كانت مع بدايات ثورة 25 يناير المباركة وتحديدا يوم 22 يناير ،حيث تم استدعائي وأعداد أخرى من مسئولي المكاتب الإدارية للإخوان المسلمين قبل الثورة بثلاثة أيام لمقار أمن الدولة للتحذير من الإقدام على أي تظاهرات في الشارع ، وإلا فالويل والثبور وعظائم الأمور ، وكعادة الأغبياء أكدوا لنا أن مصر ليست مثل تونس ولن تكون مثلها أبدا . وكان من توفيق الله لنا أننا جميعا وعلى غير اتفاق بيننا رددنا عليهم بنفس الردود , وهو أننا نرفض هذا التهديد ، وقراراتنا نأخذها من قياداتنا المتمثلة في المرشد العام ومكتب الإرشاد ، وأن الشعوب تحركت ، ولن يستطيع أحد أيا كان أن يوقفها .

وانطلقت الثورة وكنا في القلب منها مع بقية أفراد الشعب المصري العظيم بكل فئاته وطوائفه . وفي ليلة الثامن والعشرين من يناير وفي الساعة الواحدة صباحا حضر زوار الفجر الحمقى الأغبياء واقتادوني إلى مقر قوات الأمن بالمحلة الكبرى وكان على رأس هذه القوة ضابط أمن الدولة أحمد عزالدين الزيات ، وضابط المباحث هيثم الشامي ، وفي مقر قوات الأمن التقيت بكلا من م. سعد الحسيني ، م. أحمد العجيزي واللذان كانا مقبوضا عليهم .

وتم ترحيلنا إلى مقر قوات الأمن بمديرية أمن 6 أكتوبر لنلتقي هناك ببقية الإخوان المقبوض عليهم ـ كان عددهم 34 فردا ـ ، بينهم سبعة أفراد من مكتب الإرشاد والباقيين من مسئولي المكاتب الإدارية ومسئولين آخرين بالجماعة ، ومكثنا في هذا المكان يومين بدون أي سند من قانون وانقطعت صلتنا بالعالم الخارجي تماما والذي كان يموج بأحداث الثورة ، ولكننا مع هذا كنا نحاول جاهدين معرفة أخبار الثورة عبر راديو صغير نجح أحدنا في تهريبه معه و، ولا نسمع منه سوى المحطات المصرية الكاذبة في أغلب أخبارها ولكننا كنا نحاول تحليل الأخبار الواردة ، وفي نهاية اليوم الثاني وبعد ضغوط منا على ضابط أمن الدولة الموجود معنا ، أتى إلينا اللواء عمر الفرماوي والذي وعدنا أننا سوف نعرض على النيابة في هذا اليوم .

وبعد ساعتين من هذه الزيارة أحضروا إلينا عربتين للترحيلات وظننا أننا في طريقنا إلى النيابة ولكن توقفت سيارات الترحيلات في الطريق وغيرت اتجاهها نحو سجن وادي النطرون ، وفي السجن كان في استقبالنا أعداد كبيرة من الضباط واللواءات على غير العادة وسلمنا ما معنا من أموال خاصة لإدارة السجن . وفي حوالي الساعة الثالثة صباحا سمعنا أصوات طلقات نارية وانفجارات قنابل دخان في داخل السجن وعرفنا من حارس العنبر والذي كان محبوسا معنا أن هناك هروبا جماعيا للمساجين في العنابر الأخرى وأن إدارة السجن هي الأخرى فّرت هاربة .، واستنجد هذا الحارس بزملائه والذين فتحوا له الباب ليهرب أيضا ولكن بعد أن أغلقوا علينا الأبواب بإحكام .

وفي الساعة الثامنة صباحا حاولنا أن نعرف ماذا حدث في ليلة الأمس فتأكدنا من المعلومات التي ساقها إلينا الحارس وحاولنا البحث عن أي ضابط من إدارة السجن ليفتح لنا الأبواب للتفاهم أو معرفة مايحدث ، ولكن كان الجميع قد هرب ، وبعد حوالي ساعتين وفي تمام العاشرة صباحا تدفقت أعداد كبيرة من الأهالي إلى داخل ساحات السجن وشرعوا في تحطيم كل الأبواب بما فيه باب العنبر الذي كنا محبوسين داخله . وشعرنا أننا أصبحنا في خطر حقيقي من أن يهجم علينا بعض المجرمين الفارين من السجن أو اللصوص الذين اقتحموا السجن لسرقة ما به من أسلحة وذخيرة ، وبعد التشاور فيما بيننا قررنا الخروج إلي خارج السجن والوقوف أمام بوابته الرئيسية والاتصال بأي جهة مسئولة ، إلا أننا فشلنا في أجراء أي اتصال من هذا النوع حيث لم يرد علينا أي فرد مسئول ، فقررنا الاتصال بقناة الجزيرة لنعلمها بما حدث ونبلغ المسئولين بمكان وجودنا أمام السجن .

وبعد انتظارنا ساعة كاملة أمام السجن ننتظر أن يأتي إلينا أحد المسئولين دون جدوى.

قررنا الانصراف إلى بيوتنا ثم إلى القاهرة وميدان التحرير لنستأنف الثورة مع بقية الثوار حتى نهايتها .

ولتبدأ مصرنا الحبيبة عهدا جديدا ..... ولتشرق شمس الحرية ويزول عهد الظلام . ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون والظالمون والمستبدون ...


وبعد :-  

 
فهذه ليست قصة فرد من جماعة الإخوان مع جهاز أمن الدولة ...... ولكنها قصة جماعة الإخوان المسلمين مع  نظام ظالم مستبد ، بل هي قصة شعب مصر بأكمله مع هذا النظام البائد الذي أذل الشعب وجعله شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم ويسرق أموالهم ويبدد ثرواتهم وينشر الأمراض  والفساد بينهم إنه كان من الظالمين .

ثم انطلقت هذه الثورة المباركة لتعيد عقارب الزمن إلى وضعها الصحيح ، وترّد للناس كرامتهم وعّزتهم وثرواتهم بعد أن سرقها منهم الطغاة الظالمين . (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ).
 
ثم يأتي بعد ذلك من يريد أن يعيد الحياة إلى هذا الجهاز اللعين أو يستنسخه من جديد فيما يسمى زورا وبهتانا ( بجهاز الأمن الوطني ) ولكن بنفس ضباط جهاز أمن الدولة السابقين ومخبريهم . ونقول لهم هيهات ..هيهات .....فلن ندعهم يمٌّروا أبدا ولن ينجوا بجرائمهم أبدا وسوف نلاحقهم جميعا في كل مكان وزمان ما بقي فينا عرق ينبض أو نفس يختلج في صدورنا حتى نقدمهم لقضاء مصر العادل . وإن غدا لناظره قريب ،( ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا).