اغتيل بسفارة فلسطين في بلغاريا.. من هو المناضل عمر النايف؟

بعد رحلة نضال دامت أكثر من 30 عامًا؛ قضى المناضل عمر النايف شهيدًا في جريمة اغتيال تحمل بصمات الموساد الصهيوني، داخل السفارة الفلسطينية في بلغاريا، بعدما عاش لسنوات طوال تحت ملاحقة الاحتلال والخذلان الفلسطيني الرسمي.

وتعرض النايف - من مواليد 1963 - إلى جريمة اغتيال لم تتضح تفاصيلها بعد اليوم الجمعة داخل سفارة فلسطين ببلغاريا.

وقال عماد شقيق الشهيد النايف لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام": "صباح اليوم (الجمعة) تلقت العائلة خبرا أوليا يفيد باستشهاد عمر (52 عاما) داخل مقر سفارة فلسطين ببلغاريا دون إيضاح مزيد من التفاصيل".

ويؤكد السفير الفلسطيني في بلغاريا أحمد المذبوح في تصريحات خاصة لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" أن هناك تحقيقا يجري الآن، حيث عثر عليه (النايف) في حديقة السفارة مصابًا بجروح، وحاليا هناك 40 شخصية أمنية بلغارية تحقق في الحادث، وحتى الآن لا يوجد آثار رصاص، ولا نعرف حتى الآن ما الذي حدث".

رحلة نضال
ينحدر النايف من بلدة اليامون غرب مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، واعتقل عام 1986 بذريعة مشاركته في تنفيذ عملية قتل مستوطن في مدينة القدس مع رفيقيه في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، شقيقه حمزة وصديقهما سامر المحروم.

كان الثلاثة اعتقلوا بعد تنفيذ العملية وحكم عليهم بالسجن المؤبد، إلا أن عمر تمكن من التحرر من السجن في 21-5-1990، حيث إنه وبعد أربع سنوات من مكوثه في السجن أعلن إضراباً عن الطعام، وبعد أربعين يوماً من الإضراب تم نقله إلى إحدى المستشفيات، حيث تمكن من الإفلات من المستشفى، وبعد فترة وجيزة نجح في مغادرة الأرض المحتلة، فيما أطلق سراح شقيقه حمزة ضمن صفقة وفاء الأحرار وجرى إبعاده خارج فلسطين.

المعطيات الأولية عن الجريمة
وأكد شقيق الشهيد أن كل ما وصل إليهم من معلومات حتى الآن، يشير إلى أن عمر "قتل"، وأن هناك آثار دماء، لافتاً إلى أن أي جهة من السلطة الفلسطينية لم تتواصل معهم حتى الآن.

ولفت إلى أن زوجة وأبناء الشهيد يقيمون في شقة، مشددا على أن العائلة تنتظر المزيد من التفاصيل عن هذه الجريمة.

السلطة تشكل لجنة تحقيق
السلطة الفلسطينية التي اتُّهمت سفارتها أواخر العام الماضي بالتواطؤ في مساعي بذلت لتسليم المناضل النايف للاحتلال، سارعت للإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق فيما جرى.

ووفق وكالة "وفا"؛ قرر رئيس السلطة محمود عباس، اليوم الجمعة، تشكيل لجنة تحقيق لكشف ملابسات مقتل المناضل النايف، وأعطى تعليمات للجنة التحقيق بالتوجه فورا إلى بلغاريا؛ لكشف ملابسات ما حدث.

من جانبه، قال وكيل وزارة الخارجية الفلسطينية تيسير جرادات: "لقد أبلغنا السفير الفلسطيني لدى بلغاريا بالعثور على المناضل عمر النايف مصابا بجروح بالغة في الجزء العلوي من الجسم، وتم استدعاء الإسعاف، لكنه للأسف فارق الحياة".

وفيما بدا محاولة للتخفيف من وقع ما جرى؛ قال: "المؤشرات الأولية تظهر أن النايف لم يصب بالرصاص، وتم العثور عليه في حديقة السفارة، وليس بداخلها".

