سلط موقع "ميدل إيست آي" الضوء على حال فتيات ونساء غزة، اللاتي يعانين من نقص حاد في منتجات النظافة الشخصية الضرورية وسط الحصار الحاد والعنف الشديد الذي يشهده القطاع.
وقال في تقرير كتبته "نادين عثمان" و"لبنى مصاروة": "في قطاع غزة، وسط حملة القصف والحصار الشامل، أصبحت الضروريات الآن من الكماليات، خاصة بالنسبة للنساء اللاتي يضطررن إلى بذل جهود كبيرة للعثور على منتجات النظافة والصحة النسائية".
ومع إفراغ أرفف المتاجر الكبرى والصيدليات من المنتجات وعدم إمكانية الحصول على المياه الجارية النظيفة لأكثر من شهر منذ أن شنت إسرائيل حربًا على غزة، لم يعد لدى النساء خيارات.
وقد أجبر القصف الإسرائيلي المستمر على القطاع المحاصر النساء على اتخاذ تدابير يائسة عندما يتعلق الأمر بالعناية بصحتهن، حتى لو كانت هذه التدابير غير صحية ولها آثار سيئة على صحتهن على المدى الطويلة.
وأضاف التقرير: "أحد أكبر ما تواجهه النساء هو العثور على منتجات الحيض والفوط الصحية".
تقول كاتبة موقع "ميدل إيست آي" القاطنة في غزة "هند خضري"، إن كونها بلا مأوى منذ بداية الحرب قد أدى إلى تفاقم المشاكل الصحية لها وللنساء الأخريات.
وتابعت: "كانت فترة دورتي الشهرية الأخيرة هي الأسوأ بالنسبة لي، لأنني بلا مأوى، وأعيش على حقيبتي، ولا أستطيع الوصول إلى المراحيض أو أي شيء. أي منتجات تجدها الآن ذات نوعية سيئة، ويمكن أن تسبب التهابات ويمكن أن يكون استخدامها غير صحي ... وهذا يجعلني أشعر بالتوتر بشأن دورتي الشهرية القادمة".
وتوضح "الخضري"، إن الوضع أصبح كابوسًا بالنسبة للنساء، ويسبب قلقًا كبيرًا.
وقالت امرأة أخرى، طلبت عدم الكشف عن اسمها، لموقع "ميدل إيست آي"، إن النساء يمشين عدة كيلومترات للحصول على الفوط الصحية، وفي كثير من الأحيان يجدنها قد بيعت.
وقالت: "عندما بدأت الحرب، كان أول شيء فكرت فيه، حتى قبل الطعام، هو تخزين الفوط الصحية التي تكفيني لبضعة أشهر".
وتابعت: "ومما يزيد الأمر سوءًا هو قلة المياه وغاز الطبخ خلال هذه الأوقات، لقد لجأنا إلى ترك زجاجات المياه في الشمس لعدة ساعات لتدفئة المياه واستخدامها للاستحمام".
ونظرًا لأن المياه أصبحت نادرة، وأفاد الكثيرون أنهم يعانون من الجفاف، فقد أصبح الاستحمام أيضًا مقننًا.
حبوب هرمونية
وذكر التقرير أن قصف المباني السكنية والمستشفيات ودور العبادة والمدارس يعني أن 1.6 مليون شخص قد نزحوا في جميع أنحاء قطاع غزة منذ 7 أكتوبر، مما دفع الناس إلى البحث عن مأوى مع آخرين في المناطق المفتوحة.
ووفقًا لوكالة الأمم المتحدة للأونروا، يعيش حوالي 787 ألف نازح داخليًا في 154 مبنى تابعًا للأونروا، بما في ذلك المدارس.
وقالت الأونروا أيضًا، إن 160 شخصًا في المتوسط لجأوا إلى مدارس الأونروا يتشاركون في مرحاض واحد، وهناك وحدة استحمام واحدة لكل 700 شخص.
الافتقار إلى الخصوصية، إلى جانب استهداف خزانات المياه بالغارات الجوية الإسرائيلية، لم يترك للنساء خيارًا.
وكتب أحد سكان غزة على حسابه على X، أن بعض النساء يتناولن حبوبًا لمنع الدورة الشهرية، بسبب عدم توفر الفوط الصحية وعدم توفر المياه اللازمة للغسيل والتعقيم. فرصة أن تجد الفتاة مكانًا آمنًا به ماء للاغتسال معدومة.
