خاض الأسير خضر عدنان معركة طويلة مع الإضراب عن الطعام والتي استمرت 87 يوما رفضا لاعتقاله من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، حيث تم حجزه على مدار الفترة الماضية في زنزانة في عيادة سجن الرملة التابع للاحتلال، ليستشهد عن عمر ناهز الـ 44 عاما.
وقالت مصلحة السجون الصهيونية إنه عثر عليه فاقد الوعي في ساعة مبكرة من صباح يوم الثلاثاء، ونقل إلى المستشفى لكن محاولات إنعاشه باءت بالفشل.
كما قال نادي الأسير الفلسطيني -صباح اليوم الثلاثاء- إن سلطات الاحتلال أبلغت الحركة الأسيرة باستشهاد الأسير الشيخ خضر عدنان بعد إضراب عن الطعام استمر 87 يوما رفضا لاعتقاله، في حين توعدت حركة الجهاد الإسلامي التي ينتمي إليها الشهيد بالرد، ودعت القوى الفلسطينية في الضفة الغربية لإضراب شامل وحداد عام عقب استشهاد عدنان.
واتهم نادي الأسير (هيئة غير حكومية) الاحتلال باغتيال خضر عدنان (44 عاما) عن سبق إصرار، وطالبت هيئة شؤون الأسرى (هيئة حكومية) بتسليم جثمان الشهيد فورا من أجل "تشييعه بشكل يليق بتاريخه"، وأضافت الهيئة أنها علّقت العمل أمام المحاكم العسكرية لدى الاحتلال اليوم الثلاثاء، احتجاجا على استشهاد الأسير.
من هو الشهيد خضر عدنان؟
والأسير الشيخ خضر عدنان من مواليد 1978، من بلدة عرابة في منطقة جنين (شمال الضفة الغربية)، متزوج وأب لـ9 من الأبناء، أصغرهم يبلغ من العمر سنة ونصف السنة وأكبرهم 14 عاما، وهو قيادي في حركة الجهاد الإسلامي.
أنهى مرحلتي الدراسة الأساسية والثانوية العامة في مسقط رأسه عرابة، واجتاز المرحلة الثانوية بتقدير جيد جداً عام 1996، والتحق بجامعة بيرزيت في مدينة رام الله، وحصل عام 2001 على درجة البكالوريوس في الرياضيات الاقتصادية، ثمّ التحق ببرنامج الماجستير في تخصص الاقتصاد في الجامعة نفسها.
الوصية الأخيرة
في الثاني من أبريل الماضي، أرسل الشيخ الأسير وصية مكتوبة لعائلته، وقال فيها "أبعث لكم بكلماتي هذه وقد ذاب شحمي ولحمي ونخر عظمي وضعفت قواي…". وأوصى زوجته بأطفاله، ودعاها إلى "قول الحق في كل زمان ومكان…". وأضاف أن "خير بيوت فلسطين هي بيوت الشهداء والأسرى والجرحى والصالحين".
وقال عدنان في وصيته "إذا كانت شهادتي فلا تسمحوا للمحتل بتشريح جسدي، وسجّوني قرب والدي واكتبوا على قبري هنا عبد الله الفقير خضر عدنان".
وفي كلمته للشعب الفلسطيني، قال عدنان "هذه أرض الله ولنا فيها وعد منه إنه وعد الآخرة، لا تيأسوا فمهما فعل المحتلون وتطاولوا في احتلالهم وظلمهم وغيهم فنصر الله قريب، ووعده لعباده بالنصر والتمكين أقرب".
رحلة كفاح طويلة بالمعتقلات
خاض الشيخ أول تجربة إضراب عن الطعام عام 2004 رفضًا لعزله في سجون الاحتلال واستمر 25 يوما.
وفي عام 2012، فجّر الشيخ خضر ما عرف لاحقا باسم "ثورة الإضراب الفردي" في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ومضى على دربه عشرات الأسرى رفضا للاعتقال الإداري. وفي هذه المرة خاض إضرابًا استمر 66 يوما، وتزامن مع حراك شعبي واسع حتى قرر الاحتلال الإفراج عنه.
وقال وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين في حينها عيسى قراقع إن إضراب الشيخ عدنان "شكّل حالة نادرة وتاريخية ومفصلية في تاريخ النضال الفلسطيني، وأحرج إسرائيل دوليا".
في عام 2015، أضرب الشيخ خضر عدنان فور اعتقاله أيضا ولمدة 56 يومًا.
وفي عام 2018 خاض الإضراب عن الطعام 58 يومًا.
