كشف استطلاع صادم أجرته جامعة هارفارد بالتعاون مع مؤسسة "هاريس" و"هاريس إكس" عن تحول غير مسبوق في توجهات الشباب الأميركي تجاه الصراع في غزة، حيث أظهرت النتائج أن 60% من جيل "زد" (المواليد بين منتصف التسعينيات حتى مطلع الألفية الثانية) يفضلون حركة حماس على إسرائيل في ظل الحرب المستمرة على القطاع.

 

يُشكل هذا الاستطلاع الذي أُجري بين 20-21 أغسطس الماضي وشمل 2,025 ناخباً مسجلاً، دليلاً على تغير عميق في المزاج الشعبي الأميركي وفجوة جيلية واضحة في النظرة للقضية الفلسطينية.

 

تفاصيل الاستطلاع والفجوة الجيلية

 

طرح الاستطلاع سؤالاً مباشراً على المشاركين: "في صراع إسرائيل وحماس، هل تدعم إسرائيل أكثر أم حماس أكثر؟"، وكشفت النتائج عن انقسام حاد بين الأجيال. فيما عبّر 60% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18-24 عاماً عن دعمهم لحماس، ارتفعت نسبة التأييد لإسرائيل بشكل متصاعد مع تقدم العمر.

 

سجلت الفئة العمرية 25-34 عاماً دعماً لإسرائيل بنسبة 65%، بينما وصلت النسبة إلى 70% بين من تتراوح أعمارهم بين 35-44 عاماً، و74% لمن بين 45-54 عاماً، و84% للفئة العمرية 55-64 عاماً، ووصلت إلى 89% بين من تجاوزوا 65 عاماً.

 

الانقسام الحزبي ورؤية الإبادة الجماعية

 

كشف الاستطلاع أيضاً عن انقسام حزبي واضح، حيث أيد 67% من الديمقراطيين إسرائيل مقابل 82% من الجمهوريين. لكن اللافت أن الاستطلاع وجد أن 50% من جميع المشاركين يعتقدون أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، كما أن 51% يرون أن انتقاد إسرائيل ينبع من القلق على حقوق الإنسان الفلسطينية وليس من معاداة السامية.

 

يعكس هذا الرقم تحولاً جذرياً في الوعي الأميركي، خاصة أن التقرير لم يسأل المشاركين عن دعمهم للفلسطينيين بشكل عام، بل حصر السؤال في المقارنة بين حماس وإسرائيل فقط.

 

دور وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل الوعي

 

يُعزى هذا التحول الدراماتيكي في جيل "زد" إلى اعتمادهم الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للأخبار بدلاً من وسائل الإعلام التقليدية الموالية لإسرائيل.

 

يتلقى 71% من جيل "زد" أخبارهم اليومية من منصات التواصل الاجتماعي، بينما يلجأ أكثر من 90% منهم إليها بشكل أسبوعي على الأقل، في عزوف تاريخي عن متابعة وسائل الإعلام الأميركية الرسمية. استقطبت منصة "تيك توك" اهتماماً خاصاً، حيث ظهرت حركة واسعة بين المراهقين واليافعين الأميركيين تُسمى "تيك توك جيل زد" تعتمد على المؤثرين وتناهض ما تصفه بـ"بروباجندا الإعلام الرسمي".

 

الوسوم والمحتوى المؤيد لفلسطين

 

حقق وسم #FreePalestine انتشاراً هائلاً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث استُخدم في 35 مليون فيديو على "تيك توك" وأكثر من 11.1 مليون منشور على "إنستغرام"، بما يفوق وسم #StandwithIsrael بحوالي 28 ضعفاً.

 

يرى الباحث جوردان ماشنيك أن الصور والأحداث المتواردة من غزة تُشكل صدمة لجيل "زد" الذي يختبر الدم المراق في هذا الصراع لأول مرة بهذه الصورة الحادة، ما دفعه لتبني موقف مناهض للاستعمار يقترب من تصور حماس لإنهاء الاحتلال.

 

خصائص جيل "زد" وتأثيره المستقبلي

 

يتميز جيل "زد" عن الأجيال السابقة بانفتاحه على التنوع العرقي ووعيه بالدور الاستعماري للحكومة الأميركية في الخارج، وتعاطفه الأكبر مع المعاناة الإنسانية وميله للانخراط في الحياة العامة.

 

وتشير التحليلات إلى أن هؤلاء الشباب الذين يشكلون اليوم 60% من الداعمين لحماس (المولودون بين 1997-2012) سينتقلون خلال السنوات القادمة من الجامعات إلى مراكز صنع القرار، ما سيجعل من مبادئهم ومعتقداتهم مادة السياسة الأميركية الداخلية والخارجية في العقود المقبلة.

 

كما اعتبرت وسائل الإعلام الإسرائيلية، بما فيها صحيفة "هاريس" التي نشرت نتائج الاستطلاع، أن هذه النتائج تعكس تحولاً عميقاً وصدمة حقيقية للمؤسسة الإسرائيلية في واشنطن.