إمبراطورية "السايس" تفرض سطوتها على شوارع مصر بالبلطجة والتنسيق الأمني
الجمعة 11 أبريل 2025 09:00 م
في قلب القاهرة وضواحيها، حيث يجب أن يسود النظام وتُحترم القوانين، نشأت "إمبراطورية" غير رسمية، تسيطر على الشوارع وتتقاسمها عائلات وأفراد في صمت. أبطال هذه الإمبراطورية هم من يُعرفون بمنادي السيارات أو "السيّاس"، الذين تجاوز دورهم تنظيم المرور إلى فرض الإتاوات، وتحوّل بعضهم إلى ما يشبه "فتوات العصر الحديث".
مهنة تورّثها الأجيال.. والعائلات تحكم الشوارع
في شوارع مثل السيدة زينب وعابدين والبساتين ومدينة نصر، لا يحتاج المواطن إلى دليل لمعرفة من يتحكم في حركة السيارات ومواقع الركن. عائلات معروفة تتوارث السيطرة على الشوارع جيلاً بعد جيل، منهم عائلة الحاج إسماعيل، والشيخ مشهور، والحاجة زينب وأبناؤها، الذين يسيطرون على مناطق كاملة دون رقابة تُذكر.
"دي شغلتنا من زمان، ورثناها عن أهلنا"، تقول "أم محمد"، إحدى السيدات اللاتي يعملن بمنطقة الحي العاشر، مؤكدة أنها تمتلك ترخيصًا رسميًا من الحي. ولكن، رغم الترخيص، لا تنكر أن هناك دخلاء على المهنة يسيئون لها، ويتسببون في مشكلات مع الأهالي.
خدمة أم بلطجة؟
محمد عادلي، سايس بالبساتين، يرفض وصم جميع العاملين بالمجال بـ"البلطجية"، قائلاً إن في كل مهنة الصالح والطالح، مضيفًا: "إحنا بنساعد المرور ونحافظ على العربيات، وبناخد مبلغ بسيط مقابل ده".
لكن شهادات المواطنين تحمل وجهًا آخر للواقع، أشد قسوة مما يصوره "السيّاس" عن أنفسهم.
المواطنون: "ندفع غصب.. أو نتحمّل التهديد"
تقول الدكتورة ريم يحيى، مديرة بإحدى شركات الأدوية: "يوميًا أتعرض لمواقف مستفزة.. أضطر أدفع مقدمًا، وأسمع تهديدات من نوعية (خافي على عربيتك يا دكتورة)، ومافيش إيصال ولا شيء، والتهديد يبقى حاضر لو رفضنا".
أما عزة محمد، موظفة، فتشير إلى أن الانتظار في شوارع القاهرة الكبرى قد يتكلف 30 جنيهًا لنصف ساعة، رغم أن تعريفة المواقف الرسمية لا تتعدى 10 جنيهات، قائلة: "مش بنشوف إيصالات، ولو طلبنا بيقولوا الدفتر خلص أو الإيصال بـ5 جنيه".
"السايس" بين القانون وغياب التنفيذ
بحسب سامح علي الدين، المحامي، فإن القانون المنظِّم لمهنة منادي السيارات واضح، ويلزم من يعمل بها بالحصول على ترخيص، وامتلاك صحيفة جنائية نظيفة، ورخصة قيادة، وكارنيه رسمي، مع الالتزام بتعريفة محددة ومكان معين. المشكلة – بحسب علي الدين – ليست في القانون، ولكن في تنفيذه، حيث يعمل 90% من "السيّاس" دون تراخيص.
في مقطع فيديو متداول، ظهر أحدهم يبتز سيدة مقابل ركن السيارة، وتم ضبطه لاحقًا والحكم عليه بالسجن لمدة عامين.
الدقي والمهندسين.. شوارع تتحول إلى "إقطاعيات"
في محافظة الجيزة، وتحديدًا حي الدقي، لم تعد الشوارع ملكًا عامًا، بل تحوّلت إلى "أراضٍ محتلة" من قِبل أشخاص نصبوا أنفسهم أصحاب الحق في تنظيم أماكن الركن، ووضعوا براميل وحديد لحجز أماكن السيارات. "ادفع قبل ما تركن.. المكان دا محجوز"، باتت عبارات معتادة في يوميات سكان الحي.
يقول أحد المواطنين: "أصبحنا غرباء في شوارعنا، لا نملك إلا أن ندفع.. أو نواجه التهديد".
اللافت أن كثيرًا من هؤلاء يرتدون صدريات أو يحملون دفاتر قديمة ليوهموا المواطنين بأنهم مرخّصون، بينما هم في الحقيقة يعملون خارج القانون تمامًا، وسط غياب تام للرقابة من الأحياء والمحافظات.
شاهد:
https://www.youtube.com/watch?v=axAZ8r49aYg
https://www.facebook.com/watch/?v=965010622342447
https://www.facebook.com/watch/?ref=embed_video&v=1639980883360572