بينما المصريون مشغولون بمتابعة أجواء الاستعدادات لحفل افتتاح المتحف المصري الكبير، ويتنافس رواد منصات التواصل الاجتماعي في عرض صورهم بالرداء الفرعوني مواكبة للحدث، شهدت إحدى القرى في صعيد مصر حادثًا مأساويًا يجسد التناقض والفجوة الكبيرة بين مصر "الشعب" ومصر "الدولة"، وشتان ما بين الاثنين.

فقد استيقظ الأهالي في قرية الروابات التابعة لمركز أبوتشت شمال محافظة قنا فجر الجمعة على حادث مفجع، إثر انهيار سقف غرفة داخل منزل قديم مبني بالطوب اللبني من طابق واحد، ما أسفر عن مصرع 3 شقيقات وإصابة شقيقهن بإصابات متفرقة.

حدث جلل بكل ما للكلمة من معنى يخلع القلوب ويجسد مرارة العيش في هذه المنطقة البعيدة من صعيد مصر، حيث ينعدم الاهتمام الرسمي، ويفتقر السكان إلى أبسط مقومات الحياة من خدمات ومرافق. وحيث الفقر هو حال كثيرين لم ينزحوا كغيرهم من أبناء الصعيد إلى الخليج لتحسين أوضاعهم، أو الترحال إلى القاهرة بحثًا عن لقمة العيش.

في منزل بسيط مبني بالطوب اللبن، كانت الشقيقات الثلاث شهد محمد عبدالحارس (12 عامًا)، جنى (9 أعوام)، وياسمين (4 أعوام)، وشقيقهن محمد (11 عامًا) يعيشون مع والديهم، كانت لهم أحلام كما الأطفال في مثل سنهم، يلعبون ويمرحون، يخطفون لحظات من الفرحة وسط أجواء من الفقر وقلة الحيلة. 

في نهاية اليوم، ذهب الأشقاء الأربعة إلى غرفتهم المسقوفة بالخشب ليناموا كما عادتهم كل ليلة، لكنهم لم يعلموا أن هذه الليلة ستكون آخر عهدهم بالدنيا، فقد توفيت الفتيات الثلاث وأصيب شقيقهن بعد انهيار سقف الغرفة على رؤوسهم وهم نيام.

حادث مأساوي وليس مجرد خبر عادي، بكل ما يحمله من تفاصيل تعكس ذلك الواقع المؤلم والفقر المدقع الذي يعيشه ملايين المصريين الذين لم تلتفت إليهم الدولة لأوضاعهم ولم تعمل على تحسين أحوالهم لانتشالهم من أوضاعهم هذه.

هذا الحادث يحطم كل أرقام "الإنجازات" التي يتحدث عنها قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، ومليارات الجنيهات التي تم إنفاقها على مشاريع لا تمثل أولوية إذا ما قيست بأحوال الناس وأوضاعهم المتردية.

مات الأطفال الثلاثة، وذهبت معهم أحلامهم، وتركوا في قلوب أهليهم جرحًا غائرًا من الصعب أن يندمل، ورسموا بدمائهم صورة مؤلمة لقلة العجز والحيلة في مصر التي لا يعرفها السيسي ولا رجال حكومته.