وفي عام 2021، خاض إضرابًا عن الطعام استمر 25 يومًا.
وعلى مدار الإضرابات السابقة تمكّن من نيل حريته، ومواجهة اعتقالاته التعسفية المتكررة.
وتعرّض الشيخ خضر عدنان للاعتقال 12 مرة، وأمضى ما مجموعه نحو 8 سنوات في سجون الاحتلال، ومعظمها قيد الاعتقال الإداري، أي بلا لائحة اتهام معلنة ووفق "ملف سري". وهو حاصل على درجة البكالوريوس في الرياضيات الاقتصادية.
إنه الإضراب السادس عن الطعام، والأطول الذي امتد إلى 87 يوما متواصلة، حيث عاند الأسير الفلسطيني الشيخ خضر عدنان حتى الرمق الأخير، طالبا الحرية التي كان ينالها دوما بعد كل إضراب، لكنها عاندته هذه المرة حتى أُعلن استشهاده في زنزانة باردة بسجن الرملة الإسرائيلي فجر الثلاثاء.
إضراب
إضراب ودعت القوى الوطنية والإسلامية في الضفة الغربية إلى إضراب شامل وحداد عام في جميع مناحي الحياة، بما في ذلك المؤسسات التعليمية والجامعات، ردا على استشهاد الأسير الشيخ خضر عدنان.
وبثت المنصات الفلسطينية مقاطع فيديو توثق الإضراب الذي شل مناحي الحياة في عدد من مدن الضفة الغربية، استنكارا لاستشهاد الأسير الفلسطيني. ومع ساعات الصباح الأولى أغلقت المحلات التجارية أبوابها في محافظة جنين مسقط رأس الشهيد، ما أدى إلى شلل في حركة البيع والشراء.
مسيرات تضامنية
وانطلقت مسيرة في بلدة عرابة، جنوبي مدينة جنين (شمال الضفة) تنديدا باستشهاد خضر عدنان في سجون الاحتلال، وطافت المسيرة شوارع المدينة، وردد المشاركون شعارات تندد بسياسات الاحتلال تجاه الأسرى، رافضين جريمة الاغتيال المتعمدة بحق الأسير، وطالب المشاركون المقاومة الفلسطينية بضرورة الرد السريع.
وفي مدينة رام الله (وسط)، شارك عدد من الشبان في وقفة احتجاجية بدوار المنارة للتنديد باستشهاد الأسير، وردد مشاركون في الوقفة هتافات حماسية وغاضبة "استنكارا لجريمة اغتيال الأسير" بعد 86 يوما من الإضراب عن الطعام، رفضا لاعتقاله.
وفي مدينة الخليل (جنوب)، اندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال في منطقة باب الزاوية عقب ارتقاء الأسير عدنان شهيدا، وقد أشعل الشبان الإطارات المطاطية وسط الطرق، فيما انتشرت قوات الاحتلال وسط حالة الإضراب التي عمت المدينة بشكل كامل، استنكاراً لجريمة اغتيال الأسير.
وفي قطاع غزة، نظمت وزارة التعليم عددا من الوقفات المنددة بجريمة اغتيال الأسير خضر عدنان، ورفع طلبة المدارس صور الشهيد إلى جانب الأعلام الفلسطينية، معبرين عن حزنهم الشديد لما وقع.
وعد بالثأر
وفي أول تعليق لحركة الجهاد الإسلامي -التي ينتمي إليها الأسير الشهيد- قالت الحركة "ننعى قائدا عظيما ورجلا شجاعا ومجاهدا صلبا من أشرف الرجال الشيخ خضر عدنان"، وأضافت الحركة "استشهاد الشيخ خضر عدنان لن يمر دون رد، والمقاومة في وجه الاحتلال ستتواصل بكل قوة وإصرار".
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن شهود عيان أنهم شاهدوا رشقة من الصواريخ أُطلقت من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، وقد أعلن الناطق باسم جيش الاحتلال تفعيل الإنذار في منطقة "كيبوتس سعد" في غلاف غزة، وقال إن 3 صواريخ أطلقت من القطاع سقطت في منطقة غير مأهولة في النقب الغربي على الحدود مع القطاع، ولم يُبلَّغ عن أضرار أو إصابات.
وقالت إذاعة الجيش الصهيوني إن تل أبيب ألغت مناورات عسكرية كانت مقررة في محيط غلاف غزة بعد إطلاق قذائف صاروخية من القطاع، كما أن صفارات الإنذاردوت في غلاف غزة عقب استشهاد الأسير عدنان.