اهتمت صحف عالمية منها الجارديان والتليجراف بمطالبات عشرات الأكاديميين لإطلاق زعيم حزب النهضة الإسلامي المقبوض عليه راشد الغنوشي ودعوتهم قادة الغرب لاسيما أوروبا بمساعدة التونسيين في مقاومة الاعتداء على الديمقراطية بعد الحكم على الغنوشي.

وكان بمقدمة الأكاديميين من الولايات المتحدة وأوروبا، الداعين لإطلاق الغنوشي؛ خبير الشرق الأوسط فرانسوا بورجات، والعالم الإسلامي جون إسبوزيتو، واللغوي والناشط الشهير نعوم تشومسكي، أن التهم الموجهة إلى الغنوشي وغيره من قادة المعارضة هي محاولة يائسة للقضاء على كل معارضة وصرف الانتباه عن الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

 

ويتوزع الأكاديميون الموقعون على 19 دولة بأمريكا وأوروبا، من بينهم تشارلز تايلور، وفرانسيس فوكوياما، وفيليب شميتير، وكليمنت إتش مور، وأوليفييه روي، وجوسلين سيزاري، ولاري دايموند، وجون إنتيليس، وبرهان غليون، وإلين لوست، وخالد أبو الفضل، وجون كين، وتشارلز تريب.


وأكدت رسالة نحو 150 أكاديميا؛ على ضرورة وقوف القوى الأوروبية إلى جانب التونسيين المؤيدين للديمقراطية الذين يقاومون هجوما شرسا يهدف إلى إعادة البلاد إلى أحلك أيام الديكتاتورية.

اسم سمية الغنوشي ابنة الزعيم الإسلامي ورئيس مجلس الشعب قبل استيلاء الرئيس قيس سعيد عليه، واضحا فهي التي تقود من مقر إقامتها بلندن، الحملة التي انضم إليها أكاديميون أوروبيون، بعد الحُكم على والدها راشد الغنوشي، بالسجن لمدة عام الإثنين الماضي.

ومن المرجح أن تكون القضية التي أسفرت عن الحكم على الغنوشي واحدة من عدة تهم وجهت إليه، ودعت ابنته القادة الأوروبيين إلى أن يكونوا أقل خجلا في إدانتهم لفقدان تونس الحريات المكتسبة بصعوبة.


وقالت سمية في الرسالة إن قادة المعارضة "يواجهون حملة واسعة من الاعتقالات التعسفية والتهم ذات الدوافع السياسية والتشويه والتهديدات. يجب على جميع المؤمنين بالقيم المشتركة للحرية والديمقراطية في جميع أنحاء العالم أن يقفوا إلى جانبهم في نضالهم من أجل الحرية ".

وحكمت محكمة يوم الاثنين الماضي على الغنوشي بالسجن لمدة عام لإشارته المزعومة إلى ضباط الشرطة على أنهم طغاة بينما قال حزبه إنه قُدم إلى محاكمة صورية تم فيها التلاعب بالأدلة.

وزار وفد من الاتحاد الأوروبي تونس الأسبوع الماضي، لكن حتى الآن لم يتم فرض أي عقوبات على البلاد.

قالت سمية الغنوشي لصحيفة الغارديان إن الرئيس التونسي قيس سعيد، مصمم على تفكيك الدولة، "قبل ذلك كان لدينا حكم الحزب الواحد، الآن إنها قاعدة الرجل الواحد".

وترى الجارديان أن الاتحاد الأوروبي عالق في مأزق العمل على تجنب انهيار الاقتصاد التونسي، والخوف من أن تؤدي المزيد من الاضطرابات الاقتصادية إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يتجهون نحو الهجرة إلى إيطاليا وأوروبا.

 

رسالة مفتوحة

رسالة الأكاديميون المفتوحة تزامنت مع مرور شهر على اعتقال الغنوشي لدى الأمن التونسي وتفتيش منزله في 17 ابريل الماضي، بسبب تصريحات انتقد فيها السلطات.

 

وقال الموقعون إن التهم الموجهة للغنوشي (81 عاماً) "ما هي إلا محاولة يائسة لاجتثاث واحد من الأصوات الأعلى التي تقاوم تدمير الديمقراطية في تونس، وتحويل الأنظار بعيداً عن الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية العميقة التي تعصف بالبلاد".

 

وأشارت الرسالة إلى أن الديمقراطية التونسية، التي تمثل الأمل الأخير للربيع العربي، تواجه عودة الاستبداد منذ 25 يوليو 2021، بعد تفكيك المؤسسات الديمقراطية، وتركيز السلطات في يد الرئيس.

