منذ اندلاع انتفاضة الربيع العربي في عام 2011، واجهت مصر تحديات اقتصادية وسياسية كبيرة. المساعدات الخارجية لمصر، الموجهة في المقام الأول للدعم الاقتصادي والتمويل العسكري، تشكل عنصرًا مهمًا في العلاقات الدولية وإستراتيجية استمرار نظام الانقلاب في البلاد، حيث تعد الدولة واحدة من أكبر المتلقين للمساعدات الخارجية على مستوى العالم.

يتدهور الوضع الاقتصادي في مصر في ظل المناخ الجيوسياسي الحالي، والذي يتسم بالحرب الإسرائيلية المستمرة في غزة، وتوسعها في دول أخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بالإضافة إلى عدم الاستقرار السياسي في ليبيا، والحرب الأهلية في السودان، ومشاريع البنية التحتية العديدة التي ينفذها السيسي. وبينما تكافح البلاد التضخم والديون وعدم الاستقرار في الدول المجاورة، تظل المساعدات الخارجية حاسمة لاستقرارها الاقتصادي والإستراتيجي.

 

 المساعدات الخارجية من الولايات المتحدة

منذ عام 1946، قدمت الولايات المتحدة حوالي 85 مليار دولار كمساعدات خارجية لمصر، استهدفت في المقام الأول المبادرات العسكرية والإستراتيجية، حيث تعد مصر ثاني أكبر متلق للتمويل العسكري على مستوى العالم.

وتهدف هذه المساعدات إلى تحديث الجيش المصري وتعزيز الأمن الإقليمي وضمان الوصول إلى قناة السويس. كانت المساعدات الخارجية الأمريكية مشروطة باستيفاء معايير حقوق الإنسان في محاولات لتعزيز الاستقرار الإقليمي والسلامة. ومع ذلك، في سبتمبر 2024، منحت إدارة بايدن مصر حزمة المساعدات الكاملة البالغة 1.3 مليار دولار، متنازلة عن الشروط الديمقراطية وحقوق الإنسان.

أثار هذا القرار انتقادات من الناشطين الذين زعموا أنه يقوض الجهود المبذولة لمحاسبة مصر على انتهاكات حقوق الإنسان، لكن الحكومة الأمريكية أكدت على أن للدور الرئيس لمصر في التوسط في الصراع المستمر بين "إسرائيل" وغزة.

تقدم برامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية حلًا من خلال توجيه الأموال إلى الصحة والتعليم والبنية الأساسية، مع تخصيص أكثر من 30 مليار دولار لمشاريع التنمية منذ عام 2010. قامت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ببناء أكثر من 2000 مدرسة، وتحسين الوصول إلى المياه لملايين الأشخاص والقضاء على شلل الأطفال. يمكن أن يؤدي توسيع هذه المبادرات إلى التخفيف من مخاطر سوء الإدارة. مع تزايد تعقيد دور مصر في الجغرافيا السياسية الإقليمية، تسلط المساعدات الخارجية الأمريكية الضوء على أهمية مصر كمستقر إقليمي وحليف أساسي في مواجهة الصراع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

 

المساعدات الخارجية من الاتحاد الأوروبي

يعد الاتحاد الأوروبي أحد المزودين الرئيسيين للمساعدات الاقتصادية لمصر، مع التركيز على الحوكمة والاستدامة الاقتصادية وإدارة الهجرة. في وقت سابق من هذا العام، أطلق الاتحاد الأوروبي شراكة إستراتيجية جديدة مع مصر، بما في ذلك حزمة مساعدات بقيمة 7.4 مليار يورو لتعزيز الاستقرار. هذه واحدة من أغلى صفقات المساعدات المالية التي شارك فيها الاتحاد الأوروبي على الإطلاق وتؤكد على الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر القائمة على السلام والأمن والالتزام بحقوق الإنسان والديمقراطية وتحسين الحكم.

كما يعطي تمويل الاتحاد الأوروبي الأولوية للطاقة المتجددة والتنمية الزراعية والبرامج الاجتماعية والاقتصادية. على سبيل المثال، قام مشروع الطاقة المتجددة بين الاتحاد الأوروبي ومصر بتركيب مزارع للطاقة الشمسية وطاقة الرياح في المناطق الصحراوية، مما أدى إلى توليد الطاقة النظيفة وتوفير الكهرباء لملايين الأسر.

 

صندوق النقد الدولي والبنك الدولي

يدعم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مصر من خلال القروض والمساعدة الفنية المرتبطة بالإصلاحات الاقتصادية وبرامج التكيف الهيكلي. وتهدف مشاركتهما إلى استقرار الاقتصاد المصري مع معالجة تحديات التنمية طويلة الأجل. وشهدت استثمارات صندوق النقد الدولي قرضًا بقيمة 3 مليارات دولار في عام 2022 لتعزيز النمو بعد الصدمات الخارجية، بما في ذلك جائحة كوفيد-19 وارتفاع أسعار المواد الغذائية بسبب الحرب في أوكرانيا. أعطى البرنامج الأولوية لخفض الدين العام وتعزيز الحماية الاجتماعية وتعزيز نمو القطاع الخاص.

يكمل البنك الدولي نهج صندوق النقد الدولي من خلال تمويل المشاريع التي تهدف إلى التخفيف من حدة الفقر وتطوير البنية التحتية والحماية الاجتماعية. وقد أدت مبادرات البنك الدولي إلى تحسين الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي، وتطوير مصادر الطاقة المتجددة والتركيز على الفئات الضعيفة. ومن خلال تحقيق التوازن بين تدابير الإصلاح والحماية الاجتماعية الموسعة، يستطيع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مساعدة مصر على تحقيق النمو الاقتصادي المستدام دون التأثير بشكل غير متناسب على سكانها المعرضين للخطر.

 

متلقي حاسم

تظل مصر متلقيًا حاسمًا للمساعدات الأجنبية، حيث توازن بين دورها كقوة استقرار في المنطقة والتحديات المحلية المستمرة. وفي حين تؤكد إسهاماتها الدبلوماسية والإنسانية، وخاصة في غزة، على أهميتها، فإن المخاوف بشأن حقوق الإنسان وعدم الاستقرار الاقتصادي تسلط الضوء على تعقيدات المساعدات الدولية. وفي حين تضمن المساعدات العسكرية الأمريكية الاستقرار الإقليمي، فإن الدعم الأوروبي والخليجي والمؤسسي يعزز التنمية طويلة الأجل. ومن الممكن أن تعمل الحلول التعاونية، مثل ربط إصلاح الحكم بالمساعدات وتوسيع شبكات الأمان الاجتماعي، على تحويل المساعدات الأجنبية إلى حافز للتنمية المستدامة في مصر.

https://borgenproject.org/foreign-aid-to-egypt/