أعرب عدد من أهالي السجناء السياسيين في سجن العقرب شديد الحراسة، في مصر، عن مخاوفهم وقلقهم البالغ على ذويهم المسجونين، بعد ورود أنباء مؤكدة لهم عن تعرض السجناء للتعذيب من ضرب وتعليق من الأطراف وصعق بالكهرباء.
وسجن "العقرب" شديد الحراسة يقع داخل مجمع سجون طرة جنوبي القاهرة.
وعلى وسمي "طمنونا عليهم" و"أنقذوا معتقلي العقرب"، دون عدد من أهالي السجناء السياسيين في السجن شديد الحراسة، عما يتعرض له ذووهم في الداخل من انتهاكات وصلت لحد التعذيب بالكهرباء في مناطق متفرقة من الجسد، وتعليق من الأيدي والأرجل، وضرب مبرح، حسبما أكدت صفحة "أسر معتقلي العقرب" على فيسبوك.
المخاوف تتزايد على كل من في سجن العقرب شديد الحراسة، خاصة أن الأهالي ممنوعون من الزيارة تمامًا منذ نحو ست سنوات، ولا توجد وسيلة واحدة للاطمئنان على من في الداخل.
ظروف الحياة داخل هذا السجن يمكن تخيلها من خلال تصريح سابق لمأمور سجن العقرب، إبراهيم عبد الغفار، إذ وصف في مقابلة تلفزيونية سجن العقرب بأنه "سجن لا تدخله شمس ولا هواء. كمية الهواء فيه تتيح تنفس النزلاء بالكاد. صمموه بحيث إن من يدخله لا يخرج منه حيًا. صمموه للمعتقلين السياسيين".
قائمة بأسماء المتوفين في سجن العقرب
ونشر عدد من أهالي سجناء العقرب، قائمة بأسماء المتوفين في الداخل خلال السنوات الماضية، حيث لم يعرف عدد من أهاليهم عنهم أي معلومة سوى باتصال واحد أخير من إدارة السجن، يطالبهم بالتوجه لاستلام الجثمان.
وتوفي مايزيد على 14 نزيلا على الأقل في سجن العقرب منذ 2015، وفقا لبحث أجرته هيومن رايتس ووتش وتقارير حقوقية وإعلامية أخرى.
ولأنه منذ 15 مارس/ آذار عام 2015، مُنِع سجناء العقرب من الزيارة أو التواصل مع ذويهم ومحاميهم، فقد ساهم هذا الانقطاع عن العالم الخارجي في تفاقم الانتهاكات ضد المعتقلين السياسيين ودفعهم للدخول في إضرابات عن الطعام أكثر من مرة، بالإضافة لتسجيل عدد من محاولات الانتحار داخل السجن بسبب التضييق المتواصل.
وهذه ليست المرة الأولى التي يخرج فيها تنديد بعقاب وتعذيب جماعي في سجن العقرب، فعام 2020، نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرًا بعنوان "عقاب جماعي في سجن العقرب.. قيود جديدة على التهوية والكهرباء عقب واقعة القتل المشبوهة"، أكدت فيه حدوث انتهاكات جسيمة داخل السجن في أعقاب حادثة مشبوهة في 23 سبتمبر/أيلول 2020 في السجن قُتل فيها أربعة من عناصر الأمن وأربعة نزلاء.
وأكدت المنظمة أن سجن العقرب، يُحتجز فيه حاليا ما بين 700 و800 سجين، مع حظر الزيارات العائلية بالكامل منذ مارس/آذار 2018، والحرمان من ساعات التريّض والحبس لمدة 24 ساعة منذ مطلع 2019.
ليس في عام 2020وحسب، بل سبق أن وثقت هيومن رايتس ووتش أيضًا في تقرير عام 2016 المعاملة القاسية واللاإنسانية من قبل ضباط سجن العقرب والتي ترقى على الأرجح إلى التعذيب، بما في ذلك العزلة المطولة والحرمان من التريّض والزيارات لأشهر أو سنوات والضرب.
