أثارت التعليمات الأخيرة التي أصدرتها الجمارك بشأن استيراد سيارات ذوي الهمم، والتي تم الإعلان عنها في 9 يناير، موجة من الغضب بين المستفيدين، حيث وصفتها رابطة ذوي الهمم بأنها غير واقعية وتضع مزيدًا من العراقيل أمام الأشخاص ذوي الإعاقة في الحصول على سياراتهم المجهزة طبيًا.
وفي هذا السياق، انتقدت الدكتورة وفاء محمد، مؤسس رابطة ذوي الهمم، القرار الذي يلزم المستفيدين بإثبات سداد ثمن السيارة أو جزء منه عبر حساب بنكي شخصي، مشيرةً إلى أن هذا الشرط يتجاهل الظروف الفعلية التي يعيشها الكثير من ذوي الإعاقة، حيث يعتمد البعض على بيع ممتلكاتهم مثل الشقق أو السيارات القديمة، أو يحصلون على مساعدات من جهات خيرية، مما يجعل إثبات مصدر الأموال عبر البنوك فقط أمرًا غير عملي.
وقالت وفاء في تصريحاتها لبرنامج «كلمة أخيرة» المذاع على قناة «أون»: "إذا كان الهدف هو إثبات القدرة المالية، فيمكن تحقيق ذلك بطرق بديلة مثل تقديم مفردات مرتب، أو أوراق تثبت بيع ممتلكات، أو حتى كشف حساب بنكي سابق مضى عليه عام، بدلًا من حصر الأمر في الحسابات البنكية فقط."
أزمات الاستيراد وارتفاع التكاليف
إلى جانب الإجراءات الجديدة، سلطت رابطة ذوي الهمم الضوء على الأعباء المالية التي يتحملها ذوو الإعاقة بسبب التأخيرات الجمركية، حيث كشفت وفاء محمد عن معاناة شخصية لها قائلة: "لدي سيارة محتجزة في جمرك الإسكندرية منذ مايو، وبلغت تكاليف الأرضيات على بعض السيارات حوالي 300 ألف جنيه، حيث يتم احتساب اليوم الواحد بـ24 دولارًا، وعند مراجعة الجهات المختصة، تم إبلاغنا بأن هذه الرسوم تخص الشركات الملاحية، وليس للجمارك علاقة بها".
وأضافت أن هذه الرسوم المتراكمة تشكل عبئًا إضافيًا على المستفيدين، خاصة في ظل ارتفاع أسعار السيارات، ما يجعل امتلاك سيارة مجهزة طبيًا حلمًا بعيد المنال بالنسبة للكثيرين.
وأوضحت وفاء أن هناك طريقتين للحصول على سيارات المعاقين؛ الأولى عبر الاستيراد المباشر من الخارج بالتعاون مع تاجر معتمد بعد الحصول على خطاب الكومسيون الطبي، حيث يتم تحويل الأموال إلى فرع التاجر خارج البلاد لإتمام عملية الشراء، والثانية عبر الشراء من مخازن الاستثمار في بورسعيد، إلا أن كلا الطريقتين أصبحتا تواجهان عقبات مالية وإدارية معقدة بسبب القرارات الأخيرة.
كما أشارت إلى أن اشتراط ألا تتجاوز سعة المحرك 1200 سي سي لا يتناسب مع احتياجات ذوي الإعاقة الحركية، الذين يحتاجون سيارات ذات سعة محرك أكبر لتحمل المعدات المساعدة مثل الكراسي المتحركة، وأكدت أن هذا القيد يؤدي إلى تقليل الخيارات المتاحة، ويجبر المستفيدين على سيارات صغيرة قد لا تناسب احتياجاتهم اليومية.
ومن أبرز المشكلات التي تواجه ذوي الهمم أيضًا، ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، حيث أوضحت وفاء أن اشتراط ألا يتجاوز عمر السيارة المستوردة ثلاث سنوات من سنة الصنع أدى إلى ارتفاع تكلفتها إلى ما بين 800-900 ألف جنيه، وهو مبلغ كبير بالنسبة لذوي الإعاقة، وأشارت إلى أن هذا القرار يضيق الخناق على المستفيدين، ويجعل من الصعب عليهم إيجاد سيارات مناسبة بأسعار معقولة.
كما اعتبرت أن إلزام المستفيدين بإثبات وجود ثمن السيارة في الحساب البنكي قبل عام من الشراء يمثل تحديًا إضافيًا، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يواجهها ذوو الهمم، مما يزيد من التعقيدات بدلاً من تيسير الأمور عليهم.
ودعت وفاء محمد الجهات المعنية إلى إعادة النظر في هذه القرارات، والعمل على توفير تسهيلات أكثر مرونة تضمن لذوي الإعاقة الحق في امتلاك سيارات مجهزة دون معوقات إدارية غير ضرورية.
وقالت: "نأمل في تعديل هذه الإجراءات لتخفيف الأعباء على ذوي الهمم، بما يضمن لهم حياة كريمة تتماشى مع احتياجاتهم وإمكاناتهم".