أصدر المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة تقريراً قانونياً يتناول استخدام "المنع من التصرف في الأموال" كوسيلة للضغط على المعارضين والنشطاء السياسيين في مصر.
يرأس المركز المحامي الحقوقي ناصر أمين، وقد جاء التقرير بعنوان: "المنع من التصرف في الأموال في مشروع قانون الإجراءات الجنائية المصري".

يستعرض التقرير المخاوف بشأن التعديلات المقترحة في قانون الإجراءات الجنائية المصري، والتي تهدف إلى إضفاء الشرعية على قرارات تجميد الأموال، إلا أنها، بحسب المركز، تُستخدم كعقوبة عقابية تنكيلية تتنافى مع الأسس القانونية والدستورية المصرية والاتفاقيات الدولية.
 

قرار عقابي أم إجراء احتياطي؟
أشار المركز في تقريره إلى أن الإجراءات الاحتياطية، ومنها المنع من التصرف في الأموال، لها غايات أساسية تتمثل في حماية الأدلة ومنع التأثير على الشهود، إلى جانب حماية المتهم أحياناً.
غير أن التقرير يرى أن هذا القرار تحول عن غايته الاحترازية ليصبح وسيلة عقابية، تهدف إلى التضييق على النشطاء السياسيين والمعارضين دون مسوغ قانوني عادل.
كما ذكر التقرير أن تطبيق هذا النوع من الإجراءات بشكل غير مبرر ينتهك قاعدة قانونية راسخة، وهي "قرينة البراءة"، التي تنص على افتراض براءة المتهم حتى تثبت إدانته، كما يُعد انتهاكاً للحقوق الأساسية للمواطنين.
 

منازعة بين الحقوق الفردية والمصلحة العامة
فيما يتعلق بالضوابط المطلوبة، دعا التقرير إلى ضرورة تحقيق توازن دقيق بين الحقوق الشخصية للمواطنين ومتطلبات حماية المجتمع، مؤكدًا على ضرورة فرض ضوابط صارمة على أي قرار يقضي بمنع المتهم من التصرف في أمواله.
ويرى المركز أن تجميد الأموال يجب أن يكون مؤقتاً، ويخضع لمراجعة قضائية دورية تضمن عدم انتهاك حقوق الأفراد دون مبرر.
 

المقترحات القانونية
وضع التقرير تصوراً لآليات قانونية تضمن حماية حقوق المتهمين، حيث أوصى بأن يقتصر تجميد الأموال، بصفته إجراءً مؤقتاً، على فترات محددة شبيهة بفترات الحبس الاحتياطي.
فعلى سبيل المثال، في قضايا الجنح يجب ألا يتجاوز القرار أربعة أشهر، وفي قضايا الجنايات لا يزيد على سنة، مع وضع حد أقصى لجميع فترات التجميد.
 

موقف المركز العربي
اختتم المركز تقريره بالتأكيد على أن ترك قرارات تجميد الأموال مفتوحة بلا سقف زمني يجعلها تميل لتصبح عقوبات دائمة، وهو ما يعارض مبدأ "الإجراءات التحفظية".
كما انتقد صياغة التعديلات المقترحة، لافتًا إلى أن النصوص المقترحة تتسم بطول وتعقيد لا مبرر لهما في التشريعات الجنائية، وأن صياغة هذا النوع من القوانين يجب أن تُراعى فيها الدقة لضمان عدم استخدامه لأغراض عقابية ضد أفراد لم تُثبت إدانتهم قضائياً.
 

انتقادات حقوقية للتعديلات الجديدة
وتأتي هذه الانتقادات ضمن سلسلة طويلة من المواقف الحقوقية المحلية والدولية التي ترفض استخدام "التجميد المالي" كأداة للتضييق على المعارضة.
ويرى محللون أن تطبيق هذه التعديلات سيزيد من الضغوط على النشطاء في مصر، في وقت تتزايد فيه الدعوات المحلية والدولية للحفاظ على الحريات والحقوق المدنية.