عبد الحكيم الشامي
التسول أصبح عنوانا عريضا للمرحلة الانقلابية التى يئن الوطن تحت وطأتها، فكما تحول الرسمي منه إلى ظاهرة مرضية مستعصية على العلاج، فقد فاق التسول "الشعبي" كل الحدود خلال الشهور المنقضية من عمر الانقلاب، لا أطال الله عمره.
لم يعد خافيا حجم المعونات والمساعدات والقروض التى تقدمها الدول الداعمة للانقلاب من باب إسناده وإعطائه قبلة الحياة، ورغم ذلك يسقط الانقلابيون يوما بعد يوم فى مستنقع التراجع الاقتصادي والفشل الإداري والإخفاق السياسي، حيث تعيش مصر حالة غير مسبوقة من التدهور فى كل المجالات.
من أسوأ أعراض هذا التدهور تراجع دخول المواطنين وعدم قدرتهم على الوفاء باحتياجات أسرهم الأساسية، مما دفع عددا لايحصى من أصحاب المهن الحرة والعاطلين عن العمل وموظفى الحكومة محدودى الدخل، إلى طلب المساعدة بشكل علني فى الطرقات وعلى نواصى الشوارع.
فئة جديدة أضيفت قسرا إلى طابور المتسولين، تحت ضغط الحاجة وغلاء الأسعار وضيق ذات اليد، إذ يقابلك رجال محترمون، ليسوا من فئة "الشحاتين" المعروفة فى بلادنا، يستوقفونك فى غير مكان وعلى مدار اليوم ليطلبوا مساعدات مالية كبيرة، بحجج كثيرة لايتسع المجال لذكرها.
تسول الكبار، الذين قادوا البلاد إلى الهاوية، لم يفلح فى إنعاش الاقتصاد وتحقيق أحلام الغلابة كما وعدوا، بل أضاف تضخما وعجزا مزمنا وحول كثيرا من المصريين إلى "شحاتين" وهذا مالم يكن يخطر ببال أحدهم، ولايمكن أن يتحملوا تبعات هذا التسول وأنكاده لوقت طويل.
فشل الانقلابيين أصحاب أكبر مشروع "تسولي" فى تاريخ مصر، أدى إلى تنامى ظاهرة التسول "الشعبي" الذى يتناسب طرديا مع زيادة معدلات الفقر، وهذا يؤشر إلى نذر ثورة جياع قادمة، تلحق بفعاليات ثورة الحريات والكرامة الممتدة منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن، مما يعنى أن هذا الانقلاب "المتسول" سيزول حتما.