شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي فجر الخميس سلسلة غارات عنيفة استهدفت مناطق واسعة شرقي القطاع وجنوبه، تزامنًا مع عمليات توغل ونسف لمبانٍ سكنية، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى في عدة محافظات، وسط تحذيرات حقوقية من استمرار مسار الإبادة الجماعية بحق المدنيين، في تصعيد جديد يُهدّد بانهيار اتفاق وقف إطلاق النار الهشّ في قطاع غزة.

 

غارات مكثّفة من الجو ونيران للمروحيات في رفح

 

أفادت مصادر محلية بأن الطيران المروحي الإسرائيلي أطلق وابلاً من النيران باتجاه مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، تلاه تنفيذ غارات جوية على أحياء متفرقة من رفح وشرقي خان يونس.

 

كما شهدت مدينة غزة قصفًا مفاجئًا بعد منتصف الليل، حيث نفذت الطائرات الحربية ما لا يقل عن خمس غارات استهدفت منازل وأراضي في المناطق الشرقية للمدينة.

 

وتزامنت هذه التطورات مع تنفيذ قوات الاحتلال عمليات نسف وهدم لعدد من المباني السكنية شرقي خان يونس، في سياسة وصفها مراقبون بأنها استمرار لعمليات "الهندسة التدميرية" الهادفة لتغيير معالم الأحياء المدنية.

 

شهداء وجرحى في أنحاء القطاع

 

وبحسب المصادر الطبية، ارتقى خمسة مواطنين خلال الـ24 ساعة الماضية، بينهم شهيد متأثر بجراحه السابقة، فيما استشهد أربعة آخرون جراء قصف طال شرقي خان يونس ووسط القطاع وشماله.

 

كما أصيب عدد من المدنيين بجروح متنوعة نتيجة القصف المدفعي والجوي، في وقت تستمر فيه الخروقات الإسرائيلية للاتفاق دون توقف.

 

مئات الخروقات.. و350 شهيدًا منذ وقف إطلاق النار

 

ووفق بيانات مركز غزة لحقوق الإنسان، فقد ارتكبت قوات الاحتلال أكثر من 535 خرقًا لاتفاق وقف إطلاق النار خلال 47 يومًا فقط، بمعدل يتجاوز 11 خرقًا يوميًا.

 

وأدى ذلك إلى استشهاد 350 فلسطينيًا، بينهم: 130 طفلًا - 54 امرأة - 14 مسنًا

 

وأشار المركز إلى أن غالبية الاستهدافات وقعت داخل ما يعرف بـ"الخط الأصفر"، وهو نطاق مدني مشمول بالحماية وفق الاتفاق.

 

كما أصيب 889 مواطنًا خلال الفترة ذاتها، يشكل الأطفال والنساء والمسنون 60% منهم.

 

حقوقيون: استمرار الإبادة الجماعية رغم وقف النار

 

اتهم مركز غزة لحقوق الإنسان الاحتلال بمواصلة "نهج الإبادة الجماعية" رغم إعلان وقف النار، موضحًا أن:

 

  • القصف الجوي والمدفعي لم يتوقف،
  • التوغلات العسكرية مستمرة،
  • المساعدات الإنسانية تُمنع أو تُقيّد،
  • الوقود والمعدات الطبية ممنوعة من الدخول،
  • آلاف الشاحنات عالقة بانتظار موافقات إسرائيلية.

 

كما أكد المركز أن معبر رفح ما يزال مغلقًا، وأن الاحتلال يحتجز مئات المعتقلين ويرفض الكشف عن مصيرهم، وسط شهادات عن سوء معاملة وتعذيب واعتداءات جنسية داخل مراكز الاحتجاز.

 

وحذّر المركز من أن "الصمت الدولي يمنح الاحتلال غطاءً سياسياً لمواصلة الجريمة"، مطالبًا الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف بالتحرك العاجل.

 

أمن المقاومة: الاحتلال يمارس حربًا نفسية في رفح

 

في سياق آخر، اتهم أمن المقاومة في غزة الاحتلال بشن "حرب نفسية" من خلال نشر صور "منتقاة وموجهة" لمقاتلين في رفح، بهدف الادعاء بتحقيق نجاحات ميدانية وهمية.

 

وقال في بيان إن الصور المنشورة لا تعكس واقع الميدان، بل محاولة للتغطية على:

 

  • فشل استخباري في تحديد أماكن المقاتلين،
  • عجز عن استهدافهم رغم الحصار،
  • ارتباك داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

 

وحذّر البيان من تداول هذه المواد الإعلامية، مؤكدًا أنها جزء من حملة نفسية تستهدف الجبهة الداخلية الفلسطينية.

 

حماس: ملاحقة المقاتلين المحاصرين خرق فاضح للاتفاق

 

من جهتها، اعتبرت حركة حماس أن ملاحقة قوات الاحتلال لمقاتليها داخل أنفاق رفح يشكل "جريمة وحشية" و"خرقًا واضحًا" لاتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا.

 

وقالت الحركة إنها قدّمت خلال الشهر الماضي مقترحات محددة لحل قضية المقاتلين بالتنسيق مع الوسطاء، إلا أن الاحتلال "نسف كل الجهود، مفضلًا لغة القتل والاعتقال".

 

وحملت حماس الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة مقاتليها، مؤكدة أنهم يمثلون "نموذجًا للتضحية والكرامة الوطنية".

 

اتفاق هش تحت ضغط الانتهاكات

 

تأتي هذه التطورات في ظل مساعٍ دولية لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، في وقت يستمر فيه جيش الاحتلال بتنفيذ عمليات داخل رفح والبريج ومناطق أخرى، وسط تحذيرات من أن أي تصعيد جديد قد يدفع الاتفاق نحو الانهيار ويعيد القطاع إلى مواجهة عسكرية شاملة.

 

كارثة إنسانية بلا أفق

 

بعد عامين من الحرب التي خلّفت: 70 ألف شهيد ، 171 ألف جريح، دمارًا طال 90% من البنى المدنية؛ يبقى سكان غزة في مواجهة وضع إنساني بالغ السوء، يتفاقم بفعل البرد، وانهيار البنية التحتية، ونقص الغذاء والدواء، وغرق مئات الخيام خلال المنخفضات الجوية الأخيرة.