وأضاف الأكاديميون أن الديمقراطيين في تونس لم يلتزموا الصمت، وانتهى الأمر بالعشرات منهم في السجن، بسبب دفاعهم عن الحقوق والحريات في البلاد، بتهم ملفقة متعلقة بـ"التآمر على الدولة".


وقالت الرسالة إن الديمقراطية التونسية ، الأمل الأخير للربيع العربي ، وأن الاستبداد عاد منذ 25 يوليو 2021 مع تفكيك جميع المؤسسات الديمقراطية وتركيز جميع السلطات في يد الرئيس قيس سعيد.


وكتب الموقعون "السيد الغنوشي معروف كواحد من أبرز دعاة الديمقراطية في العالم العربي ... لقد كان أحد الأصوات الأكثر ثباتًا على الاعتدال وإدانة التطرف. إن مقاربته لبناء الإجماع والتوافق الوطني والدعوات المستمرة للحوار والوحدة بين مختلف التيارات السياسية والفكرية والأيديولوجية مطلوبة في تونس والمنطقة الأوسع وخارجها أكثر من أي وقت مضى. ندعو السلطات التونسية إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين واستعادة الحريات وحقوق الإنسان في تونس ".


نص الرسالة:

http://tunisiaopenletters.com

أسماء الموقعين:

http://tunisiaopenletters.com/signatures/


وقالت الرسالة: "ينبغي على جميع المؤمنين بقيم الحرية والديمقراطية المشتركة حول العالم أن يقفوا معهم في نضالهم من أجل الحرية".

واعتبروا ان اعتقال الغنوشي محاولة من النظام لاجتثاث واحد من الأصوات الأعلى التي تقاوم تدمير الديمقراطية في تونس لاسيما وأن راشد الغنوشي، الذي انتخب ديمقراطياً رئيساً للبرلمان التونسي الذي تم حله بطريقة غير دستورية من قبل الرئيس قيس سعيد".

واعتبر الموقعون أن الهدف هو "تحويل الأنظار بعيداً عن الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية العميقة التي تعصف بالبلاد."ز

ولم يكتف الموقعون بالتضامن مع الغنوشي بل تضامنوا أيضا مع ".. جميع التونسيين الديمقراطيين الذين سجنوا أو حوكموا ظلماً وعدواناً، ونطالب السلطات التونسية بإطلاق سراح جميع المساجين السياسيين في تونس".

ولم يصنف المفكرين العالميين ومنهم يهود الغنوشي إرهابيا كما تحاول السلطات التونسية وإعلام الثورة المضادة في القاهرة وأبوظبي تصويره بل اعتبروه "من أبرز المدافعين عن الديمقراطية في العالم العربي وعن الديمقراطية الإسلامية. ولطالما كان واحداً من أهم رموز الاعتدال ومن الأصوات المنددة بالتطرف. كما عرف بمقاربته التي تدعو إلى بناء الإجماع والتوافق وبدعوته المستمرة إلى الحوار والوحدة بين مكونات الطيف السياسي والفكري والأيديولوجي".

 

وأكد الموقعون أن الغنوشي هو "ما تحتاج إليه تونس وتحتاجه المنطقة بأسرها أكثر من أي وقت مضى. إن حرمان تونس والمنطقة والعالم من أحد أبرز أصوات الاعتدال والديمقراطية يشكل خسارة فادحة تتجاوز حدود تونس إلى أصقاع الأرض".

وقالوا إن "اعتقال السيد الغنوشي جزءاً من عملية استهداف سياسي واسعة النطاق تكمن من ورائها دوافع سياسية بحتة كما ورد في بيان لمنظمة العفو الدولية".
 

حملة ضد المعارضة 
والإثنين، قضت محكمة تونسية بالسجن مدة عام واحد إضافة إلى دفع غرامة مالية بحق رئيس "النهضة" بتهمة التحريض على أفراد الأمن فيما يبدو أنها قضية ضمن ملف تستعد تونس لإبقاء الغنوشي بها في محبسه.

 

وأوقف الأمن التونسي الغنوشي في 17 أبريل بعد مداهمة منزله، قبل أن تأمر المحكمة الابتدائية في العاصمة تونس بإيداعه السجن في قضية "التصريحات المنسوبة له بالتحريض على أمن الدولة".

 

ومنذ 11 فبراير الماضي نفذت السلطات التونسية حملة توقيفات شملت قادة وناشطين في المعارضة، وعادة ما تنفي "النهضة" وبقية قوى المعارضة صحة الاتهامات الموجهة إلى قادتها وتعتبرها ملاحقات سياسية، بينما اتهم سعيّد موقوفين بـ"التآمر على أمن الدولة".