07 / 11 / 2010

خالد إبراهيم

في الحث على اغتنام الأيام الفاضلة والساعات المباركة، روى الطبراني عن محمد بن مسلمة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدا "، وقد قال العلماء : إن هذا الحديث وإن كان ضعيفاً، إلا أن أدلة الشرع متوافرة على ذلك من الحث على استباق الخيرات وتحين الفرص.

وها هي ذي الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة قد أقبلت بخيرها، فعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام - يعني الأيام العشر- قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء".

وإنها لبشرى طيبة أن تتوسط هذه الأيام العشر المباركات شهر انتخابات مجلس الشعب المصري، وقد رأينا الخير الكثير عندما أجريت انتخابات 2005م عقب شهر رمضان المبارك، حيث كان للصيام والعبادة أثرهما في الهمة العالية التي بدا عليها الساعون لنشر رسالة الخير والإصلاح بين الناس فكافأهم الله تعالى بما أقر أعينهم من النتائج.

إن شهر الانتخابات هو شهر غنيمة للعاملين المجاهدين المصلحين المخلصين الإيجابيين أصحاب الهمم العالية والمبادرات الفردية والأفكار الإبداعية والأعمال العظيمة الذين يسطرون صفحات مضيئة في سجل دعوة الإصلاح فترتفع درجاتهم وتثقل موازينهم ويأمنون يوم الفزع الأكبر.

فأروا الله تعالى من أنفسكم خيرا، وليكن همكم الأكبر العمل لكسب القلوب قبل كسب الأصوات، وتنافسوا ـ رجالا ونساء شبابا وشيوخا ـ في كسب الأنصار المؤيدين لمشروع الإصلاح، فرُبَّ شاب يافع إن لم تأخذ بيده أنتَ فسيجره المفسدون وتجار المخدرات، ورُبَّ فتاة طيبة إن لم تأخذي بيديها أنتِ فقد تقع في شرك شياطين الإنس والجن.

وقد رأيتم في مثل هذا الشهر منذ خمس أو عشر أو ثلاث وعشرين سنة آيات ونفحات، فكم من أخيار تفتحت أعينهم وقلوبهم فالتحقوا بركب المصلحين في مثل هذا الشهر، وأخذوا نصيبهم في حمل دعوة الإصلاح المباركة.

ما لكم لا تغبرون أرجلكم في سبيل الله ساعة فتحرموا أجسادكم على النار .. البذل البذل والعطاء العطاء .. بالمال والجهد والوقت والكلمة والفكرة والدعوة، ولا تشغلنكم كثرة اللقاءات والاجتماعات والترتيبات، قللوا منها ـ قدر الإمكان ـ واغتنموا فرصة العمل مع الناس والنزول للشارع قبل أن ينفض السوق.

تفاءلوا بالخير تجدوه، فهل كان أشد الناس تفاؤلا يتوقع فوزكم بـ 88 مقعدا في الانتخابات الماضية ؟! .. فابذلوا ما في وسعكم وعلى الله تعالى فتوكلوا إن كنتم مؤمنين، وإن بذلتم جهدا أكبر من المرة السابقة؛ فنرجو أن يكون الفوز هذه المرة أكبر إن شاء الله تعالى.

نعم في ظل الإرهاب الحكومي وإلغاء الإشراف القضائي قد يقل عدد المقاعد ـ أو ينعدم ـ ولكن، من قال إن المقاعد هي معيار الفوز ؟! .. وماذا تغني المقاعد والمناصب في وطن عليل مجتمعه قعد أبناؤه عن حقهم ومجدهم التليد ؟! .

لا تنسوا أنكم في مرحلة إعادة تكوين وتربية وتأهيل (المجتمع) فينبغي أن نسعى بكل همة لنغرس في هذا المجتمع القيم الإيجابية كالتعاون والعمل الجماعي والشجاعة في المطالبة بالحقوق والوقوف في وجه الظالم والأخذ على يديه والدفاع عن الكرامة ومقاومة التزوير والمزورين واحترام حقوق الإنسان.

إن أحدثتم طفرة في عملكم وسعيكم سيكون لهذا الشهر ما بعده في سرعة وتيرة الإصلاح، وإن تقاعستم فلا تلومن إلا أنفسكم، "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ"، فمن من يبايع على عمل ما في وسعه من أجل الإصلاح والتغيير ؟! .

ثقوا بوعد الله تعالى للمؤمنين الصادقين المجاهدين " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"، واقرعوا أبواب السماء بالدعاء، واستعينوا بركعات السحر، واعلموا أن النصر مع الصبر "إنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ".