تكشف أحداث الأسبوع الجاري عن تطورات خطيرة تشكل تهديدًا حقيقيًّا للثورة، فقد أعلن عن تفعيل حالة الطوارئ حتى يونيو 2012م، وتمت مداهمة وإغلاق قناة "الجزيرة مصر"، وصدر مرسومان بقانون؛ أحدهما بحل المجالس المحلية، والثاني بإعادة تشكيلها.
 
وعلى المستوى الإقليمي جاءت زيارة رئيس وزراء تركيا لمصر بشيرًا بفتح آفاق التعاون المثمر بين البلدين، وفي السودان فإن النزاع الذي يجري حول النيل الأزرق يهدد الاستقرار.
 
وعلى المستوى الدولي استمر الجدل حول الاعتراف بالعضوية الكاملة للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة.
 
ويوضح الإخوان المسلمون موقفهم من هذه الأحداث كما يلي:
 
أولاً: الشأن الداخلي

أعلنت الحكومة عقب أحداث العنف الغريبة التي تمت يوم الجمعة الماضي أنها ستقوم بتفعيل قانون الطوارئ، بل قامت بتوسيع نطاقه ليشمل جرائم جديدة، وأنه سيبقى حتى يونيو 2012م.
 
وموقفنا من حالة الطوارئ أنها ظرف استثنائي مؤقت، وأن قانونها إنما هو قانون للضرورة، ولذلك فقد حدد القانون ثلاثة أسباب على سبيل الحصر لإعلان حالة الطوارئ، ولكنه للأسف الشديد صار قانونًا استمر العمل به ثلاثين عامًا كاملة، رغم انتفاء مبررات العمل به معظم هذه المدة، وهو قانون يصادر معظم الحقوق القانونية والمدنية للأفراد وحرياتهم العامة.
 
وفي ظل هذا القانون تم اعتقال 45000 شخص من الإخوان فقط وإحالة مئات منهم إلى المحاكم العسكرية وصدور أحكام ضدهم بالسجن، رغم أن ما يسمى (بالقضاء العسكري) ليس قضاءً بالمعنى القانوني، وليس هو القضاء الطبيعي بالنسبة للمدنيين، وحالة الطوارئ لم تُلغ حتى يقال إنها سيعاد تفعيلها، خصوصًا أن كل هذه الجرائم لها عقوبات مغلظة في القانون الجنائي، إضافةً إلى أن حالة الطوارئ تعدُّ ردة عن مطالب الثورة، فالشعب ثار للحصول على حريته وليس لزيادة القيود عليه، والحل هو الذهاب إلى الانتخابات البرلمانية ووضع الدستور وانتخاب الرئيس وتسليم السلطة لهم ليتصرفوا بمقتضى الشرعية الشعبية والدستورية والقانونية، ومن ثم تتم الاستجابة لكل مطالب الشعب والثورة.
 
• أما مداهمة وإغلاق مقر قناة "الجزيرة مباشر مصر" فهو إجراء مناقض للحرية، وتطلع الشعب لها، وتكميم للأفواه، وتهديد للإعلام، وحرمان للأفراد من الحصول على المعلومات، وللأسف فقد تم ذلك تحت ذرائع واهية؛ فالبناية التي تشغل "الجزيرة" جزءًا منها توجد بها قنوات فضائية أخرى، فذريعة إزعاج الجيران ذريعة مرفوضة، كما أن مسألة عدم وجود الترخيص يشاركها فيها قنوات عديدة، وإذا كانت هناك مخالفات قانونية فهذا مجال الحكم فيها للقضاء وليس للقرارات الإدارية.
 
• إن حل المجالس المحلية الذي جاء استجابةً لحكم القضاء الإداري أمر جيد، بيد أن تشكيل المجالس المحلية المؤقتة على مستوى المحافظة فقط دون المدن والقرى والأحياء تعتوره كثير من السلبيات، وهي:

• تدعيم المركزية السياسية والإدارية، وهي سياسة وإن كانت تحقق السيطرة فإنها تضعف فرص التنمية والابتكار.
 
• أن صدور المرسوم بعد صدور قرار محكمة القضاء الإداري بحل كل المجالس في شتى أنحاء الجمهورية في يونيو الماضي وتشكيل لجان شعبية ساعدت الإدارات المحلية في تقديم الخدمات للجماهير؛ يسهم في إضعاف المشاركة الشعبية الطوعية، ويكون من المفترض أن يتم البناء على الوضع القائم وتحسينه حتى نتجنَّب الجدل على معايير الاختيار.
 
• أنه في ظل الوضع السياسي القائم يكون من المحتمل تزايد فرص فلول النظام السابق في استعادة مواقعهم، فيما تستبعد القوى الثورية، وخاصةً في ظل غموض معايير الاختيار أو التحيز في تطبيقها لدى اختيار أعضاء المجالس الشعبية.
 
ثانيًا: الشأن الإقليمي

• جاءت زيارة رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء التركي، لمصر فرصة لفتح آفاق التعاون بين البلدين في سائر المجالات؛ باعتبارهما بلدين أساسيين في المنطقة، من شأنهما أن يحققا الاستقرار فيها، ويحققا التقدم لكلا البلدين، وكان استقباله الحافل من المصريين في كل مكان حلّ فيه إعرابًا عن تقدير المصريين له كزعيم سياسي كبير، له مواقفه الحاسمة في احترام كرامة بلده وفي تأييده لمختلف القضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها قضية فلسطين، وعلى تصديه للغطرسة الصهيونية.
 
ولقد قام وفد رفيع المستوى من الإخوان المسلمين بزيارته في مقر إقامته، وقد تم شرح ما دار في هذا اللقاء في تصريح صحفي للمتحدث الإعلامي للإخوان المسلمين.
 
• لا يزال إقليم النيل الأزرق يشهد توترات سياسية وعسكرية بين الجيش السوداني وجيش الحركة الشعبية، وقد جاءت هذه التوترات في ظل الخلاف بين الجانبين على تعيين الحدود بين دولتي السودان وجنوب السودان، وهو ما يعكس نوعًا من الخلافات المزمنة والتي نخشى أن يعود السودان لحرب أهلية مرةً أخرى إذا استمرت.
 
ويرى الإخوان المسلمون أهمية تغليب عوامل الاستقرار وحل الخلافات بالطرق السلمية، ولذلك يعد من الأهمية أن يحترم الطرفان الأوضاع المتعارف عليها في أول يناير 1956م وعدم استباق ترتيبات اتفاقية السلام الشامل أو إثارة النزعات القومية والإثنية.
 
ثالثًا: الشأن الدولي

• لا تزال الولايات المتحدة وبعض الدول الأوربية تبذل مساعيها لثني السلطة الفلسطينية عن طرح استقلال الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وذلك دون طرح حلول تعيد للفلسطينيين حقوقهم، وفي العقود الأخيرة صارت الدول الغربية لا ترى القضية الفلسطينية سوى حلقات مفرغة من المفاوضات العبثية التي صرفت الاهتمام عن التحديات الحقيقية التي قضت على فرص الوصول لدولة فلسطينية عبر التفاوض، ولكنه في ظل التأييد العربي لإعلان استقلال الدولة في الأمم المتحدة، فإنه يمكن القول بأن الحصول على العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية يعدُّ واحدًا من مسارات النضال السياسي لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين، وتحقيق المطالب والحقوق الفلسطينية المشروعة، وهو مسار لا يلغي الحق في المقاومة.