في تغريدة لاذعة ومكثفة، يقدم الكاتب والصحفي الفلسطيني نظام المهداوي مقارنة حادة بين الموقف الشعبي والسياسي الإسباني الداعم للقضية الفلسطينية، وبين مواقف بعض الأطراف في العالم العربي التي تتخذ مساراً مناقضاً تماماً، يصل إلى حد شيطنة المقاومة وتحميلها مسؤولية دماء شعبها، فيما هم من انتصر وكان لهم الفضل في وقف إطلاق النار.
يستخدم المهداوي أسلوباً ساخراً ومباشراً لكشف التناقضات وفضح ازدواجية المعايير، مقدماً إسبانيا كنموذج للموقف المبدئي الذي يفتقده، برأيه، المشهد العربي الرسمي والإعلامي الموالي له.
إسبانيا كنموذج للموقف المبدئي
يبدأ المهداوي تغريدته بسلسلة من الجمل المنفية التي ترسم صورة الموقف الإسباني المثالي من وجهة نظره.
فهو يشير إلى أن الشارع الإسباني أو المسؤولين الإسبان لم ينشغلوا بالتباهي ببطولات حكومتهم في جهود وقف إطلاق النار، وهو تلميح واضح إلى استغلال بعض الأنظمة العربية للقضية كورقة دعاية سياسية.
كما يؤكد أن النقاش في إسبانيا لم ينحرف إلى مسائل هامشية مثل مصدر سلاح حماس أو اتهامها بالتبعية لإيران، وهي الاتهامات التي غالباً ما تستخدمها جهات عربية لتشويه صورة المقاومة وتجريدها من شرعيتها الوطنية.
يستمر المهداوي في تعداد المزايا الإسبانية، فيذكر أنه لم يخرج إسباني ليشتم الفلسطينيين لأنهم لم يشكروا ملك إسبانيا أو رئيس حكومتها، في إشارة إلى الابتزاز العاطفي والسياسي الذي تمارسه بعض الأنظمة التي تطالب الفلسطينيين بالعرفان والامتنان لمجرد قيامها بدورها المفترض.
والأهم من ذلك، لم يتهم أي إسباني حماس بالتهور أو بالمسؤولية عن دماء الفلسطينيين، ولم يجرّم فعل المقاومة نفسه. ويختتم هذا الجزء من المقارنة بحقيقة مادية دامغة: "ولا سفينة صهيونية سُمِح لها بالرسوّ في موانئ إسبانيا"، في إدانة مباشرة للدول التي تواصل علاقاتها التجارية والاقتصادية مع إسرائيل بينما تدعي دعمها للفلسطينيين.
نقد حاد للمشهد العربي
في المقابل، يرسم المهداوي صورة كاريكاتورية للمشهد المعادي للمقاومة في العالم العربي. يستخدم مصطلحات أصبحت شائعة في قاموس الصراع الإعلامي والسياسي لوصف هذه المجموعات، مثل "الذباب الأخضر والأحمر والأصفر"، في إشارة إلى الجيوش الإلكترونية التي تتبع أجندات دول معينة. كما يضيف إلى القائمة "اللجان" (اللجان الإلكترونية)، و"المعيز"، و"السيساوية"، وهي تسميات ازدرائية تستخدم لوصف المؤيدين غير الواعين أو الموجهين لسياسات السيسي.
يجمع المهداوي كل هذه الفئات تحت مظلة واحدة: "الباحثين عن مجدٍ واحدٍ لزعيمهم فلا يجدونه". وبهذا، يربط بين كل هذه الأصوات وهدفها المشترك، وهو تلميع صورة زعيم أو نظام سياسي معين على حساب المبادئ والقيم، وحتى على حساب الحقيقة. ويرى أن هذا المشهد برمته، بكل تناقضاته وادعاءاته، لا يثير سوى "الضحك والغثيان". فالضحك يأتي من سذاجة الطرح وسطحيته، والغثيان ينبع من الانحطاط الأخلاقي الذي يمثله الهجوم على الضحية وتبرير جرائم الجلاد.
تغريدة المهداوي، رغم قصرها، هي في جوهرها تقرير سياسي مكثف ينتقد بشدة الخذلان العربي الرسمي والشعبي الموجه، ويضع إسبانيا كمرآة تعكس عورات هذا الواقع. إنه يدعو إلى موقف مبدئي لا يخضع للمساومات السياسية أو المصالح الضيقة، موقف ينحاز للعدالة ولحق الشعوب في مقاومة الاحتلال، بعيداً عن نظريات المؤامرة والاتهامات التي لا تخدم سوى أجندة الخصم.
ولا إسباني خرج يحدّثنا عن بطولات حكومته في وقف إطلاق النار،
— نظام المهداوي - Nezam Mahdawi (@NezamMahdawi) October 9, 2025
ولا إسباني اهتمّ من أين تلقّت حماس سلاحها،
ولا إسباني اتّهمها بأنها إيرانية تقاتل من أجل خامنئي،
ولا إسباني خرج يشتم الفلسطينيين لأنهم لم يحمدوا ملكه أو رئيسه،
ولا إسباني قال إن حماس مسؤولة عن دماء الفلسطينيين،
ولا… pic.twitter.com/RLHOSBO70G