وأضاف "يتواجد السفير وطاقم من الشرطة البلغارية في المكان لمعاينته، والوقوف على أسباب الوفاة".

التنسيق الأمني بين بلغاريا والاحتلال
والمفارقة أن جريمة الاغتيال وقعت بالتزامن مع زيارة رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف برفقه وزير الخارجية دانييل ميتوف إلى "إسرائيل"؛ لتلبية دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ووفق وسائل إعلام عبرية؛ فإن بوريسوف ونتانياهو على علاقة صداقه منذ عام 2009، حينما تولي بوريسوف رئاسة الوزراء، حيث أعطى إشارة التعاون والتنسيق الأمني المستمر بين أجهزة استخبارات البلدين عقب حادثة تفجير الأتوبيس السياحي الإسرائيلي عام 2012، بل سمح باشتراك واسع لجهاز الموساد الإسرائيلي في تحقيقات الحادث المذكور، ما يعزز من ضلوع الموساد الصهيوني في جريمة الاغتيال.

ملاحقة طويلة
موعد النايف مع الشهادة كان بعد 26 عاما على تمكنه من الإفلات من سجون الاحتلال، قضاها في الشتات متنقلا بين العديد من الدول، إلى أن استقر به المقام في بلغاريا، حيث تزوج وأنجب ثلاثة أبناء.

ولم يكن هذا التشرد كافيا لوقف ملاحقة سلطات الاحتلال له، لتعود قضيته تطفو على السطح أواخر عام 2015، بعد مطالبة الاحتلال السلطات البلغارية بتسليمه، لتنتهي رحلة النضال بالشهادة في جريمة اغتيال تحمل بصمات الموساد.

ويقول أحمد شقيق عمر إن النيابة العسكرية الصهيونية أعادت تفعيل قضية عمر بعد 26 عاما على تحرره من السجن متذرعة بالاتفاقيات الأمنية بين بلغاريا والاحتلال في تبادل المطلوبين.

"فعّالة قانونيا"
وتذرعت سلطات الاحتلال، حين مطالبتها باعتقال النايف أن قضيته فاعلة قانونيا لغاية 2020، إلا أن المناضل النايف رفض تسليم نفسه للحكومة البلغارية، عادًّا أن هذا الإجراء غير قانوني ولأهداف سياسية، خاصة أنه اعتقل عام 1986، في مدينة القدس وصدر بحقه حكم بالسجن المؤبد، وبعد أربع سنوات من مكوثه في السجن أعلن إضرابا عن الطعام، وبعد أربعين يوما من الإضراب تم نقله إلى إحدى المستشفيات في مدينة بيت لحم، وفي تاريخ 21/5/1990 هرب من المستشفى.

مضايقات بلغارية وأخرى فلسطينية
وتعرض عمر منذ صدور مذكرة الجلب والتوقيف الصهيونية للسلطات البلغارية لمضايقات من السلطات البلغارية التي سعت لاعتقاله قبل أن يلجأ عمر للسفارة الفلسطينية في بلغاريا؛ كملاذ أخير لحمايته من قرار التسليم.

وبحسب مصادر من حملة مناصرة عمر في بلغاريا؛ فإن سفارة فلسطين التي لجأ عمر إليها لم تتعامل معه كمناضل يجب الدفاع عنه، وسعت للتخلص من وجوده في السفارة، الأمر الذي يطرح تساؤلات كبيرة بعد اغتياله: كيف نجح الموساد في الوصول إليه داخلها؟

وكانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والتي يعد عمر أحد كوادرها، حذرت سفارة فلسطين في بلغاريا من مغبة تسليمه للاحتلال.

وقالت الجبهة في بيانها إبان حملة المطالبة بتسليمه "إن عمر لجأ للسفارة الفلسطينية باعتبارها الموقع الطبيعي والوحيد الذي يمكن أن يوفر له ولكل فلسطيني وفلسطينية الحماية القانونية والسياسية"، وهو الأمر الذي ثبت بعد استشهاده أنه لم يكن دقيقا.

المركز الفلسطيني للإعلام