قررت حكومة تصريف الأعمال في لبنان، اليوم الثلاثاء، ترحيل الناشط والشاعر، عبد الرحمن يوسف القرضاوي إلى الإمارات، بحسب ما أعلنه وزير الإعلام في الحكومة زياد المكاري، بعد جلسة للحكومة. بدوره قال محامي الدفاع عن القرضاوي اللبناني محمد صبلوح، إنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، أقرّ تسليم موكله إلى دولة الإمارات.

وأضاف المحامي، في منشور له على صفحته في "فيسبوك"، أنه سيجري، غدًا الأربعاء، تقديم طعن أمام مجلس شورى الدولة لوقف تنفيذ القرار بحق موكله الذي يحمل الجنسية التركية. وأبدى قانونيون، تخوّفهم من أن يجري تسليم القرضاوي إلى أبوظبي، قبل البت في الطعن.

وأشارت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية سارة حشاش، إلى أنّه "يجب على السلطات اللبنانية أن ترفض على وجه السرعة طلبَيْ تسليم عبد الرحمن القرضاوي، الصادرَيْن عن السلطات المصرية والإماراتية والسماح له بالسفر إلى تركيا أو أي وجهة أخرى يختارها". وقالت، في تقرير للمنظمة، اليوم الثلاثاء: "يأتي الاحتجاز التعسفي لعبد الرحمن القرضاوي إثر إدلائه بتصريحات انتقد فيها السلطات الإماراتية والسعودية والمصرية، ويُعتقد أنّ طلبَيْ تسليمه يستندان إلى ممارسة مشروعة لحقه في حرية التعبير".

https://x.com/AmnestyAR/status/1876653216370180294?ref_src=twsrc%5Etfw

وأضافت "انتقاد السلطات ليس جريمة. في حال أُعيد عبد الرحمن القرضاوي إلى مصر، سيواجه خطرًا حقيقيًا بالتعرّض للاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة والمحاكمة الجائرة التي قد تؤدي إلى السجن الجائر لفترات طويلة، وسيكون أيضًا عرضة لخطر الاحتجاز التعسفي وغيره من انتهاكات حقوق الإنسان في حال أُعيد إلى الإمارات".

وأوضحت المسئولة في المنظمة أنّ "تسليم القرضاوي قسرًا إلى بلد يُرجَّح أن يواجه فيه الاضطهاد سيشكّل انتهاكًا صارخًا لمبدأ عدم الإعادة القسرية بموجب القانون الدولي"، وتابعت: "تُعدّ هذه القضية اختبارًا حاسمًا لالتزام السلطات اللبنانية بصون الحق في حرية التعبير. لذا يجب عليها أن تضع احترامها لحقوق الإنسان والتزاماتها بموجب القانون الدولي قبل الروابط السياسية والمصالح الاقتصادية".

وعبد الرحمن يوسف القرضاوي المعروف بكونه شاعرًا وناشطًا سياسيًا شخصية بارزة في معارضة الأنظمة القمعية، سواء في مصر أو في دول أخرى مثل الإمارات، وقد أوقفته السلطات اللبنانية بتاريخ 28 ديسمبر 2024 عند معبر المصنع الحدودي مع سورية، بناءً على مذكّرة صادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب. والمذكّرة المشار إليها مسيّسة في طبيعتها، بحسب منظمات حقوقية، وهي تُستخدم وسيلة ضغط على الأصوات المعارضة، الأمر الذي يجعل اعتقال القرضاوي جزءًا من حملة إقليمية تستهدف النشطاء والمفكّرين.

 

التحقيقات مع عبد الرحمن القرضاوي

وفي أول رد له على هذه الاتهامات، أكد عبد الرحمن القرضاوي أمام قاضية التحقيق أن الفيديو كان تعبيرًا عن رأيه الشخصي في إطار حرية الرأي والتعبير المكفولة دوليًا.

وقال: "أنا شاعر وكاتب، وما عبرت عنه هو رأيي الأدبي والإنساني"، وفقًا لـ"عربي 21".

وعند سؤال القاضية عن وصفه لبعض الأنظمة بـ"المتصهينين العرب"، أوضح القرضاوي قائلا: "من يرى 150 ألف جريح وشهيد في غزة ويختار التطبيع مع "إسرائيل"، يُسمى متصهينًا لغة واصطلاحًا، ولم أقصد الإساءة لشخص بعينه".

وأشار القرضاوي إلى أنه قام بحذف الفيديو أثناء وجوده في سوريا بسبب الهجوم الشديد من اللجان الإلكترونية التابعة للنظام الإماراتي، مضيفًا: "عندما تعرضت للهجوم الإلكتروني حذفت الفيديو، ثم دخلت الأراضي اللبنانية".

وأكد القرضاوي أن الفيديو نُشر على صفحاته الشخصية بصفته كاتبًا وأديبًا، وله العديد من المقالات المنشورة في صحف ومواقع إخبارية مرموقة.

كما أشار إلى أن والده، العالم الراحل الدكتور يوسف القرضاوي، كان دائم الظهور في التلفزيون الإماراتي بدعوات خاصة.

 

بيان أسرة القرضاوي

وكانت أسرة عبد الرحمن القرضاوي قد أصدرت بيانًا نشر اليوم الأحد، أن عبد الرحمن -الذي يحمل الجنسية التركية- تعرض للاحتجاز في لبنان "بناء على اتهامات كيدية وحكم قضائي ظالم صدر بحقه في مصر عام 2017".

وحمّلت الأسرة رئيس الوزراء اللبناني المسئولية عن سلامة عبد الرحمن، وضمان وصوله سالما إلى أسرته في تركيا، مشددة على أن تسليمه إلى أي دولة تلاحقه "يعرض حياته للخطر، خاصة في ظل السجل المعروف بالانتهاكات الحقوقية في تلك الدول"، وفق تعبير البيان.

وقالت أسرة القرضاوي، في بيانها، إنه دخل الأراضي اللبنانية بصورة قانونية كمواطن تركي، وإن احتجازه استنادًا إلى "حكم قضائي غيابي صدر في مصر عقوبة له على مقال صحفي نشره عام 2012″، هو "إجراء يتناقض مع قيم حرية الرأي والتعبير التي تميز جمهورية لبنان".

وجاء في خطاب أسرة القرضاوي إلى رئيس الوزراء اللبناني: "إننا كأسرة نثق في حكمة القيادة اللبنانية وفي شعب لبنان الكريم المعروف بشهامته وأصالته، ولا نتوقع أن تكون الحكومة اللبنانية سببًا في ظلم أو تعريض عبد الرحمن يوسف للخطر".

وأضافت: "لقد كان لبنان دائمًا رمزًا للدفاع عن الحريات، ونحن نناشد رئيس الوزراء اللبناني باسم العدالة والإنسانية التدخل الفوري لإطلاق سراحه وضمان عودته سالمًا إلى أسرته وبناته الثلاث اللواتي ينتظرنه في إسطنبول".