يشاء الله تعالى أن يُسرِّيَ عن قلوب عباده في المحن الشدائد، فَسَاقَ إلى الأمة حدثين في يومٍ واحدٍ:
الحدث الأول
مئات الآلاف يهتفون وتهتف الأمة من خلفهم.. ينادي المنادي وتجيب الحشود في فلسطين ومئات الملايين أمام الفضائيات:
الحدث الثاني
ولا تمر ساعات حتى ترى الأمة الحدث الثاني:
مَن أدبر واستكبر.. مَن أعلن الحرب الصليبية.. ومَن أحل قومه البوار.. مَن سعى في الأرض ليُفسد فيها ويُهلك الحرث والنسل.. مَن أشاع الفوضى الخلاَّقة في الصومال.. مَن بسلاحه وطائراته قتل أحمد ياسين والرنتيسي وعشرات الشهداء من رجال ونساء وأطفال فلسطين.. ومَن بطائراته وصواريخه حرق آلاف الآمنين في أفغانستان وما جاورها.. ومَن سجَن أولياءَ الله وانتهكَ الحرمات.. ومَن ساند كل ديكتاتور ظالم في أرض العرب والعجم.
ومن.. ومن..
رأينا هذا المستكبِر يُقذف من صحفي بأحقر ما يُضرب به؛ ليس بالرصاص.. الرصاصة خسارة فيه، وربما يصير بها بطلاً، وليس بالحجر؛ لأن الحجر خسارة فيه؛ ليبقى الحجر لصِبْيةٍ غزة يقاومون به الصهاينة, ولكن بـ... كما يفعل بسطاء هذه الأمة تعبيرًا عن بغضهم للشيطان حين الرجم.
هذا هو عين البغض... هذا هو خزي الدنيا؛ أراد الله تعالى أن يُريَنا كيف يُخزي اللهُ أعداءه بالعزل من خلقه في وسط حرسه وأوليائه من حكامنا.
أراد الله تبارك وتعالى أن يُقيم الحجة على حُكَّامنا وحاشيتهم ومن شايعهم ممن ابتغَوا العزة عند غير صاحب العزة جميعًا، أو من استكانوا للظالمين، أو من لم يَقْدِرُوا الله حقَّ قَدْرِه، فقالوا "نخشى أن تصيبنا دائرة"، أو ممن غفلوا عن ذكر الله، فصدَّق عليهم إبليس ظنه؛ لعل الله أراد أن يُسَرِّيَ عن مسجونٍ خلف القضبان في سجون عالمنا الإسلامي، في مشرقه أو مغربه، أو أسيرٍ يُسام سوء العذاب في أيدي الصهاينة، أو مخطوفٍ مقهورٍ في جوانتانامو.
لعله سبحانه وتعالى أراد أن يُسَرِّيَ عن أم شهيدٍ أو ابنة شهيدٍ أو أخت شهيدٍ، أو لعله تعالى يجيب دعوة مظلوم بعد انتظار حين.
لعل الله أراد أن يبعث الأمل في قلوب من استيأس من الأمة، أو لعل الله أراد أن يُبصِّرنا وسيلة جديدة للمقاومة وإلحاق الخزي بالطغاة والمستكبرين من الحكام!.
ولله الأمر من قبل ومن بعد!!
-----------
* الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين.