د.أحمد السعيد

الربط العام هو مفهوم نظرى قابل للتحقيق إذا توفرت إرادة الداعية وعزمه الأكيد على تكوينه وقيادته. ولايمكن أن يتأتى ذلك إلا إذا إتضحت الأهمية وعظيم الأثر على الفرد والجماعة والدعوة.

والربط العام هو الركيزة المظلومة في وسط الأولويات, والذى يتم إبعاده عن بؤرة إهتمام الوسط الجمعى في المناقشات والحوارات والمتابعات.

ويمكن تلخيص بعض أهمية الربط العام في النقاط التالية:

على مستوى الجماعة

  • 1ـ هو الرافد المبدئى والحيوى لمراحل الدعوة التالية بداءً من الدعوة الفردية إلى ماتلاها من مراحل بداخل الصف.
  • 2ـ مصدر رئيسى في تكوين الرأى العام المؤيد لمواقف الجماعة والإلتفاف المجتمعى حوله, أى أنها القاعدة الصلبة التى تبنى عليها قرارات كثيرة تؤثر في مستقبل الدعوة وقوتها وحيويتها وإرتباطها بالواقع الشعبى والوطنى والقومى.
  • 3ـ هو حائط الصد الأول في وجه المغرضين والمشككين وأصحاب الأهواء ومروجى الإفتراءات والشائعات. وهذا يحل كثير من الإشكاليات قبل تصعيدها أو تصديعها للرأى العام الشعبى.
  • 4ـ إمكانية الإستفادة من أصحاب الخبرات والتميز من خارج الصف بما يُمَكِنْ الجماعة من توظيف غير أفرادها لما فيه خير المجتمع والدعوة. ولن يتأتى ذلك إلا من خلال التغلغل بداخل المجتمع وفرز معادنه والإهتمام بنفائسها من خلال وضعها تحت مظلة الربط العام والتفاعل معها.

على مستوى الفرد

  • 1ـ هو محضن التدريب التربوى الأولى لأفراد الصف, والذى يُفْرَزُ من خلاله الرواحل – رجال الدعوة - التى تتحمل الأعباء التربوية أو الإجتماعية أو السياسية أو غيرها من رموز هامة تنطلق بها الجماعة في وسط الجماهير أو بداخل الصف نفسه.
  • 2ـ هو محضن التدريب الرئيسى لأفراد الصف في كيفية التواصل مع المجتمع ومحيطه, والتفاعل مع همومه وإنشغالاته, ومحاولة حل مشكلاته التى قد تحتاج إلى مجهودات فردية يمكن أن يثمنها المجتمع في مواقف يتلمس فيها الداعية النصرة والمؤازرة من خارج الجماعة.
  • 3ـ والأهمية الكبرى في عظم الثواب وجزيل الجزاء الحسن لمن ينشر الخير والقيم والأسس الإسلامية في محيطه, في وقت كثرة فيه الكلاب التى تعوى وتنعق بمالايرضى رب العالمين. فإحياء سنن النبى الكريم في عصر ماتت فيه الكثير منها, وصبغ المجتمع بالصبغة الإسلامية, وتصحيح مفاهيم الإسلام عند العامة بما يحقق القيم الأصيلة, وتوضيح شمولية هذا الدين العظيم لهى من متطلبات الوصول إلى رحمة الله عز وجل وجنات عرضها السماوات والأرض ومقام بجور نبى الرحمة والخير والهدى.

     

وبعد معرفة بعض من أهمية الربط العام على المستويين الفردى والجماعى يمكن التأكيد على أن لهذا الربط متطلبات للعمل به والتميز فيه من خلال النقاط التالية:

على مستوى الجماعة

  • 1ـ يجب أن يكون الربط العام في محور المتابعات الرئيسية في المستويات الإدارية المناسبة, بمعنى أن يفرد الوقت المناسب لهذه المتابعات بمايخدم مصلحتها والإستفادة منها.
  • 2ـ تدريب الأفراد على معنى الربط العام وأسس تطبيقه وأهميته, وعرض النماذج المتميزة على مسار تاريخ الدعوة بما يضمن توارث جينات العمل الدعوى الجمعى وفق أعراف وتقاليد ونظم الجماعة وتبعاً للإنضباط التنظيمى.
  • 3ـ تسهيل الجانب الإدارى في ترتيبات الربط العام ولاسيما في الوقت الحالى الذى إنفتحت فيه الدنيا على الدعوة ورجالاتها, ويتلمس الكثير – من خارج الصف - الطريق من خلال رؤى ووجهات نظر الجماعة.

على مستوى الفرد

  • 1ـ إستشعار مقدار الثواب الذى يعود على الفرد لقيامه بهذه المهمة, وتلمسه لحديث رسوله الكريم "لأن يهدى الله بك رجلاً واحداً خير لك من ......
  • 2ـ حمر النعم
  • 3ـ مما طلعت عليه الشمس وغربت
  • 4ـ من الدنيا ومافيها "
  • 5ـ جعل الربط العام من واجباته الرئيسة على مسار حياته والتى يضعها في ورد محاسبته اليومية أو الإسبوعية.
  • 6ـ الإعداد الجيد للقيم والمبادىء بما يصب في الأهداف في أقصر وقت ممكن دون الترجل في المفاهيم الذى يشتت معناها ويضيع الوقت دون ثمرة ناجحة.
  • 7ـ المتابعة المتميزة لرأى الجماعة وتفصيلاته – من مصادرها المعتبرة - مع تبنيها بما يسهل نقله الواضح والمناسب للربط العام وماحوله. مع عدم عرض الوجهات الشخصية - في الأمور المحسومة أو التى يتم مناقشتها - ولاسيما إن كانت مخالفة لرؤى الجماعة وقراراتها.
  • 8ـ طرح الشبهات والخلافات الفقهية جنباً لضمان التجميع دون التفريق, وجمع القلوب على الأصول دون الفروع.
  • 9ـ الإستفادة من خبرات الآخرين في مجال الربط العام ولاسيما المتميزيين منهم, ونقل الخبرات والحالات الناجحة.
  • 10ـ عدم التبرم من هذه المهمة الأصيلة في حياة أفراد الجماعة جميعهم وعلى مختلف مستوياتهم.
  • 11 ـ نزول الداعية من برجه العاجى الذى يتحصن به وينكفأ به على نفسه ويتقوقع بداخله من خلال الإهتمام بأولويات المجتمع وهمومه حتى لاتكون الفرقة بين الداعية وربطه الدعوى نتيجة طبيعية لتبيان الإهتمامات والأولويات.

إن الأهداف عظيمة, ومتطلباتها كثيرة وكبيرة, وكما قيل "مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب", لذا وجب علينا وضع الربط العام نصب أعيينا, ومن أساسيات حياتنا, إن كنا نرجو للبناء أن يكتمل وأن يظهر في أبهى حلله. وماذكر في هذه المقالة ماهو إلا قدر يسير يتطلب التوضيح والتفصيل لمن أراد المزيد.