تنظرمحكمة القضاء الإداري غداً الثلاثاء نظر الدعوي التي تقدم بها النائب حاتم عزام ضد المشير محمد حسين طنطاوي بصفته رئيس المجلس الاعلي للقوات المسلحة رقم ٤٧٣٦٧ لسنة ٦٦ ق د / الاولي قضاء اداري بوقفو إلغاء قراره بحل البرلمان

نص الدعوي :

الموضـــــــــوع

على أثر ثورة الشعب المصرى المجيدة فى 25 يناير 2011 تساقطت قوى الفساد التى ظلت جاسمة على البلاد ثلاثين عاماً متصلة تخلفت فيها البلاد عن ركب الحضارة وتزايدت معدلات الفقر والمرض وإنتشرت الرشوة والمحسوبية ، وساد الفساد وطال كل مناحى الحياة.

ولما شاء المولى سبحانه وتعالى قام الشعب بثورته المجيدة على الظلم والطغيان ورفع الناس شعارهم الإنسانى (عيش - حرية - كرامة إنسانية) رغم كونها مطالب تشكل أبسط حقوق خلق الله التى فطر الإنسان عليها فتهاوى النظام البائد أمام صرخات المظلومين وسقط ومعه أفراد حاشيته بالتبعية ، لإن سقوط النظام – على حد تعبير محكمة القضاء الإدارى فى حكمها التاريخى الصادر فى الدعوى رقم 20030 لسنة 57 ق – يستتبع بالضرورة وبحكم اللزوم والجزم سقوط أدواته التى كان يمارس من خلالها سلطاته سواء تمثلت هذه الأدوات فى شكل مؤسسات أو أفراد إستخدمهم النظام فى إفساد الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحققوا للنظام ما أراد ولأنفسهم العار والخزى مقابل بعضاً من حطام الدنيا .

وعلى أثر حل الحزب الوطنى وإنهيار النظام الفاسد ، تنفس الشعب الصعداء، وراح فرحاً بحريته أملاً فى كرامة وحياة إنسانية وإختار نوابه فى مجلس الشعب آملاً فى إسترداد الحقوق ورد المظالم والقضاء التام على عصر الطغيان والإ عداد لدولة الحق والعدل والمساواة .

وأصبح مجلس الشعب المنتخب إنتخاباً حراً يمثل مع السلطة القضائية جناحى الدولة العصرية الحرة الجديدة وأصبح مجلس الشعب هو السلطة الشرعية المنوط بها التشريع والرقابة .

ومع ذلك إمتدت يد تعبث بإرادة الأمة ، وتعمل فى الخفاء على رأب تصدع نظام الفساد ومحاولة إعادته إلى الحياه من جديد ، وتعددت مظاهر تلك المحاولات المستمرة المستديمة والتى عانى منها الشعب المصرى على مدى عام ونصف ، ولازال ومن ذلك أن دفع إلى المحكمة الدستورية بدعوى بطلب عدم دستورية قانون مجلس الشعب رقم 38 لسنة 1972 وتعديلاته .

وفى خضم إبتهاج الشعب بقرب الخلاص وإختيار رئيسه بنفسه دون وصاية من احد فوجئ الجميع بتسارع الأحداث وتلاحقها وتحديد جلسة سريعة للنظر فى الدعوى الدستورية آنفة الذكر.
وبذات الجلسة  المحددة لنظر الدعوى الدستورية آنفة البيان أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها بعدم دستورية بعض مواد قانون مجلس الشعب رقم 38 لسنة 1972 وتعديلاته مما أثار موجة من اليأس والاحباط لدى جموع الشعب المصرى الذى ما أن يستقر به أمر ما ويختار سلطة من سلطات الدولة حتى تمتد يد العبث لتعيد الحالة إلى نقطة الصفر لنبدأ من جديد حتى يتمكن من الناس اليأس وتذوب معالم الأمل .

وعلى ذات الوتيرة  سارع المعلن إليه الأول بصفته الإدارية بإصدار قرار بتاريخ 15/6/2012 بحل مجلس الشعب ووأد أولى خطوات البلد نحو مؤسساتها الدستورية ومهدراً سلطة من سلطات الدولة ومفتئتاً على السلطة التشريعية متعسفاً ومنح نفسه حقوق وسلطات ليس لها مثيل ولا سند لها فجاء القرار باطلاً بطلاناً ينحدر به إلى حد الإنعدام على نحو ما يتضح مما يلى :-

أسـباب الطعــن

من المقرر  أن إختصاص المحكمة الدستورية العليا طبقاً لنص المادة 25 من قانون تلك المحكمة يقتصر على النظر فى مدى دستورية القوانين واللوائح دون أن يمتد إلى حد إلغاء هذه القوانين ، لأن هذا الاختصاص ينعقد للجهة التى أصدرت التشريع وحدها دون غيرها .

