م. أحمد المحمدي المغاوري : 

 ربما يرى المظلومين المضطهدين في مصر وغيرها أنهم يعيشون لحظة انكسار وزلزله وهي بالفعل زلزله، وليس انكسار لكنه اختبار بين الصبر والشكر ويخبئ حكمهً يريدها الله لمصر ولرجالها الأطهار حتى يأتي النصر،قال تعالى"وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون" لذا فالمجرم الانقلابي القاتل يحسب في صولته أن هذه جولته،وأنه لن يقدر عليه احد يقول أهلكت مالا لُبدا ويحسب المجرم أنه على شيء،وفرح بما أوتيَّ من قوة يستقوي بها على الناس حتى النساء والأطفال."كان لواء ثم فريق ثم فريق أول ثم مشير وها هو يستعد لكرسي الرئاسة بقي من حلمة السيف المدرج بدماء من قال لا إله إلا الله وبه نهايته،قال تعالى " فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45).الأنعام. إنه الإملاء للمجرمين الذي يأتي بعدة المحنه والخزي والنكال الذي سيحل قريبا من دارهم،قال تعالى"وأملى لهم إن كيدي متين" ،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ”إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته, ثم قرأ:{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}.
- لقد ابُتليَ الثوار الأحرار في أنفسهم وأولادهم  ولاقوا من التنكيل ما لاقوا وسمعوا ما سمعوا من الافتراءات وقيل عنهم ما قيل "إرهابيون وقتله ومخربين" وهذا ليس بجديد على حملة الحق.وهو ما يجعلنا نتدبر في قوله تعالى مخاطبا أصحاب الحق على مر الزمان (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وأَنفُسِكُمْ ولَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ ومِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وإن تَصْبِرُوا وتَتَّقُوا فَإنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ(البقرة:186)،وقوله تعالى( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب( 214 ) وليس ببعيد ما حدث في رابعة والنهضة ورمسيس والمنصة وفي ذكرى 25 يناير مذبحة المطرية وعين شمس والألف مسكن ومازال يحدث في أنحاء مصر،فلا يأس أبدا ،قال تعالى" حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ "110 يوسف.نعم لا يأس
- لقد أخبرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم" إن عظم الجزاء مع عظم  البلاء،وأن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا،ومن سخط فله السخط "ورحم الله مصطفى صادق الرافعي الذي قال"ما أشبه النكبة"الابتلاء" بالبيضة فمن بداخل البيضة، يحسب سجنا لما فيها،وهي تحوطه،وتربيه،وتعينه على تمامه، وليس عليه إلا الصبر على آلام المخاض، ثم تفقس البيضة،فيخرج خلقا آخر،وهكذا المؤمن المرابط في دنياه كالفرخ في بيضته"، وكل ما يمر بمصر وبالأمة الآن هو آلام مخاض الولادة ليخرج المولود "أم الدنيا مصر" فتفرح بها الأمة بعد خوف وتبتسم بعد بكاء وتقوى بعد ضعف وتتحرر بعد سجن وتنهض بعد ثبات وتقوى بعد وهن. ليذهب الزبد ويبقى للأمة ما ينفعها"مصر المؤمنة القوية" لذا فكلنا ثقة في الله،أن مصر والمصريون الشرفاء سيخرجون بإذن الله من هذه الشدة ومن هذا الانقلاب الفاشي أنقى قلوبا،وأشد عودًا،وأقوى إرادة وعزيمة، لتنصر الحق ولتُسقط الانقلاب بإذن الله، فما على الثوار الشرفاء إلا الصبر والشكر ففي الصحيح  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "عجبا لأمر المؤمن إن أمرة كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" قال تعالى"وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمور"186 آل عمران.وبحسن اللجوء والتضرع إلى الله والاعتصام به سبحانه ووحدة الصف يأتي النصر وكما قيل "أننا لن نُنصر بعتاد ولا بعدة وإنما بالله كيفما يشاء ووقتما يشاء، ورد في الصحيح"يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يُستجب لي".فلا نعجل فالله  يدير المعركة  بين الحق والباطل ويدبر لأهل الحق أمرهم "ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا"
- إن المعركة بين الحق والباطل باقية بقاء الدهر والله يديرها من فوق سبع سموات، لذا فالحق منصور لا محالة" إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ. [غافر:51]. ولكنه التمحيص" لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ " الأنفال(37)والواقع يشهد بذلك. ليبقى دورنا وهو الأخذ بالأسباب مع عدم تعلق القلب بها.فالكل سيقف ويحاسب بمفردة ولن يسأل عن"النتيجة" ولا عن"موعدها" وإنما عن أدائه وكيف وظف نفسه وماله وما وهبه الله من نِعم فشكر ونَصَرَ الحق" وعلى الآلام والمحنٍ فصبر.وكما قيل "كل منحةٍ وافقت هواك فهي محنه، وكل محنةٍ خالفت هواك فهي منحه"،ولا شك أننا جميعا نحب العافية وندعو الله أن يقينا شر البلاء، والكل يتمنى الخير، قال تعالى"ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ".فلنكن على يقين أنه لن يحدث في ملك الله إلا ما شاء الله.والمهم أن يوجد الرجال القليلون"وقليل من عبادي الشكور"الذين يعلمون أن النصر مع الصبر.ورضي الله عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث قال: (لو كان الصبر والشكر بعيرين لا أبالي على أيهما ركبت)،لأن كل مطية منهما موصلة إلى رضوان الله تعالى أما النصر فهو هدف وصلنا له أم لم نصل ، المهم  أن يرضى سبحانه عنا. فاللهم نصرك للمؤمنين وسيف انتقامك على المجرمين كما وعدت" فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ۖ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ. (47) الروم ،اللهم حنانيك بالضعفاء وبالنساء اللهم انقطع الرجاء إلا منك ،وخاب الأمل إلا فيك، فاللهم انصرنا وارزقنا الصبر عند البلاء والشكر على النعماء لنصل إلى غايتنا وهو رضوانك يا رب العالمين .