أعدّ فريق صندوق النقد الدولي هذا التقرير في يوليو 2025 لشرح تفاصيل البرنامج الاقتصادي الذي يسانده الصندوق في مصر، والإجابة عن أبرز التساؤلات حول السياسات المالية والنقدية، ودور القطاع الخاص، وحماية الفئات الأكثر هشاشة.

يؤكد صندوق النقد الدولي في بيانه أن الاقتصاد المصري يواجه تحديات كبيرة نتيجة الاضطرابات الإقليمية وتأثير الحرب في غزة وتراجع حركة التجارة في البحر الأحمر. ورغم هذه الضغوط، يشير الصندوق إلى أن مصر أحرزت تقدماً في تحقيق الاستقرار الكلي، حيث يتراجع التضخم تدريجياً، وتُظهر مؤشرات النمو تحسناً ملحوظاً بفضل سياسة مالية أكثر انضباطاً وإشراف أفضل على الاستثمارات العامة. ويرى الصندوق أن المرحلة المقبلة تتطلب تعميق الإصلاحات الهيكلية وتسريع تنفيذ سياسة ملكية الدولة وبرنامج الطروحات الحكومية لضمان بيئة أكثر تنافسية.

يرتكز البرنامج على أربعة أهداف رئيسية: التحول الدائم إلى نظام سعر صرف مرن يتيح للجنيه المصري التفاعل بحرية مع التغيرات الخارجية، وتشديد السياسة النقدية والمالية لضبط التضخم والحفاظ على استدامة الدين العام، وتوسيع نطاق الدعم الموجّه للفئات الضعيفة لحماية القوة الشرائية، وأخيراً تحقيق توازن أكبر بين أدوار القطاعين العام والخاص من خلال تقليص تدخل الدولة في القطاعات غير الاستراتيجية وتشجيع الاستثمار الخاص وخلق فرص عمل جديدة.

يوضح الصندوق أن الاعتماد السابق على سعر صرف مُدار بإحكام خلق اختلالات مزمنة ونقصاً في العملة الأجنبية وعمليات تعويم مفاجئة أضعفت ثقة المستثمرين. ويؤكد أن تحرير سعر الصرف تدريجياً سيساعد الاقتصاد على امتصاص الصدمات الخارجية، ويشجع التصدير والاستثمار، ويحافظ على احتياطيات البنك المركزي. وقد خطت السلطات خطوة مهمة بتوحيد سعر الصرف في السوقين الرسمي والموازي.

فيما يتعلق بالبعد الاجتماعي، يلفت التقرير إلى أن الإصلاح الاقتصادي لا يمكن أن ينجح دون شبكة حماية اجتماعية قوية. فقد وسّعت الحكومة برنامج تكافل وكرامة ليغطي أكثر من خمسة ملايين أسرة، ورفعت الحد الأدنى للأجور ودعمت المعلمين والعاملين في الصحة. كما أعادت صياغة السياسة المالية لخلق مساحة كافية للإنفاق الاجتماعي، مع تقليص الدعم غير الموجه، خصوصاً في قطاع الطاقة.

ويشير الصندوق إلى أن تطوير القطاع الخاص يتطلب تطبيقاً حازماً لوثيقة ملكية الدولة الصادرة عام 2022، التي تهدف إلى تقليص وجود الكيانات الحكومية والعسكرية في الاقتصاد وتحقيق تكافؤ الفرص بين المستثمرين. ويُعدّ رفع كفاءة هيئة المنافسة وتبسيط إجراءات الاستثمار والتجارة وتعزيز الشفافية من أولويات المرحلة المقبلة.

أما في مجال الإصلاح الضريبي، فتتضمن الخطة توسيع قاعدة ضريبة القيمة المضافة لتشمل قطاعات البناء والخدمات والمشروبات الكحولية والتبغ والنفط الخام، مع تقليص الإعفاءات غير الضرورية، وتحديث منظومة الضرائب والجمارك عبر الرقمنة لتقليل التهرب وزيادة الإيرادات المحلية.

يتناول التقرير كذلك تأثير الصراع في غزة واضطرابات البحر الأحمر على الاقتصاد المصري، مشيراً إلى انخفاض إيرادات قناة السويس بنحو ستة مليارات دولار في 2024 مقارنة بعام 2023، واستمرار التراجع في 2025، بينما حافظ قطاع السياحة على أداء مقبول رغم الظروف الصعبة.

ويرى الصندوق أن خفض الدين العام يمثل هدفاً محورياً للبرنامج، من خلال تعزيز الانضباط المالي وتوسيع الإيرادات المحلية واستخدام عوائد برنامج الطروحات في تقليص المديونية.

وفي ما يتعلق بالشفافية، شدّد التقرير على أن الحكومة المصرية تعهدت بعدة خطوات منها نشر تقارير المراجعة السنوية للإنفاق العام، والإفصاح عن العقود الحكومية التي تتجاوز قيمتها 20 مليون جنيه على بوابة المشتريات، إلى جانب نشر بيانات مفصلة عن الإعفاءات الضريبية ومتابعة مديونيات الجهات الحكومية.

وحول إصلاح دعم الطاقة، يرى الصندوق أن الدعم الشامل لا يخدم الفقراء كما ينبغي، بل يرهق الموازنة ويشجع الهدر والتلوث. ويحثّ السلطات على رفع الأسعار تدريجياً لتغطية تكلفة الإنتاج وتوجيه الوفورات نحو برامج الحماية الاجتماعية الأكثر استهدافاً، مع تشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة لتلبية الطلب المحلي وتفادي نقص الكهرباء.

أما عن المراجعة الخامسة لبرنامج التسهيل الائتماني الممدد (EFF)، فقد أشار الصندوق إلى أن بعثته أنهت زيارتها لمصر في مايو 2025 ولاحظت تقدماً ملموساً، لكنه شدد على الحاجة إلى مزيد من الخطوات لتقليص دور الدولة وتسريع تنفيذ وثيقة الملكية. ولهذا، ستُدمج المراجعتان الخامسة والسادسة في مراجعة واحدة تُستكمل في الخريف المقبل.

وفي ختام التقرير، يؤكد الصندوق أن مرفق المرونة والاستدامة (RSF) يمنح مصر تمويلاً طويل الأجل لدعم تحولها المناخي، عبر تمويل مشروعات الطاقة النظيفة والنقل المستدام وإدارة المخاطر البيئية ودمج الاعتبارات المناخية في السياسات العامة. ويرى الصندوق أن مواجهة آثار التغير المناخي ضرورة لحماية الاقتصاد المصري وضمان استدامة النمو في العقود المقبلة.

https://www.imf.org/en/Countries/EGY/Egypt-qandas