مصطفى عبد الفتاح :

تعمدوا تجهيلَ الشعب وتغريبَه وتجريدَه من إسلاميته طوال ستين عامًا بل وأكثر، حتى كادت الأمية أن تصبح شعارَ شعب. وذلك حتى لا تنكر عليهم العامة ما يفعلون مهما كان مغلوطًا أو صادمًا.

 

وكان من أدواتهم الرئيسية: الإعلام بأنواعه: المرئي أو المسموع أو المقروء، والتعليم.

 

وبالتوازي عملوا على الإفقار الممنهج لغالبية الشعب فلا يصبح له همًا في الحياة إلا المأكل والمشرب والمأوى.

 

ثم عملوا على ترويعه بأدوات أمن الدولة - بأسمائها المختلفة - حتى تربى الناس على مفهوم أن "الجدران لها آذان".

 

فلا تعجبْ حين تجد:

 

ـ من يعتقد بأن الخلافة العثمانية كانت احتلالاً.

 

ـ ومن يُؤمن بأن عبد الناصر كان زعيمًا وطنيًا مخلصًا لبلده، وأنه كان عدوًا لدودًا لبني صهيون وللأمريكان.

 

ـ ومن يُصدق أن حماس - مفخرة الجهاد في عالمنا الإسلامي - عميلةٌ للصهاينة.

 

ـ ومن يُصدق أن ما حدث في 30 يونيو كان ثورة ساندها الجيش.

 

ـ ومن يُردد أن الإخوان حلفاءٌ للأمريكان.

 

ـ ومن يُصدق أن جهازًا بإريال يمكنه الكشف عن الإيدز والفيروس وأن الكفتة علاجهما.

 

ـ ومن يُؤمن بأن ما قاله شيخه هو الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

 

تلك نماذج - والقائمة تطول - لما يمكن أن تعاينه من نتائج التجهيل والإفقار والترويع الذي طال الشعب المصري طوال عشرات السنين.

 

ولأن من زرع يعرف كيف يحصد، فإن الصليبية والصهيونية العالمية – وهما المحركان الرئيسيان لما يحدث في مصر - أتقنوا دراسة شعوبنا فعرفوا كيف يُحكموا سيطرتهم عليها؛ ولسان حالهم: أنك إنْ وفرتَ لغالبية تلك الشعوب مأكلها ومشربها صرتَ لهم سيدًا وسكنوا ورضوا، وإنْ استعبدتهم ونهبت خيراتهم! أما إذا نزعت عنهم تلك الأمور هاجوا وماجوا واضطربوا، وإنْ أعطيتهم حريتهم ومضيت في سبيل عزتهم ورفعة شأنهم! وذلك تمامًا الذي حدث.

 

ولا تعجب إذا رأيت على الناحية الأخرى أناسًا ارتفع عندهم الوعي وعرفوا طبيعة المعركة بين الحق والباطل، فما ضعفوا وما استكانوا، وإن استشهدوا أو أصيبوا أو اعتقلوا أو طوردوا أو صودرت أموالهم، بل ويُربون أبناءهم ويحملونهم على هذا الحق وإن كان مُرًا.

 

ولا شك أننا كنا بحاجة أن نُولي هذا الأمر مزيدًا من الاهتمام خلال العام الأول من حكم البطل الأسير الرئيس محمد مرسي، وأن نلجَ فيه بقوة، لكن الكمال لله وحده ولا يعلم الغيب إلا الله، والأولويات الآن باتت واضحة.

 

لذا فإن صناعة الوعي من واجبات الوقت ومقتضيات المرحلة ولن تتم إقامة الدولة الإسلامية إلا بها.

وأقصد بالوعي: الوعي المقترن بالوحي (القرآن والسنة)؛ الوعي الذي يحرك الطاقات الكامنة في هذه الأمة فتصلح في سنين عديدة ما أفسده عليها العملاء والخونة في عشرات السنين.

 

وهذا إنما يتأتى باحتراف الإعلام المرئي والمسموع والمقروء وترميز الشرفاء والمبدعين والعلماء العاملين مع هدم الرموز الباطلة حتى تصبح هي والعدم سواء... وهو ميدانٌ واسعٌ لمن أراد الجهاد. والله وليُ التوفيق.