توصف الحبوب (أقراص نوريثيستيرون) عادةً لحالات طبية مثل نزيف الحيض الشديد، والتهاب بطانة الرحم، والدورة الشهرية المؤلمة. وتعمل هذه الحبوب على رفع مستويات الهرمونات وتأخير نزيف الدورة الشهرية، ولكن يمكن أن يكون لها آثار جانبية، خاصة إذا تم تناولها على المدى الطويل. ويمكن أن تشمل هذه الغثيان والقيء وتقلب المزاج، من بين أعراض أخرى.
ومع ذلك، يقول السكان المحليون على الأرض لموقع "ميدل إيست آي"، إنه حتى الحبوب أصبحت نادرة في الوقت الحالي.
إجهاد عقلي وانتهاك للخصوصية
وتقول "هاجر درويش"، خبيرة صحة المرأة المقيمة في لندن، إن التواجد في منطقة حرب يضع ضغطًا جسديًا وعقليًا شديدًا على الجميع، وخاصة النساء.
وأضافت لموقع "ميدل إيست آي": "يتعين على الناس التعامل مع الموت والنزوح المستمرين، ويركزون على كيفية البقاء على قيد الحياة. في منطقة الحرب، تحتاج النساء أثناء الدورة الشهرية إلى استخدام المرحاض وتغيير ملابسهن الداخلية، أو سيكنّ حوامل وعلى وشك الولادة - ولأن المستشفيات والمنازل تتعرض للقصف، لم تعد هناك مساحات نظيفة متبقية".
وبحسب "درويش"، فإن عدم اتباع ممارسات النظافة الصحيحة بسبب قطع إسرائيل إمدادات المياه سيسبب "ضغطًا زائدًا" على النساء، وسيكون له تأثير كبير على الصحة العقلية.
وتابعت "درويش": "أكثر ما يقلقني هو الفتيات التي تبدأ دورتهن الشهرية لأول مرة ولا يتمكنن من العثور على منتجات أو أشخاص يمكنهم التحدث إليهن، لذلك قد يلجأن إلى استخدام الخرق وتمزيق قطع من ملابسهن. ولسوء الحظ، مع الغبار والأوساخ والحطام، سيكون هذا غير صحي وغير آمن ويمكن أن يسبب تسمم وأمراض والتهابات".
ومع عدم قدرة الأطباء في غزة على الحصول على الأدوية الأساسية، واضطرار الجراحين إلى إجراء عمليات جراحية دون أي نوع من التخدير، فقد تم إهمال رعاية النساء بشكل خاص.
وأوضحت "درويش": "بالنسبة لبعض النساء، قد يتسبب الضغط الشديد في توقف الدورة الشهرية، وبالنسبة للبعض الآخر قد يصبح الأمر أشد"، مضيفة أن الأمر سيكون مؤلمًا بالنسبة للنساء.
إهمال رعاية ما بعد الولادة
وقالت "درويش"، إن مصدر قلق رئيسي آخر في غزة حاليًا هو النساء اللاتي أنجبن للتو ولا يحصلن على رعاية متخصصة.
وتابعت: "ستعاني النساء من نزيف زائد وستحتاج النساء إلى ملابس إضافية ومنتجات الدورة الشهرية بالإضافة إلى مسكنات الألم. وبدون ذلك، يمكن أن يكون الأمر منهكًا للغاية للصحة العقلية والجسدية، وهو أمر مؤلم".
كما نفدت منتجات مثل حفاضات الأطفال من محلات السوبر ماركت والصيدليات، مما يعني أن الآباء غير قادرين على رعاية أطفالهم حديثي الولادة.
ودعت "درويش" المنظمات النسوية والنسائية إلى التحدث علنًا عن الوضع الذي تواجهه النساء في غزة، لافتة إلى أنه "إذا لم تصل المنتجات إلى غزة قريبًا، فسيموت الناس بسبب العدوى الناجمة عن سوء النظافة".
وأردفت: "المجموعات النسوية التي التزمت الصمت بحاجة إلى التحدث وتقديم الدعم. وبغض النظر عن موقفهم، ؤفهم بحاجة للدفاع عن المرأة في فلسطين".
ومع خروج جميع المخابز في غزة عن الخدمة بعد قصفها، وإفراغ أرفف المتاجر الكبرى، أعرب الخبراء أيضًا عن مخاوفهم من أن النساء سيكافحن أثناء فترة حملهن بسبب سوء التغذية.