اعتمدت منال عوض وزيرة التنمية المحلية بحكومة الانقلاب، الحركة السنوية لقيادات الإدارة المحلية لعام 2025، التي شملت 162 قيادة محلية على مستوى الجمهورية، ونقل وتعيين 15 سكرتير عام وسكرتير عام مساعد، و134 رئيس مركز ومدينة وحي، مع استبعاد 15 قيادة محلية لم تحقق المستوى المطلوب فى الأداء.
وتقول الوزيرة، إن "الحركة تأتي في إطار حرص الوزارة على تطوير الأداء في الوحدات المحلية، ودعم الكفاءات القادرة على تحقيق رضا المواطنين، وتعزيز مبادئ الشفافية والانضباط في العمل التنفيذي".
معقل للفساد
لكن تصريحها كما يقول منتقدون، يبقى محاولة لتجميل القبح الذي يزكم الأنوف داخل المحليات المترعة بالفساد، والذي دفع زكريا عزمي، أحد أقطاب نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك إلى الاعتراف تحت قبة البرلمان: "الفساد للركب في المحليات"، وهو ما أثار ضجة إعلامية وقتها لخطورة وجرأة التصريح من رئيس ديوان الرئاسة في ذلك الوقت.
كان أحد أهداف ثورة 25 يناير التي وأدها العسكر، هو القضاء على الفساد المؤسسي داخل مؤسسات الدولة، وفي القلب منها المحليات. ولازال كثير من المواطنين المصريين ممن كانوا يترددون على المصالح الحكومية في أعقاب الإطاحة بنظام مبارك في فبراير 2011 يتذكرون كيف أنهم تنسموا عبير الديمقراطية داخل تلك المؤسسات، وتجسد ذلك في حسن المعاملة، والتوقف عن النهج الشهير في تعطيل مصالح المواطنين، أو إجبارهم على دفع الرشاوى مقابل إنهاء معاملاتهم.
كان ذلك في ظل أجواء نقية بنقاء قلوب الشباب الغص الأخضر الذي قاد الثورة متطلعًا لرؤية مصر بلا فساد، أو رشاوى، أو بيروقراطية، لكنهم سرعان ما استفاقوا على كابوس الانقلاب الذي أطاح بهم وأثبت أن الفساد هو أقوى حزب منظم في مصر، وأن الدولة العميقة ضاربة بجذورها في كل مفاصل الدولة، فعملت على تكريه المصريين في الثورة وتعمدت إشاعة أجواء من الكراهية التي تشبع بها ما باتوا يعرفون لاحقًا بـ "حزب الكنبة"، الذي كان يتخذ موقفًا متحفظًا تجاه الثورة.
خيبة أمل
وعاد كل شيء إلى سابق عهده، وتغول الفساد في مؤسسات الدولة والمحليات أكثر مما كان، وباتت الرشاوى هي أسرع طريق لإنجاز المعاملات، لا فرق بين موظف صغير أو مسؤول كبير، إلا في حجم ما يحصل عليه من رشوة، وساهم في تكريس ذلك تغييب البرلمان عن ممارسة صلاحيته الرقابية وتقديم الاستجوابات ضد الفساد.
التنكيل بهشام جنينة
كان أقسى درس مما كان أن يتلقاه مسؤول نزيه في الدولة يسعى لمحاربة الفساد، هي تلك "العلقة" التي نالها المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات على يد مجموعة من البلطجية، بسبب حديثه عن حجم الفساد المالي في مصر والذي قدره آنذاك بحوالي 600 مليار جنيه، أغلبها كان في صفقات أراضي تنطوي على فساد في سنة 2015 وحدها.
ولاحقًا تم الإطاحة بجنينة من منصبه كرئيس لأكبر الأجهزة الرقابية المستقلة في مصر، وأحيل إلى المحاكمة حيث صدر حكم بحبسه سنة واحدة وتغريمه بتهمة "نشر أخبار كاذبة"، ليكون بذلك عبرة لكل من تسول له نفسه الحديث عن الفساد في ربوع المحروسة، فلم يتجرأ كائن من كان أن يحذو حذوه، وأصبحت سياسة "تمام يا أفندم" هي السائدة في حكم عبدالفتاح السيسي، الذي لطالما تحدث عن نزاهته، قائلاً عن نفسه بكل فخر وزهو: "أنا شريف قوى.. وصادق قوي.. وأمين قوي".
كان جديرًا بمثل هذا الرجل الذي يطلق على نفسه وصف النزيه الأمين أن يضرب بقوة على يد الفساد والفاسدين، لكنه حين سئل من أحد الشباب ضمن البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة عن فساد المحليات، رد: "طب أعمل إيه طيب!"، وكأن ذلك ليس من مسؤوليته ولا واجبه بحكم منصب الرئيس الذي اختطفه تحت قوة السلاح.

