قررت إدارة بنكي الأهلي ومصر، في الأول من يوليو الجاري، إيقاف طرح شهادات الـ 18%، وإصدار شهادات أخرى جديدة لأجل 3 سنوات بـ فائدة 14%، عقب قرار البنك المركزي المصري رفع سعر الفائدة 2%.

حققت المرجو منها

وأكدت مصادر أن شهادات الـ 18% كانت مؤقتة للسيطرة على ارتفاع معدل التضخم، وتحجيم السيولة بالأسواق، واحتواء موجة ارتفاع الأسعار في السوق المحلي، غير أنها تؤثر سلبًا على الاستثمار المباشر وغير المباشر.

وأضاف المصدر، أن الشهادات حققت المرجو منها ودفعت لدخول سيولة كبيرة في القطاع المصرفي سواء في البنك الأهلي أو بنك مصر.

وأوضح محمد الإتربي، رئيس بنك مصر، أن البنكين قررا بعد إيقاف الشهادة مرتفعة العائد رفع الفائدة على الشهادة الثلاثية للعائد الثابت من 11% إلى 14% ويصرف العائد شهريًا بدءًا من اليوم.

وسحبت شهادات الـ18%  حوالى 750 مليار جنيه لدى البنكين، وهي أكبر حصيلة شهادات ادخار في التاريخ المصرفي المصري، حيث بلغت حصيلة شهادة الـ18%؜ مبلغ 515 مليار جنيه لدى البنك الأهلي المصري و240 مليار جنيه لدى بنك مصر منذ صدورها في 21 مارس حتى نهاية عمل اليوم الإثنين.

تراجع القطاع الخاص

من جانبها، قالت وحدة الأبحاث ببنك الاستثمار بلتون في تقرير الشهر الماضي، إن "40% من معدل التضخم المحلي المرتفع منه تضخم مستورد، أي أنها لا تعود لأسباب محلية وإنما بسبب ارتفاعات الأسعار العالمية في مواد الغذاء مثل القمح والذرة والزيوت وغيرها، وكذلك أسعار الطاقة، والتي ترفع من تكلفة التنقل للأفراد ومن تكلفة شحن السلع المستوردة".

بدوره، قلل خبير الاقتصاد الاستراتيجي علاء السيد، من نجاعة إجراء البنك المركزي في احتواء التضخم وخفض الأسعار، قائلا: "كالعادة سوف ينخفض التضخم على الورق، وسوف تزيد الأسعار في الأسواق وعلى أرض الواقع، وحصيلة هذا المبلغ التي تتجاوز 33 مليار دولار سوف توجه لإقراض الحكومة، وليس لمشروعات اقتصادية".

وحذر من أن "حبس الأموال في شهادات ادخارية مرتفعة العائد، سيؤدي إلى عدم خلق وظائف جديدة، مع الأخذ في الاعتبار استمرار تراجع أداء القطاع الخاص غير النفطي". وأضاف: "كما أنها تدفع أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة نحو تصفية أعمالهم ووضع أموالهم في البنوك، للحصول على تلك الفائدة، وبالتالي إحباط جهود بعض الراغبين في إنشاء مشروعات صغيرة من المغامرة في إنشاء مشروعه الخاص".

وخلال شهر أبريل الماضي، سجل مؤشر مديري المشتريات الرئيس الذي يقيس أداء القطاع الخاص غير النفطي، تراجعًا جديدًا، حيث وصل إلى أدنى مستوى له في 21 شهرًا بنحو 46.5 نقطة، أي أقل من 50 نقطة وهي الحد الفاصل بين النمو والانكماش، وكان السبب الرئيس هو معاناة الشركات من أسوأ انخفاضات في الإنتاج والطلبات الجديدة.

ارتفاع التضخم

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أنه "يتوقع أن يواصل التضخم ارتفاعه في مصر خلال الشهور القادمة، خاصة أن معظم هذا التضخم مستورد من الخارج بسبب ارتفاع الأسعار وليس بسبب زيادة الطلب على المنتج المحلي".

ونوه إلى أن "الإجراءات الحكومية بما فيها المركزي المصري بعيدة عن السياسات النقدية والاقتصادية الرشيدة وتعمل على المسكنات فقط، لذلك لا بد لهذه الحكومة أن تقال أو تستقيل لأن استمرارها سوف يؤدي إلى إفلاس مصر في ظل السياسات الراهنة".

وترى وحدات البحث لشركات الاستشارات المالية، أن هذه الشهادات ذات العائد المرتفع قد تأتي بنتائج عكسية وتؤدي إلى زيادة الركود الاقتصادي، من خلال الإسهام في انحسار الاستثمارات في الأعمال الجديدة، التي بالأساس ستنحسر في ظل الركود الاقتصادي وعدم تعافي الطلب الاستهلاكي منذ أزمة كورونا، وتأجيل العديد من الشركات لخططها التوسعية.

التأثير على القدرة الشرائية

وقال الدكتور مصطفى بدرة أستاذ التمويل والاستثمار، إن شهادات الادخار مرتفعة العائد أثرت سلبًا على القدرة الشرائية بالأسواق والاستثمار المباشر، خاصة وأن مصر في حاجة ملحة خلال الفترة الحالية لضخ استثمارات ضخمة في مختلف الأنشطة الاقتصادية لتحقيق معدل نمو مرتفع والتركيز على زيادة حصيلتها من النقد الأجنبي، كما تؤثر هذه الشهادات على البنوك التي تصدرها والتي ستواجه سداد العائد المرتفع حتى عام.

وتابع بدرة أن شهادات الادخار أثرت سلبًا على الاستثمار غير المباشر ممثل في سوق الأوراق المالية، والذي شهد هبوطًا عنيفًا خلال الفترة الماضية، وضعف في أحجام السيولة، والذي تراوح بين 300-400 مليون جنيه يوميًا، ما أدى إلى انخفاض قيم الشركات المدرجة.

وتراجع المؤشر الرئيس للبورصة المصرية بنسبة 8.13% خلال شهر مايو ليغلق عند مستوى 10150.05 نقطة، وخسر رأس المال السوقي نحو 49.2 مليار جنيه (2.6 مليار دولار) بنسبة انخفاض 6.9%، وانخفضت قيمة التداول بالبورصة المصرية إلى 48.3 مليار جنيه (2.596 مليار دولار) خلال مايو مقارنة بإجمالي قيمة تداول قدرها 86.7 مليار جنيه خلال أبريل.