"الحرية لفلسطين"، هذا الهتاف الذي درج على لسان الملايين عبر العالم خلال الأيام الماضية، لكنه وضع شرطية بريطانية في دائرة الضوء، وجعلها موضع تحقيق مهني، بعد انتشار مقطع فيديو يظهرها وهي تتفاعل مع المتظاهرين الذين خرجوا في مسيرة مساندة لفلسطين في لندن نهاية الأسبوع الماضي، والذين قدر عددهم بأكثر من 150 ألف مشارك.


ويظهر في المقطع -الذي انتشر على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي- شرطية شابة تتلقى وردة بيضاء من سيدة مشاركة في المسيرة، وبعد تبادل كلمات قليلة مع هذه السيدة، رفعت الشرطية شعار "الحرية لفلسطين"، مما جعل المشاركين يتفاعلون معها كتحية على موقفها.

وما هي إلا ساعات من انتشار المقطع، حتى أعلنت الشرطة البريطانية فتح تحقيق باعتبار أن "ما قامت به الشرطية تعبير عن موقف سياسي، في حين أن رجال الشرطة يفترض فيهم الحياد وعدم التعبير عن مواقف سياسية خلال أداء مهامهم".


وما زالت الشرطية -التي تنحدر من أصول عربية- تنتظر التحقيق معها، إلا أن قرار الشرطة أثار الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بين من اعتبر أن في التحقيق مبالغة في التقدير، على اعتبار أن هناك الكثير من المقاطع التي يتفاعل فيها عناصر الشرطة مع المتظاهرين دون أن يطولهم أي تحقيق. في المقابل، هاجمت صحف تُوصف عادة بأنها "يمينية شعبوية"، وأخرى معروفة بتأييدها لإسرائيل، الشرطية.


جدل المعايير

وأثار إعلان التحقيق مع الشرطية جدلا بشأن المعايير المهنية للشرطة البريطانية التي تحظر على عناصرها المشاركة في أي "نشاط قد يتعارض مع حيادهم المهني، أو قد يتم تأويله بطريقة تجعل حيادية الشرطة موضع شك".


وحسب ناطق باسم الشرطة البريطانية، فإن مديرية المعايير المهنية في مصلحة الشرطة تحقق في هذه الحادثة، مضيفا أنه في الوقت الذي يتم فيه تشجيع رجال ونساء الشرطة على التفاعل بشكل إيجابي مع المحتجين وتجنب التوتر أو الاصطدام معهم، فإن "جميع العاملين في قطاع الأمن يعرفون جيدا أنه لا يحق لهم التعبير عن مواقف سياسية أو إعلان الانحياز لقضية سياسية".


ويظهر أن هذه ليست الحالة الوحيدة التي تحقق فيها الشرطة البريطانية حاليا حول المسيرة نفسها، فقد انتشر مقطع فيديو آخر على منصة "تيك توك" يظهر شرطي مرور يُصوّر المسيرة المؤيدة لفلسطين، قبل أن يطلب من أحد الأشخاص أن يلتقط له صورة معها.


وإزاء هذه الحادثة، أعلنت الشرطة البريطانية أنها فتحت تحقيقا في الأمر، معتبرة أن حياد الشرطة "هو أمر ضروري وحيوي من أجل كسب ثقة الناس"، مضيفة أن رجال الأمن يشاركون في المئات من المظاهرات والأحداث سنويا "لكن عليهم دائما الحفاظ على حيادهم".


ويدور كثيرا نقاش بشأن قضية حياد عناصر الشرطة، خصوصا أنهم لا يحملون أسلحة نارية، بل وينهجون سياسة التقرب من الناس، حيث تم تسجيل تفاعل عدد منهم مع مظاهرات مناهضة للعنصرية، كما ظهر في مظاهرات "حياة السود مهمة"، حيث انحنى بعض عناصر الشرطة تعبيرا عن التضامن مع هذه المظاهرات من دون أن يطولهم التحقيق.