بخلاف أي حرب تقليدية شهدتها المنطقة وحتى العالم بأسره، يظهر تحليل نشرته شبكة "سي أن أن" الأمريكية، اليوم الجمعة، أهوال القصف الوحشي الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة الأكثر كثافة سكانية في العالم خلال الحرب المستمرة منذ 77 يوماً، والهادفة إلى القضاء على مقاومة تملك ترسانة أسلحة خفيفة صنعت محلياً تحت حصار مطبق في بقعة جغرافية صغيرة.

وجاء في التحليل الذي أجرته الشبكة بالتعاون مع شركة ذكاء اصطناعي أن الاحتلال أسقط في الشهر الأول مئات القنابل الضخمة، كثير منها قادر على قتل أو جرح الناس على بعد أكثر من 1000 قدم.

وبالاستناد إلى صور الأقمار الصناعية للأيام الأولى من الحرب، يظهر أن القصف أسفر عن أكثر من 500 حفرة ارتطام يزيد قطرها عن 12 مترًا (40 قدمًا)، بما يشير إلى إسقاط هذا العدد (500) من القنابل التي يبلغ وزنها 2000 رطل (حوالى 900 كغ)، وهي قنابل، وفقاً للتحليل، أثقل بأربع مرات من أكبر القنابل التي أسقطتها الولايات المتحدة على تنظيم "داعش" في مدينة الموصل شمالي العراق.

 

هيروشيما غزة

وقالت الشبكة في تقريرها نقلاً عن خبراء إنّ القنابل التي تزن 2000 رطل تستخدم عادة بشكل مقتصد من قبل الجيوش الغربية، بسبب تأثيرها المحتمل على المناطق المكتظة بالسكان مثل غزة، وفقاً للشبكة.

 

غير مسبوقة

وقال مارك جارلاسكو، محلل استخبارات الدفاع الأميركي السابق ومحقق جرائم الحرب السابق في الأمم المتحدة، إن كثافة القصف الإسرائيلي في الشهر الأول على غزة "لم نشهدها منذ فيتنام"، مضيفا: "عليك العودة إلى حرب فيتنام لإجراء مقارنة. حتى في حربي العراق لم تكن الأمور بهذه الكثافة على الإطلاق".

وأسفرت حملة القصف الوحشي عن استشهاد أكثر من 20 ألف فلسطيني جلهم من الأطفال والنساء وإصابة أكثر من 53 ألفاً بجروح متفاوتة، أي بمعدل تقريبي 260 شهيداً ونحو 700 مصاب في اليوم الواحد، على مدار 77 يوماً متواصلة.

 

بتوقيع أمريكا

وقال لاري لويس، مدير الأبحاث في مركز التحليلات (CNA) الذي كان يشغل منصب مدير الأبحاث البحرية سابقاً، في حديث للشبكة: "في غضون شهرين، شهدنا مستوى من الضربات في هذه المنطقة الصغيرة في غزة يماثل ما رأيناه في الموصل والرقة (سورية) مجتمعتين"، مضيفاً: "إنها كمية لا تصدق من الضربات على أساس الفترة الزمنية".

وبحسب الشبكة، أسقطت الولايات المتحدة قنبلة تزن 2000 رطل مرة واحدة فقط خلال حربها ضد "داعش"، أحدث حرب غربية على جماعة مسلحة في المنطقة.

وفيما أشارت الشبكة إلى أنّ الولايات المتحدة زوّدت إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، بأكثر من 5400 طائرة من طراز MK-84 تحمل "قنابل غبية"، من المحتمل أن يكون من بينها ما يزن 2000 رطل، قال جون تشابيل، زميل المناصرة والقانوني في مؤسسة "CIVIC"، وهي مجموعة مقرها واشنطن العاصمة تركز على تقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين في الصراع: "إن الدمار الذي رأيناه للمجتمعات في غزة، للأسف، شاركت في التوقيع عليه الولايات المتحدة. الكثير منها يتم تنفيذه بواسطة قنابل مصنوعة في الولايات المتحدة".

 

هجمات للتطويق

وحسب تحليل "سي إن أن"، تظهر القنابل التي تزن 2000 رطل بشكل بارز في الهجمات على محيط مدينة غزة، مركز التوغل البري. ويشير نمط القصف الذي يظهر في صور الأقمار الصناعية إلى أنّ القصف العنيف حول مدينة غزة ربما يكون قد مهّد الطريق لتطويقها من قبل قوات الاحتلال.

ومن بين الهجمات الأخرى تلك التي وقعت في مخيم جباليا وخلفت أكثر من 100 شهيد في مجزرة بشعة.

وقال المستشار السابق لوزارة الخارجية الأميركية لاري لويس، للشبكة، إنّ الغارة التي وقعت في 31 أكتوبر على جباليا كانت "أمراً لم نكن لنرى الولايات المتحدة تفعله أبداً"، مضيفاً: "يبدو بالتأكيد أن تسامح (إسرائيل) مع الأضرار التي تلحق بالمدنيين مقارنة بالفوائد التشغيلية المتوقعة يختلف بشكل كبير عما نقبله في الولايات المتحدة".