22/06/2011
هناك العديد من الأحداث الجارية الآن داخليا وخارجيا التي تؤثر علي مستقبل الأوضاع السياسية في مصر وعلى القضية الفلسطينية وكذلك على الأوضاع في سوريا، فعلي المستوي المصري يدور الجدل حول أولويات الفترة الانتقالية يتبلور النظام الحزبي والذي تتجه ملامحه نحو التعددية الحقيقية، وبالنسبة لفلسطين، فقد ظهرت دعوات لبدء المفاوضات ولكن دون إطار واضح وهو ما يؤثر سلباً علي استقرار المصالحة الفلسطينية، أما علي المستوي الدولي، فتشهد الساحة السياسية نوعين من التدخل في الشئون الداخلية للدول بما قد يسبب ضرراً لمستقبلها السياسي، سواء بتوجيه مساعدات مالية لدعم مشاريع معينة أو توفير المساندة للحكومات المعاندة لإرادة الشعوب.
ويوضح الإخوان المسلمون موقفهم من هذه الأحداث كما يلي:
أولاً: الشأن الداخلي :
·رغم اقتراب موعد إجراء الانتخابات التشريعية فى مصر، لا يزال بعض الأطراف يطالبون بتأجيلها دون مبرر واضح، وكان من الأولي البدء بالاستعداد للانتخابات، خصوصًا وأن هناك عشرون حزبا سياسيا قد دشنت أولي مراحل الاستعداد للانتخابات القادمة بالسعي لتكوين تحالف سياسي يؤكد إعلاء استقرار الدولة الحديثة وعلى أساس الحرية والديمقراطية وسيادة القانون، الأمر الذى يتوافق مع الإعلان الدستورى ويتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية التى حرصت الأمة دائما أن تكون المصدر الرئيسى للتشريع ، وهي خطوة تقطع حجج المعارضين للبدء بالانتخابات التي يعبر فيها الشعب عن إرادته ويشكل أرضية مشتركة بين كافة القوى السياسية، ويري الإخوان المسلمون أن أولويات المرحلة هي في العمل علي صياغة وبلورة مشاريع إصلاح أحوال البلاد والبدء فى تنفيذها .
وهذا ما قرره اللقاء الثاني للتحالف الديمقراطي من أجل مصر والذي انعقد فى مقر حزب " الحرية والعدالة " يوم الثلاثاء 21/6/2011 م، لهذه الأحزاب لمناقشة أشكال العمل المشترك، وقد توافقت الأحزاب المجتمعة علي المبادئ التي تمثل قاسماً مشتركاً وتشكل القيم الأساسية للمجتمع، ومنها، حرية العقيدة والعبادة والمواطنة والتداول السلمي للسلطة والرعاية الاجتماعية، ونرى أن مشاركة هذه الأحزاب المتعددة التوجهات يعبر عن ثراء التنوع السياسي والقبول المتبادل، وهو ما يشكل ركيزة للاستقرار السياسي.
· خلال السنوات الماضية، دأبت بعض الجهات الخارجية علي تقديم منح ومساعدات مالية مباشرة للأفراد دون اعتبار لسلطة الدولة، وفي الفترة الأخيرة لوحظ وجود دعاية كبيرة لإرشاد الجماهير لطرق التقدم لطلب الحصول علي المعونات الأجنبية، ويعتبر الإخوان المسلمون أن هذه الممارسات تمثل تدخلا مباشرا في الشئون الداخلية وتهدد الأمن الداخلى والسلم الاجتماعي، خصوصا وأن كثيراً من برامج هذه المنح والمساعدات تعمل وفق سياسة وتوجهات للتغيير الاجتماعي والاقتصادي لا تتفق مع ما استقر عليه النظام العام في المجتمع المصـري ذي النسيج الواحد المتجانس، ويؤكد على ضرورة، احترام سيادة الدولة والعمل في إطار القوانين المحلية والاتفاقات بين الدول .
ثانياً: الشأن الإقليمي والدولي :
· في ظل التطورات المتعلقة بالشأن الفلسطيني، ظهرت بوادر الدعوة لاستئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني، وذلك بعد توقف دام لما يقرب من عامين، وكان من اللافت أن التحضير للمفاوضات لم يأت بأمر جديد يختلف عن المرات السابقة، حيث يأتي دون أجندة واضحة تحدد ملامح المسار التفاوضي. وقد جاءت الدعوة لبدء المفاوضات بعد مواقف أمريكية وصهيونية تجاهلت التطورات السياسية في الدول العربية، كما تسعي لتفكيك المصالحة الفلسطينية باعتبارها تهديداً سياسياً لها، وفي وقت تتصاعد فيه حمي الاستيطان الذي يهدر فكرة إقامة الدولة الفلسطينية التى تتحدث عنها الإدارة الأمريكية منذ سنوات طويلة وحق العودة من الأساس ولذا يري الإخوان المسلمون أن أولويات العمل الوطني الفلسطيني لا تتمثل في الإصرار علي المفاوضات كخيار وحيد لا يراعي تغيرات الواقع السياسي، ولكنها تتمثل في العمل علي استكمال متطلبات المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، من خلال التوافق علي تشكيل الحكومة وتطوير حركة التحرر الوطني، كطريق لاستكمال مقومات الدولة الفلسطينية.
· جاء خطاب الرئيس السوري يدعو فيه لإجراء إصلاحات وعودة المهجرين، مخيبا لآمال الشعب السورى حيث لم تتضح معالم الإصلاحات التي يرغب فيها النظام السوري، خاصة وأنه نكث بكل الوعود التى أعلنها قبل ذلك ولا تزال عمليات القتل والاعتقال للأبرياء وحصار المدن مستمرة ، فلا كانت وعود الإصلاح هذه صادقة كان لابد من إيقاف هذه الجرائم التى يقترفها النظام فى حق الشعب فورا ، وسحب الجيش من المدن والإفراج عن المعتقلين كافة ، وتعديل الدستور وقوانين الأحزاب واحترام حقوق الإنسان والاستجابة الفورية لمطالب الشعب ومحاكمة كل من أجرم فى حقه حتى لا تتفاقم الأمور أكثر وتتعرض البلاد لخراب داخلى وتدخل خارجى محتمل حيث يظهر الآن على المستوى الدولى توجهان :
الأول، تقوده بعض الدول التي تتنادي لمساندة طغيان النظام السورى، سواء باعتبارها حليفاً مهماً أو بسبب الخشية من تراجع تأثيرها في تقرير السياسة العالمية، ويمكن القول إن هذا الموقف لا يرقى لمستوى المسئولية الإنسانية، حيث كان من المفترض علي هذه الدول أن تتجنب مساندة الظالمين والفاسدين والمستبدين ولا تحول دون إرادة الشعوب، وكان يكفيها السكوت والوقوف علي الحياد علي أقل تقدير.
أما التوجه الثاني، فيسعي لتغيير وإسقاط النظام السوري بمختلف الوسائل، بحيث يضمن السيطرة علي مجريات الأحداث والتحكم في مسار السياسة السورية بعد سقوط الأسد، ويدرك الإخوان المسلمون أن زوال الطغيان في سوريا آت قريبا ، وأن إرادة الشعب السورى ستنتصر ولن تضيع دماء الشهداء وتضحيات السوريين.