كانت في شهر أكتوبر عام 1989 ، و كانت عبارة عن حملة كبيرة تم فيها تفتيش منزلي بشكل همجي ، و تكسير الأبواب و العبث بكل محتويات المنزل و ترويع الأطفال ـ كان أحدهم لا يتجاوز الثانية من عمره ـ وتعرضوا لي ولزوجتي وأطفالي بالسباب الخارج والفاحش و الخادش للحياء ، و تم الاستيلاء على مجموعة كبيرة من محتويات المكتبة .
كان على رأس القوة هذه المرة أيضاً : المدعو ( محمد خضير ) ضابط أمن الدولة .
ثم ذهبت أنا و آخرون أتذكر منهم (م/ سعد الحسيني ، م/ ناجي عطية ، وغيرهم ) إلى مقر جهاز أمن الدولة بالمحلة و تعرضنا لتعذيب شديد على يد الضابطان: ( محمد عيسى )، و ( محمد نجيب ) ، ثم تم ترحيلنا إلى مقر أمن الدولة بطنطا حيث تعرضنا لتعذيب وحشي همجي على يد ضباط من جهاز أمن الدولة في طنطا : هم ( أسامة المراسي ) و(يحي أبو باشا) و( عز الدين الزيات) ومكثنا في مقر أمن الدولة بطنطا لمدة عشرة أيام : معصوبي الأعين و أيدينا مقيدة بالسلاسل الحديدية من الخلف ، وننام على الأرض.
كان عددنا 21 فردا من الإخوان المسلمين ، من عدد من مراكز محافظة الغربية .
كنا نتعرض للتعذيب اليومي الذي كان يبدأ من منتصف الليل ، و يشمل الوقوف لفترات طويلة (شبه عرايا) في البرد القارص أمام مراوح كهربائية ، معصوبي الأعين.
كما كنا نُضرب بآلات ثقيلة على الرأس ، ونتعرض للصعق بالكهرباء والتعليق على العروسة والفلكة والضرب على القدمين وغيرها من وسائل التعذيب الجهنمية .
وبقينا على هذا الحال عشرة أيام كاملة ، حتى تم نقلنا إلى سجن طنطا العمومي في الزنازين الخاصة بعتاة المجرمين (زنازين التأديب) التي مكثنا فيها 35 يوما دون طعام يذكر إلاَّ رغيف خبز جاف تعلو وجهه حبات من ( السوس المختلط بالفِول ) أو (العدس الذي لم ينضج بعد) لكل فرد منا.
كنا نقضي حاجتنا في دلو داخل الزنزانة ، دون أن يفتح علينا الباب إطلاقا .
كنا ننام سبعة أفراد في زنزانة مخصصة لفردين فقط 3×4 متر, و لم يتم عرضنا أثناء تلك الفترة على نيابة أو محكمة ، كما لم يعرف ( أهلنا ) أي شيء عنّا طوال المدة .
بعد ذلك أطلقوا سراحنا ، وبالطبع مررنا على مبنى جهاز أمن الدولة قبل العودة إلى منازلنا لتوجه إلينا التهديدات والشتائم والوعد والوعيد إذا عدنا إلى نشاطنا في المساجد ، وقد عدنا: فأين هم الآن؟