والأصل  أن يتوقف حكم الدستورية على تقرير مدى دستورية النصوص محل الطعن من عدمه ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص أو قانون وقف العمل به فوراً ويلتزم الجميع بعدم إعمال هذه النصوص المقضى بعدم دستوريتها طبقاً لنص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية  وتعتبر قرارات المحكمة بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها فى الجريدة الرسمية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها ، ولا يجوز تطبيق القانون المقضى بعدم دستوريته من اليوم التالى لنشر الحكم .
وعلى هذا فإذا أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكماً بعدم دستورية بعض مواد القانون رقم 38 لسنة 1972 ، فلا يترتب على الحكم حل مجلس الشعب ولتوضيح ذلك يجب أن نفرق بين أمرين :-

أولهما:- حالة قيام رئيس الجمهورية بحل مجلس الشعب طبقاً لما كان منصوص عليه فى المادة 136 من دستور 1971 الساقط ، والذى كان يمنح رئيس الجمهورية سلطة حل مجلس الشعب فى حالات الضرورة التى يقدرها الرئيس وحده (فرعون) وبعد إجراء إستفتاء شعبى أى بعد موافقة الشعب على قرار الحل إلى أن تم تعديل الدستور فى مارس 2007 والذى منح الرئيس سلطة حل مجلس الشعب بشرط موافقة مجلس الوزراء دون حاجة إلى إستفتاء شعبى بإعتبار أن الشعب مسألة ثانوية لا قيمة لها فى نظر تلك الفئة من الناس .

وثانيهما:- حالة صدور حكم بعدم دستورية بعض المواد التى تم فى ظلها إنتخاب مجلس الشعب فكلا الحالتين مختلفتين سواء من حيث الأثر أو الإجراءات اللاحقة على كل منهما لإن حكم المحكمة الدستورية يقتصر – كما أسلفنا – على الحكم بعدم دستورية القانون وليس له أن يتجاوز إلى حد تقرير حل المجلس من عدمه ، وفقاً لما إنتهت المحكمة الدستورية ذاتها فى أحكامها المتعلقة بقانون إنتخاب مجلس الشعب عام 1987، 1990 لإن الأثر المترتب على الحكم فى مثل هذه الحالة هو وقف العمل بالقانون فقط وعدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لتاريخ نشر الحكم إلا إن القانون رغم الحكم بعدم دستوريته يظل قائماً إلى أن تقوم السلطة التشريعية بالغاؤه أو تعديله ، ولا يسرى بأثر رجعى لإنه يمكن أن يصدر حكم الدستورية بعدم دستورية نص فى قانون إنتخاب مجلس الشعب ومع ذلك تكون هناك حاجة أو ضرورة تقضى بإستمرار المجلس المنتخب حتى نهاية مدته خاصة أن الحكم كما أسلفنا لا يعنى حل المجلس وإنما وقف العمل بالقانون المقضى بعدم دستوريته فقط لا غير .

ومن ذلك ننتهى إلى أن هناك فارق بين القضاء بعدم الدستورية وبين قرار حل مجلس الشعب فإذا خلى الإعلان الدستوري من منح سلطة حل مجلس الشعب لأى جهة ماعلى عكس دستور 1971 الساقط الذى كان ينظم سلطة وإجراءات حل مجلس الشعب فإن معنى ذلك أن الإعلان الدستورى قد راعى ظروف الوطن الذى يمر بمرحلة إنتقالية لا يمكن معها أن تتأرجح فيها سلطات الدولة بين الوجود والعدم فلم يمنح الإعلان الدستورى أى سلطة مهما كانت حق حل الأخرى أو تنال منها حتى يتم إعلان دستور دائم للبلاد .

ومن ثم فإن القرار الصادر عن المعلن إليه الأول بحل مجلس الشعب يضحى قائماً على عدم ويشكل نوع من إغتصاب السلطة بوضع اليد ، وإفتئات سلطة على أخرى بما يجعله باطلاً بطلاناً مطلقاً ينحدر به إلى حد الإنعدام .

ولا يسوغ فى هذا المقام القول بأن القرار محل الطعن يدخل فى نطاق أعمال السيادة، ليس فقط لإن الوطن يمر بمرحلة إنتقالية يصيغ فيها دستوره وقانونه ولم يمنح السيادة لجهة على أخرى بعد  أو لأن نظرية أعمال السيادة التى إبتكرها القضاء الفرنسى ونقلها عنه القضاء المصرى لا تصلح إلا بوجود جهات سيادية دستورياً وليس فى مرحلة إنتقالية  لأن الدستور هو الذى يحدد إطار هذه النظرية وحدودها فإذا كان الدستور فى طور الإعداد ، فليس لنا أن نختلق جهة تسود وتفعل ما شاءت وقتما شاءت إستناداً إلى نظرية أعمال سيادة خاصة أن غياب الدستور يؤدى إلى غياب الجهات الرقابية وسلطاتها  كما أن إعمال أثر حكم الدستورية لا يعتبر من قبيل أعمال السيادة  وإنما هو قرار إدارى يخضع لرقابة القضاء وصادر عن جهة لا تملك سلطة إصداره أصلاً طبقاً للإعلان الدستورى  فإذا صدر عن عدم ، فمآله العدم أيضاً والعدم لا ينتج أثراً .

بنــــاء عليـــه

نلتمس – بعد تحديد أقرب جلسة– الحكم :-

أولاً :- بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار المعلن إليه الأول بحل مجلس الشعب وتنفيذ الحكم بمسودته.

ثانياً :- وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون عليه وما يترتب على ذلك من آثار، مع الزام المعلن إليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماه – وحفظ كافة الحقوق الأخرى .