في خطوة تاريخية وغير مسبوقة، أصدرت السلطات القضائية الفرنسية مذكرة توقيف دولية بحق الرئيس السوري الهارب بشار الأسد، بتهمة "التواطؤ في جرائم حرب"، وذلك على خلفية قصف مدينة درعا عام 2017، الذي أدى إلى مقتل المواطن السوري الفرنسي صلاح أبو نبوت.
مذكرة التوقيف.. تطور قانوني لافت
بحسب ما نقلته وكالة فرانس برس عن مصدر مطلع، فقد أصدرت قاضيتا تحقيق فرنسيتان مذكرة التوقيف بعد تحقيقات استمرت لسنوات، توصلت إلى أدلة دامغة حول مسؤولية الأسد المباشرة عن القصف الذي استهدف منزل الضحية.
ويُعد هذا القرار الثاني من نوعه الذي يصدر عن القضاء الفرنسي ضد الأسد، بعد مذكرة سابقة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت في سوريا خلال فترة حكمه، وتأتي هذه الإجراءات القضائية بعد أكثر من عام على سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، وفراره إلى روسيا التي منحته اللجوء بناء على "اعتبارات إنسانية".
انهيار نظام الأسد وفراره إلى موسكو
يأتي هذا التطور بعد الأحداث التي شهدتها سوريا أواخر عام 2024، حيث تمكنت هيئة تحرير الشام من السيطرة على عدة مدن سورية، وصولًا إلى العاصمة دمشق في 8 ديسمبر 2024، مما دفع الأسد وعائلته إلى مغادرة البلاد بشكل مفاجئ إلى موسكو، حيث استقبلته السلطات الروسية ومنحته اللجوء السياسي.
ووفقًا لمصادر رسمية، فإن الرئيس السوري السابق لجأ إلى روسيا برفقة أفراد عائلته والمقربين منه، وسط تقارير تفيد بأن موسكو رفضت تسليمه لأي جهة قضائية دولية، رغم تصاعد المطالبات بمحاسبته على جرائم الحرب التي ارتُكبت خلال فترة حكمه.
هل سيفقد الأسد الحماية الروسية؟
رغم أن القانون الدولي يمنح رؤساء الدول الحصانة من الملاحقة القضائية خلال فترة حكمهم، إلا أن الإطاحة بالأسد أسقطت عنه هذه الحصانة، مما سمح للنيابة العامة الفرنسية المتخصصة في مكافحة الإرهاب والجرائم ضد الإنسانية (PNAT) بالمضي قدمًا في التحقيقات دون عوائق قانونية.
ووفقًا للممارسات القانونية الدولية، فإن فقدان الأسد لمنصبه يعني أنه أصبح عرضة للملاحقة القضائية أمام المحاكم الأجنبية، خصوصًا في الدول التي تطبق مبدأ "الولاية القضائية العالمية"، والذي يتيح محاكمة مرتكبي الجرائم الجسيمة بغض النظر عن جنسياتهم أو مكان وقوع الجرائم.
صلاح أبو نبوت.. الضحية التي فتحت ملف الأسد قضائيًا
وفقًا لتحقيقات السلطات الفرنسية، فإن الضحية صلاح أبو نبوت، البالغ من العمر 59 عامًا، كان أستاذًا سابقًا للغة الفرنسية ويحمل الجنسيتين السورية والفرنسية، وقد قُتل يوم 7 يونيو 2017 عندما تعرض منزله في درعا لقصف جوي نفذته مروحيات تابعة للجيش السوري.
واعتبرت التحقيقات الفرنسية أن الأسد، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة السورية آنذاك، يتحمل المسؤولية القانونية عن هذا الهجوم، مما دفع القضاء الفرنسي إلى إصدار مذكرة توقيف دولية بحقه.