تحت عنوان "الإمارات العربية المتحدة: الكشف عن الوجه القاتم لدولة خليجية تتنهك فيها حقوق الإنسان يوميا"، كتب "بيل لو" في صحيفة "إندبندنت" البريطانية تقريرًا عن أوضاع حقوق الإنسان، والتقى بالناشط الإماراتي أحمد منصور، الذي حصل يوم الثلاثاء الماضي على جائزة "مارتن إينالز لحقوق الإنسان"؛ تقديرا لجهوده بالدفاع عن حقوق الإنسان في الخليج، ولفت الأنظار للانتهاكات التي تجري هناك.


ويشير الكاتب -في بداية تقريره- إلى الصورة البراقة لدولة الإمارات، التي تمتلئ بناطحات السحاب والفنادق الفاخرة ومراكز التسوق ومنتجعات التزلج على المياه، وهي بلد ترحب بالسياح وبرجال الأعمال.. وبالمقارنة مع جارتها السعودية، التي تفرض القيود على حركة الرجال والنساء، تبدو الإمارات واحة للانفتاح والتسامح. 

وتستدرك الصحيفة بأن منصور شاهد الجانب المظلم للإمارات، وقال في المقابلة: "تريد السلطات إسكات النقد كله".

وأضاف: "يعتقلون الأشخاص في منتصف الليل، ويحتجزونهم في أماكن سرية، وأحيانا لعدة شهور، ويستخدمون التعذيب النفسي والجسدي لانتزاع اعترافات منهم، وبعد ذلك يقدمون لما تعده المنظمات الدولية والأمم المتحدة محاكم هزلية، حيث يحكم عليهم بالسجن لمدد طويلة".

ويورد التقرير أن الناشط البالغ من العمر 46 عاما، منع من السفر لتسلم جائزته؛ بسبب الحظر عليه من السلطات الإماراتية. 

ويقول الناشط من دبي: "إذا عرف الناس في الإمارات ودول الخليج جميعا، فهي لا تفكر بحقوق الإنسان.. وكل ما يفكرون به هو النفط والثروة، وأطول بناية في العالم.. يعتقدون أن الإمارات هي مجتمع مفتوح.. وستسلط هذه الجائزة الضوء على الانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان هنا والدول الثرية الأخرى".

ويصف منصور بأنه "رجل دمث وصوت صريح في هذه المنطقة، التي يقمع فيها الصوت المتمرد بوحشية، وهو يعرف من التجربة الثمن الباهظ الذي يدفعه الناشط.. فسكان الإمارات البالغ عددهم تسعة ملايين يحكمون من خلال مجلس فيدرالي يشغل مناصبه حكام الإمارات السبعة، التي تضم دبي وأبو ظبي، والانتخابات الوحيدة التي تجري هي لانتخاب نصف أعضاء مجلس استشاري".

ويقول منصور للصحيفة: إنه تعرض "لحملة تشويه على الإنترنت"، وقفت وراءها أجهزة أمن الدولة، بعد أن وقع عام 2011 على عريضة تطالب بالإصلاح الاقتصادي والديمقراطي.

ويضيف أنه تم "نشر معلومات كاذبة عني على (تويتر) و(فيس بوك)، وعبر التلفاز والراديو لخلق جو من الكراهية"، وبعضها هدد بقتله، كما يقول.

ويذكر التقرير، أنه في إبريل من ذلك العام اعتقل وسجن لمدة ثمانية أشهر، وبعدها حكم عليه "بالتهجم على الحكام"، في محاكمة كانت غير نزيهة بدرجة صارخة، وحكم عليه بالسجن في 27 نوفمبر 2011 لمدة ثلاثة أعوام، ولكن السلطات أفرجت عنه وأربعة آخرين بسبب الشجب الدولي. 

ويعلق منصور قائلا: "في تلك الأيام كانت السلطات تستجيب للنقد الدولي.. وفي هذه الأيام لا تستجيب للنقد؛ لأن (البشرية قاسية)، ولهذا فهي تتحمل النقد ولا تأبه به".

ويبين الكاتب أنه عندما أفرج عن منصور من السجن، خسر وظيفته، وكان يعمل مهندسا كبيرا في شركة للاتصالات.. ورفضت السلطات منحه "شهادة حسن سلوك"، التي لا يمكنه العمل في القطاع العام والخاص دونها، وصادرت السلطات جواز سفره.

ولفتت الصحيفة إلى أن منصور يأمل بأن يلفت منحه الجائزة الأنظار إلى المئات المعتقلين في الإمارات، الذين سجنوا لا لشيء، فقط لأنهم عبروا عن أفكارهم وآرائهم.. ومن بينهم المحامي الذي دافع عنه عام 2011، محمد الركن.

ويقول منصور للصحيفة إن الركن هو "واحد من أفضل المحامين في الإمارات، ولكن محكمتي لم تكن عادلة، ولهذا فإن أفضل محام في العالم لن يستطيع الحصول على براءة لموكله".

ويفيد التقرير بأن الركن كان واحدا من 69 إماراتيا حكم عليهم بالسجن، واتهموا بالقيام بأعمال تخريبية، وصدر عليه حكم لمدة عشرة أعوام، في محاكمة وصفتها منظمة "أمنستي إنترناشول" بأنها "ليست عادلة ولا مستقلة".

وينقل لو عن منصور قوله إن "الوضع قد تدهور كثيرا، وإن هناك عملية منظمة لسحق حرية التعبير والتجمع".وأضاف أنه ظهر أن بريطانيا "متواطئة جدا"؛ لعدم طرحها موضوع حقوق الإنسان وبقوة مع الإمارات. ويقول منصور: "آمل أن تكون حكومة المملكة المتحدة أكثر نشاطا في الدعوة للحقوق ذاتها التي يتمتع بها مواطنوها، وألا تتخلى عن حقوق الإنسان من أجل صفقات تجارية".

وتورد الصحيفة تعليق منصور بأن التطرف يزداد عندما يتلاشى الأمل بالتغيير، موضحا أن "جذور وأسباب العنف في المنطقة هي اليأس، فقد تم انتهاك حقوق الإنسان على قاعدة يومية، ولا أحد في العالم يبدو مهتما".

وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أنه عندما سئل منصور عما إذا كان سيواصل النقد في وقت يسجن من يرفع صوته بالنقد أو يقمع أو يتم التحرش به، ويهدد بأعمال انتقامية، أجاب: "الطريقة الوحيدة لمواجهة الاضطهاد هي الكشف عنه. وهناك احتمال أن أعود إلى السجن مرة أخرى، ولكن إن لم نتحدث فمن سيتحدث؟".