استهدف الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، بالمدفعية عددا من المواقع التابعة للدعم السريع التي يتزعمها محمد حمدان دقلو.

وسمعت أصوات إطلاق نيران متقطعة واشتباكات منذ الصباح الباكر في الأجزاء الشرقية والجنوبية للأحياء القديمة في أم درمان، إضافة لسماع دوي إطلاق نار في بحري والخرطوم ومنطقة كرري.

واستهدفت الطائرات المسيرة التابعة للجيش أيضا تجمعات للدعم السريع في الأحياء القريبة من سلاح المدرعات في العاصمة. وحسب المصادر، فقد استهدفت مسيرات الجيش السوداني أيضا تجمعات لقوات الدعم السريع في حيي العُشَرَة واللاماب (جنوب الخرطوم).

وفي ولاية جنوب كردفان، نشبت معارك عنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الحركة الشعبية شمال-جناح عبد العزيز الحلو" بمنطقة دلامي (جنوب شرقي الدلنج).

وأضافت المصادر أن قوات الحركة الشعبية هاجمت حامية دلامي العسكرية الإستراتيجية ودار قتال عنيف بين الجانبين.

ويخيم الهدوء الحذر في عدد من المناطق الجنوبية والغربية للولاية بعد اشتبكات قبلية دامية راح ضحيتها ما يقارب مئتي شخص وجرح العشرات وسط استمرار الاحتقان بين المجموعات السكانية المتحاربة.

 

اشتباكات قبلية بدارفور
إلى جانب ذلك، كشفت مصادر محلية للجزيرة عن أن اقتتالا قبليا في دارفور (غربي السودان) أودى بحياة 120 شخصا على الأقل خلال يومين.

واندلعت الاشتباكات بين قبيلتي "البني هلبة" (العربية) و"المساليت" (الأفريقية) بولاية غرب دارفور.

وتصاعدت أعمال العنف ذات الدوافع العرقية في دارفور، بالتزامن مع الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع، التي اندلعت في أبريل الماضي.

في هذه الأثناء، طالب حاكم إقليم دارفور طرفي النزاع في السودان بوقف الحرب فورا، والدخول في حوار سياسي، وقال إن الحل السياسي يجب أن يُترك للشعب السوداني.

 

جثث على الأسطح
وفي ذات السياق، حذرت لجان المقاومة بمدينة الجنينة (غربي دارفور) التي شهدت بدورها اقتتالا عنيفا خلال الأشهر الماضية، من أن بعض الجثث مازالت لم تدفن بعد.

ولفتت إلى أن بعضها رمي على أسطح المنازل، فيما تم التخلص من بعضها بمقابر جماعية أو رميها في الأودية ومجاري المياه ما ينذر بكارثة بيئية.

وكانت مسألة انتشار الجثث سواء في بعض مناطق دارفور أو حتى في الخرطوم أثار قلق العديد من المنظمات الإنسانية والطبية والأممية، التي نبهت من احتمال تفشي الأوبئة إذا لم تجد تلك المسألة حلاً.

يشار إلى أنه منذ اندلاع القتال بين القوتين العسكريتين الكبيرتين في البلاد منتصف أبريل الماضي تصاعدت المخاوف من انزلاق إقليم دارفور في غرب السودان في أتون حرب أهلية وقبلية مريرة، لا سيما أن المنطقة تحفل بذكريات أليمة.

إذ يزخر هذا الإقليم الشاسع الذي تسكنه قبائل عدة عربية وإفريقية، والمشهور بالزراعة، وتعادل مساحته فرنسا تقريبا، بذكريات أليمة من الحرب الأهلية الطاحنة التي امتدت سنوات، مخلفة آلاف القتلى، فضلا عن مجازر كبرى بين القبائل، قبل عقدين من الزمن.

فقد اندلع الصراع فيه عام 2003 حينما وقفت مجموعة من المتمردين في وجه القوات الحكومية المدعومة من ميليشيات الجنجويد التي اشتهرت في حينه بامتطاء الخيول، وأدت أعمال العنف إلى مقتل نحو 300 ألف شخص، وتشريد الملايين.

ورغم اتفاقيات السلام العديدة، فلا يزال التوتر مستمرا منذ ذلك الوقت، كالجمر تحت الرماد، ينتظر شرارة لإيقاظه.

وقد تصاعد العنف بالفعل خلال العامين المنصرمين بشكل متقطع قبل أن يهدأ نسبيا، ليعود إلى الاشتعال ثانية إثر النزاع الذي اندلع بين الجيش والدعم السريع!
 


تدهور الوضع الصحي
ومع استمرار القتال تدهور الوضع الصحي، حيث حذرت الجهات الإغاثية في السودان من اقتراب البلاد أكثر فأكثر من كارثة صحية شاملة.

وأعلن المجلس القومي للأدوية والسموم عن إعداد قائمة بالأدوية غير المتوفرة أو التي بها نقص في الإمداد.

وناشد هذا المجلس -في تعميم صحفي- مستوردي الأدوية الاستجابة العاجلة لسد هذا النقص، مؤكدا التزامه بتذليل كافة الصعوبات لتسهيل عملية استيراد الدواء.

وكانت منظمة أطباء بلا حدود قالت إن القتال أدى إلى خروج 3 أرباع المؤسسات الصحية من الخدمة، مشيرة إلى أن صراع الجيش والدعم السريع يعيق دخول عناصر الفرق الصحية الأجنبية للبلاد، ويعيق انتقالهم بالداخل في حال دخولهم.

ويتبادل الجيش -بقيادة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)– اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال الذي خلف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، وأكثر من 4 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، حسب الأمم المتحدة.