أصدر ثمانية من خبراء الأمم المتحدة المستقلين خطابًا رسميًا موجّهًا إلى حكومة عبدالفتاح السيسي، أدانوا فيه ما اعتبروه "نمطًا منهجيًا ومتكررًا من الانتهاكات الجسيمة" بحق 15 مواطنًا، من بينهم شخصيات سياسية وصحفية بارزة، وفق ما كشفته "الجبهة المصرية لحقوق الإنسان" التي قدمت الشكاوى والمعلومات الموثقة.
الخطاب المؤرخ في 15 سبتمبر الماضي جاء عقب تلقي الأمم المتحدة ملفات وشهادات توثق سلسلة من الانتهاكات، تتنوع بين الاحتجاز التعسفي المطوّل، وإعادة تدوير القضايا، والاختفاء القسري، والتعذيب، والإدراج التعسفي على قوائم الإرهاب، وهي ممارسات قالت الجبهة إنها أصبحت جزءًا ثابتًا من تعامل السلطات مع المعارضين والمنتقدين.
شكاوى تتعلق بالصحفيين.. وتجاهل رسمي مستمر
أوضح المدير التنفيذي للجبهة المصرية، أحمد عطالله، أن من بين الشكاوى الثلاث التي رُفعت للأمم المتحدة، شكوى خاصة تتعلق بالصحفيين المدرجين على قوائم الإرهاب في القضية التي شملت لاعب الكرة محمد أبو تريكة وآلاف الأشخاص.
وقال عطالله إن "القرارات الأخيرة برفع أسماء المئات من القائمة تجاهلت بشكل متعمد أسماء الصحفيين، رغم غياب أي أساس قانوني لإدراجهم من البداية".
وتشير الجبهة إلى أن هذا التجاهل يستمر رغم الانتقادات الدولية الواسعة لاستخدام تلك القوائم كأداة عقابية ضد الإعلاميين والناشطين.
سياسيون وصحفيون في دائرة الاستهداف
ضمّ الخطاب الأممي أسماء بارزة، أبرزها السياسيون عصام وجهاد الحداد، وأسماء صحفية معروفة مثل هشام جعفر، حسام عثمان، وتوفيق غانم، إضافة إلى أنس البلتاجي، نجل القيادي الإخواني المعتقل محمد البلتاجي.
كما سلط الخبراء الضوء على حالة آسر زهر الدين، الذي ألقي القبض عليه عام 2016 وهو طفل لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره، قبل أن يدخل في دوامة "التدوير" ويظل محتجزًا حتى الآن دون محاكمة عادلة.
انتقادات أممية لقوانين مكافحة الإرهاب
الخبراء، ومن بينهم الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، أعربوا عن "قلق بالغ" من الاستخدام الواسع وغير المشروع لقوانين مكافحة الإرهاب لقمع المعارضة السلمية.
وجاء في الخطاب أن هذه القوانين، بصيغها الحالية وبطريقة تطبيقها، باتت تستخدم لتبرير الاحتجاز المطول والتدوير وحرمان المتهمين من حقوقهم الأساسية.
وطالب الخبراء الحكومة بتقديم توضيحات عاجلة حول الأساس القانوني للاعتقالات وإعادة تدوير القضايا، ومعايير إدراج المواطنين—خصوصًا الصحفيين—على قوائم الإرهاب.
أسئلة تنتظر إجابات رسمية
شدد الخطاب على ضرورة:
- توضيح مدى توافق تشريعات مكافحة الإرهاب مع الالتزامات الدولية لمصر.
- الكشف عن الإجراءات المتخذة للتحقيق في مزاعم الاختفاء القسري والتعذيب.
- ضمان تقديم رعاية طبية عاجلة للمحتجزين.
- الكشف عما إذا كانت السلطات تعتزم رفع أسماء الصحفيين من قوائم الإرهاب.
- وقف الانتهاكات الموثقة وحماية سلامة الأشخاص المدرجين في الشكاوى.
وأكد الخبراء أنه في حال ثبوت هذه الانتهاكات، فإنها تمثل خرقًا خطيرًا لالتزامات مصر الدولية وتعكس أزمة متجذرة في منظومة العدالة الجنائية، مع الاعتماد الممنهج على قوانين الطوارئ ومكافحة الإرهاب في استهداف الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
343 توصية أممية لمصر في المراجعة الدورية
تأتي هذه التطورات في سياق ضغوط أممية متزايدة، إذ قدمت 137 دولة أكثر من 370 توصية لمصر خلال جلسة المراجعة الدورية الشاملة في 28 يناير الماضي، جرى دمج المتشابه منها ليصبح العدد النهائي 343 توصية.
وتغطي هذه التوصيات نطاقًا واسعًا من القضايا أبرزها:
- التعذيب والاختفاء القسري
- تدوير المحبوسين
- الاعتقال السياسي
- القوانين المنظمة للجمعيات والصحافة
- القيود على المجتمع المدني
- حقوق النساء
- تراجع الإنفاق الاجتماعي
مصر السادسة عالميًا في عدد الصحفيين السجناء
في سياق متصل، تشير بيانات دولية إلى أن مصر تحتل المرتبة السادسة عالميًا في عدد الصحفيين المسجونين خلال العام الماضي، إذ وصل عددهم إلى 24 صحفيًا.