معلومات أساسية عن "سجن العقرب"
سجن شديد الحراسة المعروف بسجن العقرب يفصله سور يبلغ ارتفاعه 7 أمتار عن باقي مباني مجمع طرة، ويقع على بعد 2 كم من بوابة منطقة سجون طرة الرئيسية ضمن منطقة سجون طرة (ب).
وفي ظل الاكتظاظ، يُحتجَز في الزنازين التي تبلغ مساحتها حوالي مترين عرضا وثلاثة أمتار طولا سجينين أو ثلاثة عادة. كما أن حراس السجن كثيرا ما يتركون زنزانة فارغة بين كل زنزانة وأخرى لجعل التواصل بين السجناء أكثر صعوبة.
وحسب تقارير حقوقية، لا توجد أسرّة بالزنازين، فقط تحتوي على مصاطب خرسانية مرتفعة عن الأرض مخصصة للنوم. والطعام لا يتوفر في سجن العقرب سوى بكميات هزيلة نتيجة لمنع الزيارة. وتكررت أنباء إصابة المحتجزين داخل السجن بالتسمم، حيث أعلنت ابنة خيرت الشاطر في 2017 بإصابة والدها ومحتجزين آخرين بتسمم غذائي نظرًا لتناولهم طعام السجن، وسبق ذلك في 2016 وفاة هشام المهدي بالتسمم وإصابة 60 آخرين طبقًا لشهادة ابنة أحد المحتجزين بالداخل حينها.
ويوجد في كل زنزانة حمام واحد وهو عبارة عن تجويف ضحل في الأرض، به حفرة ودرجة سلم على الجانبين، ومعها خرطوم مياه للتنظيف. ولا تسمح إدارة سجن العقرب للمحتجزين بحيازة أدوات للنظافة الشخصية حتى للاستخدام اليومي، مثل الصابون وفرشاة ومعجون الأسنان وأدوات الحلاقة.
ويحتجز العديد من السجناء في سجن العقرب داخل زنازين انفرادية وربما يستمر ذلك طيلة فترة احتجازهم. والزنزانة الانفرادية لا تتعدى مساحتها 4 أمتار مربعة، ولا يوجد بها نافذة سوى شق في باب الزنزانة (نظارة الباب) لإدخال الطعام، وتخلو من سرير للنوم. والزنزانة مليئة بالحشرات بسبب تسرب المياه من مجاري الصرف الصحي.
ويمنع دخول السوائل، المعلبات، الفاكهة، الخبز، الخضروات، الحلوى الواردة من أسر وأهالي المعتقلين، كما يُمنع دخول الملابس التي تحتوي على جيب أو كبسونة أو حرف سبعة أو كاب للرأس أو خط بلون مخالف أو علامة تجارية للتيشيرت.
وكذلك تُمنع دخول بطانية أو غطاء، الملابس الشتوية، الشرابات، الشباشب. وطبقًا لشهادات أهالي سجناء لمنظمة هيومن رايتس ووتش فإنه ممنوع دخول أواني الطعام، الساعات، سجاجيد الصلاة، أوراق للكتابة أو أقلام.
ويعاني المحتجزون في سجن العقرب من تردي أوضاعهم الصحية نظرًا لسوء أحوال المعيشة والإهمال الطبي المتعمد.
وقعت حالات وفيات عدة داخل سجن العقرب بسبب سوء أحوال السجن والإهمال الطبي، من ضمنها وفاة القيادي البارز بجامعة الإخوان المسلمين، الدكتور عصام العريان، الذي كان أصيب داخل محبسه بالالتهاب الكبدي الوبائي (فيروس سي)، ورغم تقديم طلبات بنقله إلى معهد الكبد لتلقي العلاج، إلا أن إدارة السجن رفضت نقله أو إحضار لجنة طبية إلى السجن لفحص حالته. وكذلك توفي الدكتور عمرو أبو خليل في زنزانته الانفرادية، وكان قبل وفاته ممنوعًا حتى من ارتداء نظارته الطبية ودخول ملابس أو أدوية.