ولا أحد منهم يعتقد ذلك. لم أجد شجاعة في قراري، بل العزلة. إن خيار رفض شيء أساسي في مجتمعي يعني أنني لا أستطيع أن أكون جزءًا منه بشكل كامل، بل إن هناك لحظات من الشك والشعور بالذنب تراودني، هل تقاعست عن واجبي؟".

ويختم بالقول "الرفض ليس عملًا بطوليًا، لكنه يعبر عن نوع مختلف من القرارات، أن تقف بمفردك، وتتغلب على تعقيدات المعارضة، والبقاء صادقًا مع معتقداتك في مواجهة المجتمع، وتدرك أن التمرد مطلوب عند مواجهة الوضع الراهن العنيف".